بشكل مبسط. أشيع العيوب الولادية لدى الأطفال

العيوبُ الولادية هي مشكلةٌ صحية أو خللٌ جسدي في جسم المولود الجديد، وهي شيءٌ غير طبيعيٍ مرئيًا، أو داخليًا، أو كيميائيًا. قد ينتجُ العيب عن الجينات، أو عدوى، أو التهابٍ، أو إشعاعٍ، أو التعرضِ لأحدِ العقاقير، أو قد لا يكونُ هناك سببٌ معروف. بعضُ العيوب تكونُ خفيفةَ الشدةِ والتأثير، وبعضها الأخر يكونُ مهددًا لحياة الطفل فلا يستطيعُ العيشَ سوى بضعةِ شهور.


يُمكنُ أن يُولدَ طفلكِ بعيبٍ ولاديٍ واحدٍ كالشفة المشقوقة (وهو فَجوة في الشفة العليا)، أو عيوبٍ ولاديةٍ مُتعددةٍ كالشفة المشقوقة والحنكِ المشقوق معًا (وهو ثقبٌ في سقفِ الفم)، أو حتى بشفةٍ مشقُوقةٍ وحنكٍ مشقوقٍ مع عيوبٍ في الدماغ أو القلب أو الكِلى.

يمكنُ أن تُشَخَصَ العيوب الولادية قبل الولادة، وقد لا تُلاحظُ حتى بعدَ خروج الجنين من رحم أمه، مثلَ الجَنَفِ الذي قد لا يظهرُ حتى يبلغَ عُمرُ الجنينِ عدة أشهر، وقد لا يُكتشفُ غيابُ إحدى الكليتين أو كون إحداهما غير طبيعيةٍ لأعوام.

تنتجُ معظمُ العيوب الولادية عن أسبابٍ جينيةٍ أو بيئيةٍ، أو عن مزيجٍ من الاثنين معًا، وفي أحيانٍ كثيرة، تكون أسبابها غير معروفةٍ.

نحو 20% من العيوبِ الولادية تُسبَبها عواملُ جينيةٌ، وتشملُ هذهِ الأسباب:
1-عيوب الكروموسات Chromosome: تحتوي كلُ خليةٍ من خلايا جسمِ الإنسان على 46 كروموسومًا، ويحتوي كل كروموسومٍ على آلاف الجينات. يحتوي كل جينٍ على مُخططٍ يتحكمُ في تطورِ أو وظيفةِ جزءٍ مُعين من الجسم، ومن ثمّ فإنه حين تحوي الكروموسومات على مشكلاتٍ في بنيتها، فسوف يتلقى حاملو هذه الجينات رسائلَ مُختلطة فيما يتعلق بالتطور والوظيفة التشريحية، مثلَ مُتلازمة داون التي تتسببُ بحدوثها نسخةٌ إضافيةٌ من الكروموسوم 21، والتي تتميزُ بمجموعةٍ نموذجيةٍ من العيوب الولادية: كالتأخر في النمو، وضعف العضلات، والآذانِ المُنخفضةِ والمُشوهة، والتجاعيد غير الطبيعية في راحة اليد، والعيوبِ الولادية في القلب والأمعاء، وتنتجُ متلازماتٌ مثل:
• مُتلازمةِ تورنر التي تتميزُ بنقصٍ كُليٍ أو جزئيٍ للكروموسوم X عندَ الإناث.
•مُتلازمةُ باتو، وهي تثلثٌ في الصبغي 13.
•ومُتلازمة إيدوارد وهي تثلثٌ في الصبغي 18 عن نُسخةٍ إضافيةٍ من أحد الكروموسومات. على الرغم من نُدرتها، إلا أنها حالاتٌ خطيرةٌ لا تتوافق مع الحياة.
2-حذف أو تضاعف أحد الكروموسومات: مثلَ مرضِ التليفُ الكيسي، وهو مرضٌ يسببُ أذًى مُترقيًا في الرئتين والبنكرياس.
3-عيوب جينٍ واحدٍ: عندما يُصابُ جينٌ واحدٌ بطفرةٍ فيحدثُ الخلل.
4-الوراثة السائدة: عندما ينقلُ أحدُ الوالدَين الذي قد يكون مريضًا أو حاملًا للمرض فقط الجين المعيب إلى أطفالهما.
5-الوراثة المُتنحية: عندما ينقلُ كلا الوالدين -غيرُ المُصابَين بالمرض- الجينَ المُسببَ للمرض إلى أطفالهما.

أما الأسبابُ البيئية فقد تُعرّضُ الجنينَ للإجهاض أو خطرِ الإصابةِ بالعيوب الولادية، أو قد لا يكونُ لها تأثيرٌ على الإطلاق، وذلكَ اعتمادًا على فترةِ الحمل التي حدثّ فيها التعرُض. يلحقُ الضررُ الأكبر بالجنين حين التعرضِ لهذه الأسباب بين الأسبوع الثاني والعاشر من الحمل. قد تكونُ الأمُ مُصابةً بمرضٍ يمكنُ أن يزيدَ فرصةَ إصابة المولود بعيبٍ ولادي، إذ أنّ السُمنةُ والداء السُكري يمكن أن يزيدا احتمال إصابةِ الجنينِ، وعلى المرأةِ التواصلُ مع طبيبها قبل الحمل لتتمكن من تدبير هذه الحالات.

إنّ بعضَ الأدويةُ من العوامل المُسببةِ للعيوب الولادية الشديدة، بصورةٍ خاصةٍ حين تُسْتَخْدَمُ في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، مثلَ عقار الثاليدومايد Thalidomide الذي وُصف في الستينات دواءً مُضادًا للغثيان، فتسببَ بتشوهاتٍ شديدة لدى الأجنة عُرفت بتفَقُمِ الأطراف.

يسببُ الكحول متلازمة الكحول الجنينية، وتتمثلُ هذه المُتلازمةُ بمجموعةٍ من الأعراض؛ منها صعوباتُ التعلم، وتأخرُ النمو، وفرطُ النشاط، وضعفُ تنسيق الحركات، وتشوهاتٌ في ملامح الوجه. من العواملِ البيئية أيضاً تقيدُ الرحم، إذ ينمو الجنين في رحم أمه داخلَ الكيس الأمينوسي، فإذا ما انقطعت الأربطةُ المُعلقةُ لهذا الكيس فإنها قد تلتفُ حول أحد أطرافَ الجنين وتسببُ تقلصهُ أو بتره وهو ما يُعرفُ بمُتلازمةِ الكيس الأمينوسي.

تنجمُ العيوبُ الولادية مُتعددةُ العوامل عن الجينات والبيئة معًا؛ أي يمكنُ لشخصٍ ما أن يرثَ جينًا مُعينًا يزيد حساسيته تجاهَ عاملٍ بيئي، ومن الأمثلةِ عن هذه الأسباب الشفة المشقوقة والحنك المشقوق.

للأسف، فإنَّ العيوبَ الولاديةَ شائعة. إذ يعاني نحو 2% أو 3% من الرُضع عيبًا ولاديًا واحدًا أو أكثر، وترتفعُ النسبةُ إلى 5% بعمر السنة حين تُكتشفُ باقي العيوب.

كلَ أربعِ دقائق ونصف، يولدُ طفلٌ مُصابٌ بأحدِ العيوب الولادية في الولايات المتحدة الأمريكية.

تُظهرِ الأرقامُ الجديدةُ من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) الأنواع الأكثر شيوعًا من العيوب الولادية في أمريكا.

فيما يلي قائمةٌ بالأنواع الستة الرئيسيةِ للعيوب الولادية بناءً على تقرير CDC، إلى جانبِ عددِ الأطفال المولودين سنوياً بهذه الحالات:
•العيوبُ الجينية (متلازمة داون وحالات أخرى): 6,916 طفلًا في السنة.
•عيوبُ الفم/الوجه (الشفة المشقوقة و/أو الحنك المشقوق): 6,776 طفلًا في السنة.
•عيوبُ القلب: 6,527 طفلًا في السنة.
•عيوبُ الجهاز العضلي الهيكلي (بما في ذلك عيوب الذراع/الساق): 5,799 طفلًا في السنة.
•عيوبُ المعدة والأمعاء: 2,883 طفلًا في السنة.
•عيوبُ العين: 834 طفلًا في السنة.

أضافَ تقريرُ CDC أن العيوبَ الولادية تسببُ موت الأطفال، أو على الأقل تسببُ إعاقاتٍ طويلةِ المدى.

لا بدَّ أنَّ السؤالَ الذي تبادرَ إلى ذهنك الآن هو كيف يمكن منع إصابة الطفل بالعيوبِ الولادية؟
•بدايةً على الأم إيقاف التدخين، والكحول، والمُخدرات وأي أدويةٍ لم يطلع أو يوافق عليها الطبيب.
•التزام الأم بنظامٍ غذائيٍ صحي، ومراقبة وزنها.
•كما يمكنُ أن يساعدَ تناول الأم 400 ميكروغرام من حمض الفوليك يوميًا على تقليلِ مخاطرِ الإصابة بعيوبِ الأنبوبِ العصبي أو العيوبِ الولادية في الدماغ والحبل الشوكي، ويُفضّل تناول فيتاميناتٍ يومية مُوصوفةٍ من الطبيب.
•تجنب الأم التعرضَ للموادِ الضارة كالأشعة أو المبيدات الحشرية أو الرصاص.
•محاولة تقليل الأم خطر إصابتها بالعدوى بتجنبِ تناول اللحم أو البيض غير المطهو جيدًا، وتجنبها مُلامسةَ فضلاتِ القطط أو الحشراتِ التي تكون على اتصالٍ مع فضلاتها والتي قد تحوي على طفيلي التوكسوبلازما الذي يسببُ داءَ المقوسات.
•وأخيرًا، يجب عدم إهمال العُنفَ المنزلي، فالنساءُ اللواتي تعرضنَ لسوء المعاملةِ قبل الحمل في خطرٍ مُتزايدٍ من استمرار هذه المُعاملة أثناء الحمل والتي لها تأثيرٌ سلبيٌ في صحة الجنين. يجب إخبار الطبيب بالأمر، وهو سيساعد على العثورِ على موارد اجتماعية وقانونية تساعد على التعامل مع العنف الأسري.

عندما تعلم أن طفلك يعاني عيبًا خطيرًا، يصبح الأمرُ عاطفيًا، ويسبب لك الضيق، وهذا أمرٌ مُتَفَهَمٌ. قد تشعر أن العلوم الطبية يجب أن تكونَ قادرةً على منع، أو على الأقل على كشف العيوب الولاديةِ المُحتملة جميعها مسبقًا. قد تشعر أن شخصًا ما مُخطئٌ. قد تلوم نفسك. قد تشعر أنّك إما قد فعلت شيئًا سبب الخلل، أو فشلت في فعل شيءٍ كان يمكنُ أن يُنقذَ الوضع. هذا ليسَ صحيحًا، وذلكَ نظرًا لحقيقةِ أنَّ الغالبيةَ العُظمى من العيوب غيرُ معروفة السبب. يجب مناقشة الأهل والطبيب بدقةٍ الأسبابَ المُحتملةَ، والاختبارات، والعلاجات، والإحالات إلى المُتخصصين ومجموعات الدعم. يجب أن يستمر الأهل في هذه المناقشات وطرحِ الأسئلة حتى شعورهم بالرضا التام.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات