طائر أبو منجل الأصلع أحد الطيور البرية المعرضة للانقراض في سوريا وليبيا

لقد انقرض طائر أبو منجل الشمالي الآن في الشرق الأوسط، حيث شوهد آخر فردٍ من هذه المجموعة السورية المميزة جينياً –أنثى مطوقة تدعى زنوبيا - آخر مرة في تدمر في عام 2014، قبل عدة أشهر من ظهور مقاتلي داعش، كما يقول غاينلوكا سيرا ،Gianluca Serra وهو عالم أحياء إيطالي يُعنى بالمَحميَّات وهو المتابع الأكثر مثابرة لهذا الطائر. وقد اختفى أبو منجل الأصلع منذ ذلك الوقت. 



طائر أبو منجل الأصلع يلتقط السمك من الماء. أبو منجل الأصلع: خسائر حرب! مصدر الصورة: غيتي Getty
طائر أبو منجل الأصلع يلتقط السمك من الماء. أبو منجل الأصلع: خسائر حرب! مصدر الصورة: غيتي Getty
ومع عدم وجود أفراد آخرين للتزاوج فقد كان مستقبل الطائر محتوماً على الأرجح حتى قبل مجيء داعش، إلا أنَّ قصة زنوبيا ترمز إلى المأزق الذي تعيشه الحيوانات البرية في منطقة تغمرها الصراعات. لقد قادت المشاكل الأخيرة التي حصلت هناك إلى مأساة إنسانية إلى جانب تدمير الأوابد التاريخية والثقافية، ويبدو الآن أن الطبيعة لم تسلم منها أيضاً.



عبر الشرق الأوسط وأجزاء من شمال أفريقيا، تقضي الحرب الأهلية، والصيد غير الشرعي لشراء الأسلحة، وحاجة اللاجئين الملحة للطعام والحطب على آخر ما تبقى من الكائنات البرية وتدمِّر مواطنها. إنَّ أعداد الغزلان في صحارى شمال ليبيا كانت مزدهرة إلى وقتٍ قريب كما يقول غاس جينتزبرغر Gus Gintzburger، وهو عالم بيئي وحارس للمحميات الطبيعية على دراية كافية بالبلد، وهو يعمل الآن في مارينيوب Mariginiup،غرب أستراليا.



ويتابع قائلاً أنَّه ومنذ سقوط العقيد القذافي يقتل الصيادون الحيوانات البرية من أجل التسلية واللحم في القفارى الخارجة عن سيطرة القانون في الجنوب المتوحش ويقول: " لا يُستورد اللحم في ليبيا هذه الأيام، والرعاة المحليون يقومون بادخار حيواناتهم من الجمال والغنم والماعز كرؤوس أموال لإنهم لا يثقون بالبنوك، لذا يلجأ الناس إلى استهلاك لحم الحيوانات البرية."



ــ الغزال في خطر كبير 


الغزال نحيل القرون Gazella leptoceros، في خطرٍ أعظم، وهو المصنف كحيوان معرض للانقراض من قبل الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة International Union for the Conservation of Nature اختصارًا IUCN. حيث نقل الاتحاد أن أعداد هذا النوع قد شهدت انخفاضًا خطيرًا في السنوات القليلة الماضية، وحتى أنَّه منذ عقدٍ من الزمن اعتقد الاتحاد أن بضعة مئات منها فقط لاتزال في البرية، معظمها في ليبيا والجزائر. وبسبب وجود العصابات المدججة بالسلاح التي تطوف الصحراء لم تُذكرعودة أي من علماء الحيوان لتفقد الغزلان التي بقيت على قيد الحياة. وكذلك يتم اصطياد الطيور المهاجرة من أوروبا كطيور الكركي والنُّحام والحباريات ومالك الحزين بأعدادٍ كبيرةٍ في الأهوار الساحليَّة التي لم تعد محمية وفقاً للأمانة الليبية لحماية الحياة البرية LibyaWildlife Trust.



ويقول بن ميلر Ben Miller من حدائق منتزه الملوك Kings Park النباتية في بيرث في أستراليا أن غابات العرعر الساحلية والتي تعتبر ثروة في ليبيا مهددة أيضاً. فقبل بدء الصراع في ليبيا عام 2011 أدار ميلر مشروعاً مع جامعة عمر المختار في البيضاء لحماية الغابات في منطقة الجبل الأخضر ، وهي منطقة تمتاز بتنوعها الحيوي قرب بنغازي موطن حيوان الزبانة Crocidura aleksandrisi. ويشير ميلر إلى أنَّ الجماعات المسلحة استغلت الفوضى منذ عام 2011 لتملأ الغابات وتقتطع الأراضي لتستغلها بالزِّراعة. لم تكن المناطق المحميَّة في ليبيا واسعة في يوم من الأيام، ولكن تلك الموجودة منها تتعرض لتهديدات خطيرة.



