في عام 2016 أدت العواصف العاتية إلى حدوث الذوبان الأسرع على الإطلاق لجليد بحر القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) خلال فصل الربيع لنصف الكرة الأرضية الجنوبي. ويمكن أن يُفسر هذا سبب انخفاض الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية إلى مستوى قياسي في وقت سابق من هذا العام.
وتبيِّن صور الأقمار الصناعية أنّ حجم الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية قد انخفض بمعدل 75000 كيلومتر مربع في كل يوم من أيلول/سبتمبر حتى كانون أوّل/ديسمبر من عام 2016 (هذه المساحة تعادل تقريبًا مساحة ولاية كارولينا الجنوبية). وبحسب قول الباحثين على الانترنت في 20 حزيران/ يونيو في مجلة رسائل البحوث الجيوفيزيائية Geophysical Research Letters فقد كان مُعدل الذوبان هذا أسرع بحوالي 18 بالمئة من معدل الذوبان القياسي السابق لهذا الوقت من السنة، وأسرع بحوالي 50 بالمئة من معدل الذوبان العام.
وعادة ما تتوسع حلقة الجليد البحري المحيطة بالقارة القطبية الجنوبية وتتقلص على مدى العام، حيث عادة ما تصل ذروتها البالغة تقريباً 18 مليون كيلومتر مربع في شهر أيلول/سبتمبر، ثم تتقلص إلى نحو 3 ملايين كيلومتر مربع بحلول شباط/فبراير. وقد ازداد متوسط رقعة الجليد البحري في السنة منذ بدء رصد الأقمار الصناعية لها عام 1979. لذلك فوجئ العلماء بأن الجليد البحري انكمش بشكل جذري هذا العام. فقد بلغت 4.04 مليون كيلومتر مربع في كانون ثاني/يناير، وذلك بتاريخ 17 شباط/فبراير 2017 واستمرت بالتقلص، وانخفضت إلى حوالي 2 مليون كيلومتر مربع بحلول بداية شهر آذار/مارس.
الجليد البحري في القطب الجنوبي ينخفض إلى مستوى قياسي جديد. في فصلي الربيع والصيف الأخيرين في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، كان الجليد البحري في القطب الجنوبي يتقلص إلى أصغر رقعةٍ تم ملاحظتها بالأقمار الصناعية.
حقوق الفيديو: NASA's Scientific Visualization Studio, Reto Stockli/GSFC/NASA, JAXA.
وحسب قول والت ماير Walt Meier عالم المناخ في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع للوكالة في منطقة الحزام الأخضر في ميريلاند، والذي لم يشارك في العمل، فإن الدراسة الجديدة تقدِّم أوَّل تحليلٍ شامل لسبب حدوث هذا التراجع الحاد. قد فحص الباحثون بيانات الطقس ووجدوا أن سلسلة من العواصف الشديدة الاستثنائية انهالت على المحيط الجنوبي خلال أشهر أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر عام 2016. حطمت الرياح القويّة الجليد البحري الهش، الذي يبلغ سمكه حوالي مترا واحدا فقط، وقصفته بالهواء الدافئ. وبذلك عجلت في حدوث الذوبان الربيعي المعتاد.
ويقول المؤلف المشارك جوش تونر Josh Turner وهو عالم المُناخ في الدراسة البريطانية لمسح القطب الجنوبي: "لقد سألنا الناس إن كان هذا فعل الاحترار العالمي؟". يستحيل حقًا أن نُلقي اللوم على التغير المُناخي الذي سببه الإنسان من أجل موسمٍ واحدٍ غير طبيعي، نظرًا لأنّ الفترة قصيرة منذ أن بدأ العلماء بتعقب مساحة الجليد البحري، فهي لم تتجاوز عقودًا قليلةً فقط عدا عن أنَّ هذه المساحة قد تتفاوت بشكل كبير من عامٍ لآخر.
يقول ماير: "إنّ الفكرة الرئيسية هي أن الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية متغير جدًا". فأحيانًا تزداد كميته كثيرًا، وأحيانًا تنخفض كثيرًا، وقد لا نكون حتى الآن لاحظنا مداه الكلي. أو ربما لم نتوصّل له حتى في هذا العام ".