طوّر مجموعة من علماء الفلك من جامعة غروننغن Groningen ونابلز Naples وبون Bonn طريقة للعثور على التأثيرات العدسية التثاقلية gravitational lenses في الكم الهائل من المرصودات، وتستند الطريقة على نفس خوارزمية الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها غوغل Google وفيسبوك Facebook وتسلا Tesla في السنوات الأخيرة، وقد نشر الباحثون طريقتهم مع 56 مرشحاً جديداً للعدسات الثقالية في عدد تشرين الثاني/نوفمبر لمجلة (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society).
عندما تختبئ مجرةٌ خلف أُخرى يمكننا أن نرى أحياناً المجرة المختبئة حول النظام الموجود في المقدمة، وتُدعَى هذه الظاهرة بمفعول العدسة الثقالية (Gravitational Lens) وذلك لأنها ناتجة عن نظرية النسبية العامة (General Relativity Theory) لأينشتاين Einstein والتي تنص على أنّه بمقدور الكتلة ثني الضوء، ويبحث علماء الفلك عن العدسات الثقالية لأنها تساعد في أبحاث المادة المظلمة (Dark Matter).
يحتاج البحث عن العدسات الثقالية إلى بذل الكثير من الجهد، فيتوجب على علماء الفلك فرزُ آلاف الصور، ويعاونهم في ذلك متطوعون متحمسون حول العالم، ولغاية الآن، يتماشى البحث إلى حد بعيد أو قريب مع توفر الصور الجديدة، ولكن بفضل عمليات الرصد الجديدة باستخدام تلسكوبات مخصصة تعكس مساحات كبيرة من السماء، تُضاف الملايين من الصور، ولا يستطيع البشر مواكبة تلك الوتيرة.
وللتعامل مع الكمية المتزايدة من الصور، استخدم علماء الفلك ما يُسمى بالشبكة العصبية الالتفافية (Convolutional Neural Networks)، وقد استخدمت غوغل مثل هذه الشبكات العصبية للفوز في مباراة غو Go ضد بطل العالم. وتستخدمهم فيسبوك للتعرف على ما في الصور الموجودة في التسلسل الزمني للأحداث الخاص بك، كما أنّ تسلا تقوم بتطوير مركبات ذاتية القيادة بفضل الشبكات العصبونية.
درّب علماء الفلك الشبكة العصبية عن طريق استخدام ملايين الصور محلية الصُنع للعدسات الثقالية، وبعدها عرضوا ملايين الصور من رقعة صغيرة في السماء على الشبكة، وكان لدى الرقعة هذه مساحة سطحية تُقدَّر بــ 255 درجة مربعة، وهذا أكبر من 50 بالمائة من السماء.
العدسات الثقالية المحتملة
مبدئياً، وجدت الشبكة العصبية 761 مرشحاً للعدسات الثقالية، وبعد الفحص النظري الذي قام به علماء الفلك قللوا العينة إلى 56، وما زالت هناك حاجة لتأكيد الـ 56 عدسة جديدة عن طريق التلسكوبات مثل تلسكوب هابل الفضائي (Hubble Space Telescope).
بالإضافة إلى إعادة اكتشاف الشبكة العصبية لعدستين معروفتين، فإنه للأسف لم تُؤكد اكتشاف الشبكة العدسة الثالثة والمعروفة، وهي عدسة صغيرة حيث أنّ الشبكة لم تُدرَّب على هذا الحجم بعد، إذ يَودُّ الباحثون في المستقبل تطوير الشبكة العصبية الخاصة بهم على نحو أفضل حتى تتمكن من رصد العدسات الأصغر واستبعاد المزيف منها، والهدف النهائي هو الاستغناء تماماً عن أي فحص نظري في البحث.
المسح درجة-كيلو Kilo-Degree
يقول المؤلف الرئيسي للمنشور العلمي كارلو انريكو بيتريللو Carlo Enrico Petrillo جامعة غرونينغن في هولندا: "هذه أول مرة تُستعمل فيها الشبكة العصبية الالتفافية لإيجاد أهداف غريبة في مسح فلكي، وأعتقد بأنها ستصبح عادية بما أن المسوحات الفلكية المستقبلية ستنتج عنها كمية هائلة من البيانات التي من الضروري فحصها، وليس لدينا العدد الكافي من علماء الفلك للتأقلم مع ذلك".
جاءت البيانات التي عالجتها الشبكة العصبية من مسح درجة-كيلو Kilo-Degree، ويستخدم المشروع تلسكوبَ المسح الكبير جداً (VLT Survey Telescope) التّابع للمرصد الأوروبيّ الجنوبيّ (European Southern Observatory (ESO الموجود على جبل بارانال في تشيلي (Mount Paranal Chile)، إضافة إلى الكاميرا البانورامية المصاحبة أوميغا كام OmegaCAM التي طُوّرت تحت قيادة هولندية.