ويقول جينتزبرغر أنه قام في عام 2008 بتسيّج منطقة بمساحة 70 هكتار حول واحة جبيبينا بالقرب من الحدود التونسية لحماية الطيور المهاجرة التي كانت تستريح هناك قبل مواصلة رحلتها إلى الجنوب. يقول: "آخر الأنباء التي وصلت إليّ تقول أن هذا المكان قد اصبح الآن مفتوحاً تماماً للصيادين غير الشرعيين والمقاتلين الذين يطلقون النار على البط ومالك الحزين وطائر الكركي وعلى بعضهم البعض باستخدام الكلاشنكوف."

 

 

ــ فيلة مالي وفُهود اليمن 


يهدّد الصراع الليبي الحياة البرية في المناطق المجاورة أيضاً. يقول مراقبو الأمم المتحدة أن الأسلحة التي استخدمت مؤخراً في قتل مجموعة نادرة من الفيلة الصحراوية في شمالي مالي أتت من ليبيا.

جيفة فيل تمَّ تفجير رأسه إلى أشلاء. رويترز
جيفة فيل تمَّ تفجير رأسه إلى أشلاء. رويترز


ووفقاً لمشروع مالي للفيلة Mali Elephant Project في مؤسسة وايلد WILD Foundation فإنَّه من المحتمل أن تنقرض جميع فيلة مالي في غضون ثلاث سنوات، وربما يكون العاج مصدر تمويل الميلشيات في ليبيا والصحارى.



الأمور في اليمن سيئة أيضاً، حيث تعاني البلاد من حرب أهلية. وتخشى مؤسسة حماية النمور العربية على مستقبل واحد من أكثر سنوريات العالم تعرضاً لخطر الانقراض. حيث يعيش أقل من 200 نمر في البرية هنا وفي عُمان المجاورة، ويجوب هذا الحيوان في الجبال جنوب العاصمة صنعاء حيث تحارب الحكومة الانفصاليين منذ قرابة عقدٍ من الزمن. وآخر مرة مؤكدة شوهد فيها هذا الحيوان كانت منذ حوالي 18 شهراً عندما نشرت وسائل الإعلام المحلية صوراً لثلاثة نمورٍ مقتولة في حوزة صيادين مسلحين غير شرعيين.



ربما انقرض طائر أبو منجل الأصلع الشمالي في سوريا بالفعل، ولكن هناك الكثير من الأمور على المحك حيث يقول حسان برتو في برنامج البيئة التابع لهيئة الأمم المتحدة في جنيف: " هناك قلقٌ كبيرٌ حول الإزالة العشوائية للغابات في الجبال الساحلية."

 


" إنَّ أكثر من مليون شخص فرُّوا من منطقة الصراع حول مدينة حلب باتجاه المناطق الساحلية وغابات البحر المتوسط ". تقول الدكتورة عَروب وهي عالمة بيئة حكومية في الهيئة العامة للتقانة الحيوية في دمشق: "يحتاج هؤلاء الناس لتلبية حاجاتهم الأساسية من الطعام، والكهرباء، والوقود من أجل التدفئة والطهي وضخ المياه، وليس لديهم أي خَيار سوى فعل ذلك في المناطق المحمية.



" وتتابع قائلةً أنَّ حرائق الغابات قد اندلعت بشكلٍ خارجٍ عن السيطرة في العديد من الغابات الساحلية. لقد قاست غابة الفرنلق السورية "الفرلُّق" الكثير، وقد كانت غابة محمية فيما مضى على الحدود مع تركيا تمكنت القوات السورية مؤخرًا من استعادتها بعد سيطرة الجماعات المسلحة عليها. وتضيف عروب المصري: " درجة التوطن هنا مرتفعة، وتوجد العديد من الأنواع المهددة على المستوى الوطني في هذه المنطقة، بما فيها السنديان الأشعر Quercus cerris، والبلوط البلدي. لايزال الحراس يحاولون حماية هذه المناطق، إلا أن الفوضى مُنتشرة، وتقوم فرق المحميات بالتفاوض يوميًا مع السكان المحليين لتقليل الضرر إلى الحد الأدنى، ولكن لا يستطيع أحدٌ الآن منع قطع الأشجار في الفترة الراهنة."

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات