الذكاء الاصطناعي يعثر على 56 عدسة ثقالية محتملة

طوّر مجموعة من علماء الفلك من جامعة غروننغن Groningen ونابلز Naples وبون Bonn طريقة للعثور على التأثيرات العدسية التثاقلية gravitational lenses في الكم الهائل من المرصودات، وتستند الطريقة على نفس خوارزمية الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها غوغل Google وفيسبوك Facebook وتسلا Tesla في السنوات الأخيرة، وقد نشر الباحثون طريقتهم مع 56 مرشحاً جديداً للعدسات الثقالية في عدد تشرين الثاني/نوفمبر لمجلة (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society).

 
تظهر هذه الصورة عينة من صور يدوية الصنع للعدسات الثقالية التي استخدمها علماء الفلك لتدريب شبكتهم العصبية. حقوق الصورة: إنريكو بيتريللو، جامعة غرونينغن. Credit: Enrico Petrillo, University of Groningen
تظهر هذه الصورة عينة من صور يدوية الصنع للعدسات الثقالية التي استخدمها علماء الفلك لتدريب شبكتهم العصبية. حقوق الصورة: إنريكو بيتريللو، جامعة غرونينغن. Credit: Enrico Petrillo, University of Groningen
 
عندما تختبئ مجرةٌ خلف أُخرى يمكننا أن نرى أحياناً المجرة المختبئة حول النظام الموجود في المقدمة، وتُدعَى هذه الظاهرة بمفعول العدسة الثقالية (Gravitational Lens) وذلك لأنها ناتجة عن نظرية النسبية العامة (General Relativity Theory) لأينشتاين Einstein والتي تنص على أنّه بمقدور الكتلة ثني الضوء، ويبحث علماء الفلك عن العدسات الثقالية لأنها تساعد في أبحاث المادة المظلمة (Dark Matter).
 
يحتاج البحث عن العدسات الثقالية إلى بذل الكثير من الجهد، فيتوجب على علماء الفلك فرزُ آلاف الصور، ويعاونهم في ذلك متطوعون متحمسون حول العالم، ولغاية الآن، يتماشى البحث إلى حد بعيد أو قريب مع توفر الصور الجديدة، ولكن بفضل عمليات الرصد الجديدة باستخدام تلسكوبات مخصصة تعكس مساحات كبيرة من السماء، تُضاف الملايين من الصور، ولا يستطيع البشر مواكبة تلك الوتيرة.
 
وللتعامل مع الكمية المتزايدة من الصور، استخدم علماء الفلك ما يُسمى بالشبكة العصبية الالتفافية (Convolutional Neural Networks)، وقد استخدمت غوغل مثل هذه الشبكات العصبية للفوز في مباراة غو Go ضد بطل العالم. وتستخدمهم فيسبوك للتعرف على ما في الصور الموجودة في التسلسل الزمني للأحداث الخاص بك، كما أنّ تسلا تقوم بتطوير مركبات ذاتية القيادة بفضل الشبكات العصبونية.
 
درّب علماء الفلك الشبكة العصبية عن طريق استخدام ملايين الصور محلية الصُنع للعدسات الثقالية، وبعدها عرضوا ملايين الصور من رقعة صغيرة في السماء على الشبكة، وكان لدى الرقعة هذه مساحة سطحية تُقدَّر بــ 255 درجة مربعة، وهذا أكبر من 50 بالمائة من السماء.
 
اكتشف علماء الفلك مع مساعدة من الذكاء الاصطناعي 56 مرشحاً محتملاً ليكون عدسة ثقالية. في هذه الصورة ثلاثة منها حقوق الصورة: كارلو إنريكو بيتريللو، جامعة غرونينغن Credit: Carlo Enrico Petrillo, University of Groningen
اكتشف علماء الفلك مع مساعدة من الذكاء الاصطناعي 56 مرشحاً محتملاً ليكون عدسة ثقالية. في هذه الصورة ثلاثة منها حقوق الصورة: كارلو إنريكو بيتريللو، جامعة غرونينغن Credit: Carlo Enrico Petrillo, University of Groningen
 

العدسات الثقالية المحتملة


مبدئياً، وجدت الشبكة العصبية 761 مرشحاً للعدسات الثقالية، وبعد الفحص النظري الذي قام به علماء الفلك قللوا العينة إلى 56، وما زالت هناك حاجة لتأكيد الـ 56 عدسة جديدة عن طريق التلسكوبات مثل تلسكوب هابل الفضائي (Hubble Space Telescope).
 
بالإضافة إلى إعادة اكتشاف الشبكة العصبية لعدستين معروفتين، فإنه للأسف لم تُؤكد اكتشاف الشبكة العدسة الثالثة والمعروفة، وهي عدسة صغيرة حيث أنّ الشبكة لم تُدرَّب على هذا الحجم بعد، إذ يَودُّ الباحثون في المستقبل تطوير الشبكة العصبية الخاصة بهم على نحو أفضل حتى تتمكن من رصد العدسات الأصغر واستبعاد المزيف منها، والهدف النهائي هو الاستغناء تماماً عن أي فحص نظري في البحث.
 

المسح درجة-كيلو Kilo-Degree


يقول المؤلف الرئيسي للمنشور العلمي كارلو انريكو بيتريللو Carlo Enrico Petrillo جامعة غرونينغن في هولندا: "هذه أول مرة تُستعمل فيها الشبكة العصبية الالتفافية لإيجاد أهداف غريبة في مسح فلكي، وأعتقد بأنها ستصبح عادية بما أن المسوحات الفلكية المستقبلية ستنتج عنها كمية هائلة من البيانات التي من الضروري فحصها، وليس لدينا العدد الكافي من علماء الفلك للتأقلم مع ذلك".
 
جاءت البيانات التي عالجتها الشبكة العصبية من مسح درجة-كيلو Kilo-Degree، ويستخدم المشروع تلسكوبَ المسح الكبير جداً (VLT Survey Telescope) التّابع للمرصد الأوروبيّ الجنوبيّ (European Southern Observatory (ESO الموجود على جبل بارانال في تشيلي (Mount Paranal Chile)، إضافة إلى الكاميرا البانورامية المصاحبة أوميغا كام OmegaCAM التي طُوّرت تحت قيادة هولندية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • النسبية العامة (General Relativity): هي النظرية الهندسية للجاذبية. تم تطوير هذه النظرية من قبل البرت اينشتاين، و هي توسعة و مزج مع النسبية الخاصة. تقوم هذه النظرية بتوسيع مفهوم نظرية النسبية الخاصة، لتشمل جمل الإحداثيات التي تتحرك بتسارعٍ معين وتقدم هذه النظرية مفهوم التكافؤ بين قوى الجاذبية وقوى القصور الذاتي، كما أن لهذه النظرية مجموعة من النتائج التي تتعلق بكل من هذه المواضيع، كانحناء الضوء جرّاء وجود الأجسام فائقة الكتلة، و طبيعة الثقوب السوداء، و نسيج الزمان والمكان. المصدر: ناسا
  • المادة المظلمة (Dark Matter): وهو الاسم الذي تمّ إعطاؤه لكمية المادة التي اُكتشف وجودها نتيجة لتحليل منحنيات دوران المجرة، والتي تواصل حتى الآن الإفلات من كل عمليات الكشف. هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح طبيعة المادة المظلمة، لكن لم تنجح أي منها في أن تكون مقنعة إلى درجة كافية، و لا يزال السؤال المتعلق بطبيعة هذه المادة أمراً غامضاً.

اترك تعليقاً () تعليقات