كُن مستعداً للخبر الأكبر من عالم النانو في الفضاء

يقولون بأن الأشياء الجيدة تأتي على دفعات صغيرة، والاكتشافات الجديدة والمثيرة تفعل ذلك أحياناً. الأبحاث التي تدرس أشياء بحجم واحد من المليار من المتر قد تؤدي لإنتاج تطبيقات هندسية لا حدود لها؛ لأن فهم العناصر الصغيرة المعروفة باسم جسيمات النانو، قد يؤدي لإنتاج مواد ونماذج تصنيع جديدة، وأنظمة إنتاج أفضل للطاقة، وأنظمة ميكانيكية مُحسَّنة أو جديدة، وأغشية مُعززة، وألياف الضوئية، ومواد لينة أخرى.

أُجريت علي متن محطة الفضاء الدولية سلسلة من التجارب، تم تسميتها بـ (InSPACE)، تختص ببنية المجاميع البارامغنطيسية من المستحلبات الغروية؛ لاستكشاف جسيمات النانو العالقة في موائع (Magnetorheolocial أو MR)، وهي نوع من الموائع الذكية التي تميل إلى التجمع الذاتي في أشكال محددة وذلك في وجود حقل مغناطيسي.

يقوم قسم العلوم الفيزيائية وعلم الحياة في وكالة ناسا بدعم بحث  (InSPACE)، ويُشرِف هذا القسم على بحوث محطة الفضاء الأساسية والتطبيقية في مجالات العلوم الفيزيائية والدراسات العلمية المتعلقة بالحياة.

بالنسبة لسلسلة التجارب (InSPACE-2) فلقد نتج عنها العديد من الاكتشافات التي وضحت تفاصيل وحقائق فاجأت الباحثين في بعض الأحيان، تناولت المقالة التي نُشرت بعنوان "الالتواءات غير المستقرة للأعمدة الغروية ذاتية التجميع" في مجلة (Physical Review Letter)، الصادرة عن الجمعية الفيزيائية الأمريكية يوم 26 سبتمبر 2014، أحدث ورقة كتبها باحثوا (InSPACE) بالاستناد إلى تجارب محطة الفضاء الدولية، وتُفسِّر هذه الورقة للمرة الأولى ظاهرة غير متوقعة تم رصدها بوساطة InSPACE-2.

يُمكِن لموائع إم آر، عند تعرضها للحقول المغناطيسية، الانتقال إلى حالة تُشبه الحالة الصلبة تقريباً، وعند إزالة الحقل المغناطيسي تتفكك تلك الموائع وتلتوي، على الرغم من أن التفكك كان مُتوقعاً لكن الالتواء كان الشيء المفاجئ للدكتور إريك فورست، وهو الباحث الرئيسي في الدراسة وصاحب خبرة تصل إلى 20 عام في مجال الأبحاث الغروية. يقول فورست من جامعة ولاية ديلاوير-نيويورك: "لم نرَ شيئاً يشبه هذه الالتواءات في التجارب الأرضية".

الإلتواءات تُشاهد، و في الواقع تُصَمَّم حتى نتفاداها، في المباني والأجهزة الميكانيكية، لكن لم تُرصد هذه الخاصية في موائع MR -أو بشكلٍ أكثر عمومية لم تُشاهَد قبل الآن في أنظمة المادة الناعمة الغروية. 

يقول فروست: " هناك اهتمام متزايد بظاهرة الالتواءات عند الحديث حول التلاعب بالمواد ولاسيما المواد الناعمة، والسؤال الهندسي المطروح أمامنا هو هل نرغب بتحفيز هذا الالتواء أم لا، وماذا يمكننا أن نفعل مع هذه النتيجة الفيزيائية والجميلة والأساسية حقاً."

تهدف فكرة تجارب (InSPACE) إلى فهم العلوم الأساسية المُتعلِقة بالتجميع ذاتي التوجيه، كما يسعى الباحثون للتوصل لأساليب جديدة وأفضل لتصنيع مواد تتألف من لبنات غروية صغيرة أو من جسيمات النانو.

يقول بوب غرين (Bob Green)، عالم بمشروع (InSPACE) من مركز غلين للأبحاث التابع لناسا في كليفلاند: "هذه تجربة أساسية من أجل تطوير التقنيات اللازمة لتصنيع مواد جديدة لا يمكن الحصول عليها بالطرق التقليدية. مع خاصية التجميع الذاتي الموجه يُمكنك التلاعب بِبُنيةِ مادة ما على المستوى النانوي بطريقة تُمَّكِن من تكوين مادة جديدة بخصائص فريدة ".

العمل الذي تم على متن المحطة الفضائية في البحث (InSPACE) هو جزء من الجهود البحثية الهادفة إلى فهم المواد وإعطائنا ما يدعوه فورست بالأجهزة "السحرية".

يقول فورست : " التقط هاتفك وانظر إلى البطارية وإلي الزجاج الموجود على الهاتف، فالمواد التي تُؤلف هذه الأشياء هي جزء من السِحر الذي يُكون هذه الأجهزة التي نتعامل معها بشكلٍ يومي وتُعطينا إمكانية الوصول إلى الإنترنت وغيره أينما كنّا، فكل هذا من ذاك السِحر".

ربما لازال هناك الكثير من السِحر الذي سيأتي من البحوث التي تُجرى على متن محطة الفضاء الدولية، وبالتأكيد لايزال أمامنا الكثير من معلومات (InSPACE) التي تحتاج للفحص، وسوف يستمر هذا العمل مع استمرار فورست والعاملين بـ (InSPACE) في التعمق بنتائج الاختبار.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات