يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
اكتشاف نجم نادر غني بالكالسيوم

قبل 2000 عامٍ تقريباً، رصد علماء الفلك الصينيون القدماء أول انفجار مستعرٍ أعظم أو سوبرنوفا (supernova) موثقٍ في التاريخ، وشاهدوا على حد قولهم "نجماً زائراً" متوهجاً في سماء الليل عام 185.


وبعد ألفي سنةٍ من ذلك، اقترح العلماء عدة تفسيراتٍ لسبب ظهور بقايا المستعر الأعظم المعروفة باسم RCW 86. يعتقد فريق من علماء الفيزياء الفلكية أنهم توصلوا إلى الإجابة عن ذلك السؤال: نتج المستعر الأعظم عن انفجار نجمٍ في نظامٍ نجميٍ ثنائي (binary star system)، الذي أدى لعصف نجمه المرافق بسيلٍ من العناصر الثقيلة، التي تضمنت عنصر الكالسيوم.

 


في دراسةٍ سابقة، قدم فاسيلي غفارامادز Vasilli Gvaramadze من جامعة لومونوسوف موسكو الحكومية في روسيا فرضيةً تنص على أنّ شكل RCW 86 الذي يُشبه شكل فاكهة الأجاص قد يكون نتج عن انفجار مستعرٍ أعظم قرب حافة "فقاعةٍ" نفختها رياح نجم ضخمٍ متحرك، ويُعرف ذلك باسم فقاعة الرياح النجمية (stellar wind bubble).


تمكن غفارامادز باستخدام مرصد شاندرا للأشعة السينية Chandra X-ray Observatory من رصد نجمٍ نيوترونيٍ (neutron star) مرشحٍ لذلك الانفجار، والمُسمى [GV2003] N، حيث اعتُقد أنه النجم النيوتروني المُتبقي بعد انفجار المستعر الأعظم الذي أنتج بقايا RCW 86.

حقوق الصورة: الأشعة السينية: NASA/CXC/SAO & ESA الأشعة تحت الحمراء: NASA/JPL-Caltech/B. Williams (NCSU)
حقوق الصورة: الأشعة السينية: NASA/CXC/SAO & ESA الأشعة تحت الحمراء: NASA/JPL-Caltech/B. Williams (NCSU)


ينتج انفجار المستعر الأعظم عندما ينفد مخزون نجم كبير من الوقود النووي باقتراب نهاية حياته. وبينما يحدث ذلك، يبدأ النجم باستهلاك اللب الخاص به، الذي يؤدي بدوره لانفجارٍ كبيرٍ عندما ينهار اللب، وقد ينتج بعد ذلك ثقبٌ أسود فائق الكتلة (supermassive black hole) أو نجمٌ نيوتروني.


اعتُقد في هذه الحالة أنّ المستعر الأعظم قد أنتج النجم النيوتروني [GV2003] N. ولكن هناك مشكلةٌ واحدة، فمن المفترض أن تكون النجوم النيوترونية خافتةً جداً. مع ذلك أظهرت بياناتٌ من عام 2010 أنّ نجم [GV2003] N كان في الواقع ساطعاً جداً بالنسبة لنجمٍ نيوتروني.

قال غفارامادز: "لقد التقطنا صوراً لنجم [GV2003] N باستخدام كاشف انفجارات أشعة غاما البصري/القريب من نطاق الأشعة تحت الحمراء (GROND) ذي القنوات السبع الموجود ضمن التلسكوب البالغ قطره 2.2 متر في المرصد الأوروبي الجنوبي (ESO)، وذلك من أجل تحديد طبيعة النجم البصري في حالة  [GV2003] N".

قدمت عمليات الرصد لغزاً آخر، حيث أشار ضوء النجم إلى أنه نجمٌ من النوع G مثل شمسنا. ولكن، يبدو أنّ النجم يُصدر كمياتٍ كبيرةٍ جداً من الأشعة السينية بالنسبة لنجم من ذلك النوع. إذاً، ما هو التفسير المنطقي لذلك؟ لقد تبين أننا لم نكن ننظر إلى نجمٍ واحد بعد كل ذلك.


قال غفارامادز: "في حالة النجم [GV2003] N، وبما أنه نجمٌ من النوع G، فيجب أن يصدر عنه كمية أشعة سينية أقل من ذلك بكثير. بالتالي استنتجنا أننا ننظر في الواقع إلى نظامٍ نجميٍ ثنائي يتكون من نجمٍ نيوتروني (النجم [GV2003] N عند الرصد ضمن نطاق الأشعة السينية) إضافةً إلى نجمٍ من النوع G (المرئي ضمن نطاق الضوء المرئي)".

arcmin: دقيقة قوسية / arcsec : ثانية قوسية حقوق الصورة: Vasilii Gvaramadze
arcmin: دقيقة قوسية / arcsec : ثانية قوسية حقوق الصورة: Vasilii Gvaramadze


هذا يعني أنه من الممكن أنّ انفجار المستعر الأعظم قد كان مرحلةً دراماتيكيةً في تطور هذا النظام النجمي الثنائي، حيث جرى خلالها انفجار أحد النجمين كمستعرٍ أعظم، ما أدى لتلويث نجمه المرافق بمجموعةٍ من العناصر الثقيلة، تاركاً إياه بستة أضعاف كمية الكالسيوم المتوقعة في نجمٍ كهذا.


ومن أجل التحقق من صحة هذا الفرضية، بحث فريق في بيانات عمليات الرصد المأخوذة من التلسكوب الكبير جداً الموجود في المرصد الأوروبي الجنوبي (ESO) في تشيلي. وبالفعل، أكدت القياسات أن النجم [GV2003] N هو في الواقع نظامٌ نجميٌ ثنائي يتكون من نجمين يدوران حول بعضهما مرةً كل شهر.


صرّح الباحثون أنه ما يزال هناك الكثير من الأمور التي لا نعلمها عن هذا النظام النجمي الثنائي، لكن ذلك يعطينا فرصةً عظيمةً لمعرفة المزيد عن هذا المستعرات العظيمة النادرة والغنية بالكالسيوم، التي يفهمها العلماء بشكل محدود حالياً. إلى ذلك الحين، ينوي غفارامادز وفريقه مواصلة دراسة [GV2003] N، لتعلم المزيد عنه.


قال غفارامادز: "سوف نحدد المعاملات المدارية (orbital parameters) لذلك النظام النجمي الثنائي، وسنقدر الكتلة الابتدائية والنهائية للنجم قبل وبعد انفجار المستعر الأعظم إضافةً إلى سرعة الانطلاق التي اكتسبها النجم النيوتروني عند ولادته. وعلاوةً على ذلك، سنقيس أيضاً وفرة العناصر الأخرى في الغلاف الجوي الخاص بالنجم ذي النوع G، حيث قد تكون تلك المعلومات حاسمةً في فهم طبيعة انفجارات المستعر الأعظم الغنية بالكالسيوم".

نُشرت النتائج في مجلة Nature Astronomy.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • النجم النيوتروني (Neutron star): النجوم النيوترونية هي أحد النهايات المحتملة لنجم. وتنتج هذه النجوم عن نجوم فائقة الكتلة -تقع كتلتها في المجال بين 4 و8 ضعف كتلة شمسنا. فبعد أن يحترق كامل الوقود النووي على النجم، يُعاني هذا النجم من انفجار سوبرنوفا، ويقوم هذا الانفجار بقذف الطبقات الخارجية للنجم على شكل بقايا سوبرنوفا جميلة.
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات