يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
علماء الفيزياء الفلكية يجدون أن التناغم الكوكبي (الرنين المداري) حول ترابيست -1 قد حفظه من الدمار

 صورة فنية لسبعة كواكب بحجم الارض حول ترابيست-1.


حقوق الصورة: ناسا


تسبب إعلان ناسا عن اكتشاف نظام ترابيست-1 في فبراير/شباط الماضي في إحداث ضجة كبيرة، ولسبب وجيه. حيث تقع ثلاثة من أصل سبعة كواكب بحجم الارض في النطاق الصالح للحياة حول النجم. مما يعني أنها قد تأوي ظروفًا مناسبة للحياة. ولكن أحد الألغاز الرئيسية في البحث الأصلي هو وصفه بالنظام اللامستقر. 


يقول دان تامايو Dan Tamayo، باحث ما بعد الدكتوراه في مركز علوم الكواكب في جامعة تي سكاربورو: "عند محاكاة النظام، فإن الكواكب تبدأ بالاصطدام في بعضها البعض في أقل من مليون عام. قد يبدو هذا وقتًا طويلًا، لكن تلك الفترة تعتبر غمضة عينٍ من الناحية الفلكية. من حسن الحظ أننا اكتشفنا ترابيست-1 قبل انهياره، لذلك لا بد من وجود سبب لبقاء هذا النظام مستقرًا". 


يبدو أنّ تامايو وزملائه قد وجدوا السبب وراء ذلك. وفقًا للبحث الذي نُشِرَ في مجلة Astrophysical Journal Letters، فإن الكواكب في نظام ترابيست-1 هي في حالةٍ تُسمى "سلسلة الرنين resonant chain" التي تجعل بدورها النظام يستقر بشكل قوي.


وفي تكوينات الرنين، تشكل الفترات المدارية للكواكب نسبًا من أرقامٍ صحيحة. إنه مبدأ تقني جدًا، وللتمثيل الجيدٍ على ذلك دوران نبتون ثلاث مرات حول الشمس في مقدار الوقت الذي يستغرقه بلوتو ليدور مرتين. وهذا جيد لبلوتو لأنه بخلاف ذلك فلن يكون موجودًا. وبما أنّ مداري الكوكبين يتقاطعان، ولو كانت الأمور عشوائية، لاصطدما. لكن بسبب الرنين، فإن مواقع الكواكب بالنسبة لبعضها تتكرر باستمرار.

يقول مات روسو Matt Russo، باحث ما بعد الدكتوراه في المعهد الكندي للفيزياء الفلكية النظرية (سيتا) الذي يعمل على طرق مبتكرة لتصور النظام: "هناك نمط تكرار إيقاعي يضمن استقرار النظام على مدى فترة طويلة من الزمن".


يأخذ ترابست-1 هذا المبدأ إلى مستوى آخر تمامًا مع كل الكواكب السبعة الأخرى الموجودة في سلسلة من الرنين. ولتوضيح هذا التكوين الرائع، قام تامايو وروسو وزميلهما أندرو سانتاغويدا Andrew Santaguida بإنتاج رسوم متحركة تُصدر فيها الكواكب نغمة بيانو في كل مرة تمر فيها أمام نجمها المضيف، وتصدر قرع طبل في كل مرة يتخطى فيها كوكب أقرب جيرانه.


يمكنك الاستماع إلى تلك الموسيقى على الرابط التالي


 



ولأن فترات الكواكب هي نسب بسيطة من بعضها البعض، تنتج حركتهم نمط تكرار ثابت يشبه كيفية عزفنا للموسيقى. عند تسريع الترددات المدارية للكواكب إلى نطاق السمع البشري، ينتج عن ذلك سمفونية فيزياء فلكية رائعة تُعزَف على بعد أكثر من 40 سنة ضوئية.

يقول روسو: "مُعظم أنظمة الكواكب تشبه فرقًا للموسيقيين الهواة الذين يؤدون أدوارهم بسرعات مختلفة. "تراببيست-1 مختلف؛ إنه فريقٌ ممتاز، يؤدي الأعضاء السبعة فيه أدوارهم بالتزامن مع بعضهم البعض وفي وقتٍ مثاليِ تقريبا".


ولكن حتى المدارات المتزامنة لا تنجو بالضرورة لفترة طويلة. ولأسباب فنية، تتطلب نظرية الفوضى أيضًا تحالفات مدارية دقيقة لضمان استقرار الأنظمة. هذا يمكن أن يفسر لماذا أدت المحاكاة التي تم القيام بها في ورقة الاكتشاف الأصلية بسرعة إلى تصادم الكواكب مع بعضها البعض.

 

ويقول روسو: "إنّ الأمر ليس عن النظام المحكوم عليه بالفشل، بل إنّ التكوينات المستقرة دقيقة جدًا. لا يمكننا قياس جميع المُعاملات المدارية جيدًا بما فيه الكفاية في الوقت الراهن، وعليه فإن أنظمة المحاكاة تقود إلى الاصطدامات باستمرار لأن عملية المحاكاة ليست دقيقة". ومن أجل التغلب على ذلك، نظر تامايو وفريقه إلى النظام ليس كما هو عليه اليوم، ولكن إلى الكيفية التي تشكل بموجبها في الأصل.

وبينما كان النظام يتولّد من قرص غازي، كان ينبغي للكواكب أن تهاجر بالنسبة لبعضها البعض، سامحًا للنظام بطبيعة الحال أن يستقر في تكوين رنين ثابت.
ويقول روسو: "هذا يعني أنه في وقتٍ مبكرٍ، تم ضبط مدار كل كوكب لجعله متناغمًا مع جيرانه، بنفس الطريقة التي يتم فيها ضبط الألات من قبل الفرقة قبل أن تبدأ في العزف". هذا هو السبب في إنتاج الرسوم المتحركة لمثل هذه الموسيقى الجميلة".


اختبر الفريق عمليات المحاكاة باستخدام حاسوب المُحاكاة الفائق المُسمى supercomputing cluster في المعهد الكندي للفيزياء الفلكية النظرية (سيتا) ووجدوا أنّ غالبية عمليات المحاكاة التي انتجوها ظلت مستقرة لأطول فترةٍ ممكنة. كان ذلك أطول بحوالي 100 مرة من عملية المحاكاة في ورقة البحث الأصلية.


يقول تامايو: "يبدو ذلك شاعريًا نوعًا ما، حيث إنّ هذا التكوين المميز الذي يمكن أن يولِّد مثل هذه الموسيقى الرائعة يمكن أيضًا أن يكون مسؤولًا عن بقاء النظام حتى يومنا هذا".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات