يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
الإنجازات القادمة في استكشاف الكواكب الخارجية

لقد مر على مجال البيولوجيا الفلكية أسبوع جيد، بعد انقضاء أيام قليلة على إعلان ناسا بأن المكونات الضرورية للحياة تتواجد في الأعمدة المائية المنفجرة من القطب الجنوبي لقمر زحل إنسيلادوس Enceladus اجتمعت مجموعة من العلماء في جامعة ستانفورد لمناقشة اكتشاف الحياة خارج النظام الشمسي،


نوه بعض المتحدثين كالفيزيائي من جامعة ستانفورد بيتر مايكلسون Peter Michelson بأنه: "تم تحويل البحث عن الحياة في الكون من تكهنات إلى علم قائم على البيانات"، وقدم مايكلسون مخططات مفصلة لإيجاد الحياة على الكواكب الخارجية (exoplanets). خلال يومين في 20 و21 نيسان/أبريل، تأمل عشرات من العلماء في مؤتمر the Breakthrough Discuss Conference خيارات مختلفة لاستكشاف كواكب في أنظمة نجمية أخرى، تضمنت هذه الخيارات استخدام جيل جديد من التلسكوبات القوية لعمليات رصد عبر مسافات بعيدة ودعم تطوير تكنولوجيا هي الأولى من نوعها لزيارة نجوم أخرى، وكل ذلك خلال الجيل القادم.


سيمسح القمر الصناعي الاستقصائي للكواكب الخارجية العابرة (TESS) مئتي ألف نجمٍ في بحثه عن الكواكب الخارجية.
سيمسح القمر الصناعي الاستقصائي للكواكب الخارجية العابرة (TESS) مئتي ألف نجمٍ في بحثه عن الكواكب الخارجية.


إن القاسم المشترك بين هذه الإستراتيجيات هو تركيزها على رصد كواكب في جوارنا النجمي المحلي تقع في المناطق القابلة للسكن لنجومها، سبق أن حدد علماء البيولوجيا الفلكية عددًا من الكواكب الخارجية الشبيهة بالأرض وعشرات من الأنظمة التي قد تؤوي عوالم شيبهة بالأرض داخل هذا الجوار وحده، وعلى بعد نحو 30 سنة ضوئية عن نظامنا الشمسي.

 

هذه الكواكب الخارجية، التي تُحدد من خلال رصد تأثيرها على النجوم التي تستضيفها، صخرية ويعادل حجمها وكثافتها حجم وكثافة الأرض تقريبًا، وتدور حول نجومها على بعد يسمح بوجود الماء السائل على سطوحها. مع ذلك يوجد فرق كبير واحد على الأقل بين كوكبنا والكواكب الخارجية التي قد تتسم بالصلاحية للسكن، ذلك أنها لا تدور حول نجوم مثل شمسنا.


ضمن مجموعة النجوم، تُعرف شمسنا باسم القزم الأصفر (yellow dwarf) وهي ساطعة وليست كبيرة جدًا مقارنة مع أكبر النجوم في مجرتنا. ولكن، حتى النجوم متوسطة الحجم كشمسنا ليست واسعة الانتشار. يملأ جوارنا الشمسي المحلي، وعلى الأرجح الكون ككل، عدد أكبر بكثير من النجوم منخفضة الكتلة (low-mass stars).

 

يوجد 20 قزم أصفر مثل شمسنا على مقربة منا و250 نجمًا قزمًا من نوع M، و،على الرغم من كثرة النجوم من هذا النوع، لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة لشدة صغرها وخفوتها. خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، بدا لنا أن كوكبًا واحدًا على الأقل يدور حول كل نجم ذي كتلة منخفضة درسناه، وعادةً لديها أكثر من واحد.

شرحت عالمة الفلك في جامعة كاليفورنيا في بركلي كورتني دريسنغ Courtney Dressing: "ما مدى شيوع الكواكب الدائرة حول النجوم ذات الكتلة المنخفضة؟ إنها شائعة جدًا. في حالة القزم من نوع M، يوجد كوكبين ونصف عادة. يمتلك نجم واحد من كل أربعة نجوم كوكبًا في منطقته السكنية يماثل الأرض من حيث الحجم ودرجة الحرارة".

ما رمت إليه دريسنغ هو أنه نظرًا لعدد النجوم القزمة من نوع M في المنطقة المحلية يفترض أنه يوجد 60 كوكبًا قد يشبه الأرض في المناطق السكنية الواقعة على بعد أقل من 32 سنة ضوئية عن هنا، وربما أكثر من ذلك بكثير. حتى يومنا هذا، تأتي معظم بياناتنا حول الكواكب الخارجية من مركبة كبلر الفضائية The Kepler spacecraft.

 

ركزت المركبة في بحثها عن الكواكب على نجوم قزمة كبيرة من نوع M. عندما تُدرس النجوم القزمة الصغيرة والمتوسطة الحجم من نوع M في المستقبل القريب قد نكتشف أن عدد النجوم التي تستضيف كواكب شبيهة بالأرض في مناطقها السكنية هو أقرب إلى واحد من أصل ثلاثة.


ظهر الرسم البياني كيف ستساعد التكنولوجيا الجديدة التي طُورت في معهد كالتيك علماءَ الفلك في البحث عن بصمات حيوية جزيئية على الكواكب الخارجية. يحجب الكوروناغراف أو مقايس هالات النجوم ضوء النجوم مما يسهل رؤية الكواكب الدائرة حولها، ستساعد المطيافات عالية الدقة على عزل ضوء الكواكب بشكل إضافي وقد تظهر جزيئات في غلافات الكواكب الجوية. 
ظهر الرسم البياني كيف ستساعد التكنولوجيا الجديدة التي طُورت في معهد كالتيك علماءَ الفلك في البحث عن بصمات حيوية جزيئية على الكواكب الخارجية. يحجب الكوروناغراف أو مقايس هالات النجوم ضوء النجوم مما يسهل رؤية الكواكب الدائرة حولها، ستساعد المطيافات عالية الدقة على عزل ضوء الكواكب بشكل إضافي وقد تظهر جزيئات في غلافات الكواكب الجوية. 


تحظى دراسة الكواكب الخارجية التي تدور حول النجوم ذات الكتلة المنخفضة، التي قد تتسم بالصلاحية للسكن بفوائد أخرى. تدور هذه الكواكب الخارجية حول نجومها في مدارات ضيقة لأن المناطق السكنية تقع ضمن مسافات قصيرة، الأمر الذي قدم للعلماء فرصة لمشاهدة عبورات كوكبية كل بضعة أسابيع. وخلال فترات العبور هذه عندما تمر الكواكب الخارجية أمام نجومها تأتينا الفرصة الأفضل للبحث في غلافاتها الجوية عن دلائل على وجود الحياة.

 

شرح عدد كبير من حاضري المؤتمر، وبينهم مرسيدس لوبيز-موراليس Mercedes López-Morales من مركز هارفارد للفيزياء الفلكية، الطريقة التي سنعتمدها لمسح الأغلفة الجوية لأقرب الكواكب الواقعة في مناطق سكنية لنجد دلائل على وجود أحياء تقيم على السطوح أو في المحيطات، بقولها: "سنبحث عن الأوكسجين".


بما أن ارتفاع نسبة الأوكسجين في غلاف الأرض الجوي تزامن مع ظهور الحياة، نستخدم هذا الجزيء بالتحديد كثيرًا كمؤشر على وجود الحياة في أماكن أخرى، إضافة إلى ذلك، يحب الأوكسجين أن يتفاعل مع المواد الكميائية الأخرى. إذا اكتشفنا أن الغلاف الجوي لكوكبٍ لا يزال يحوي الأوكسجين سيعني ذلك أن شيئًا ما، ربما الحياة، ينتجه بشكل فعال.

 

إذًا سيركز البحث عن الحياة على عناصر وجزيئات كالهيدروجين والأوكسجين والميثان. مع ذلك، كما أوضحت لوبيز-موراليس، إن هناك جانب سلبي لهذه المقاربة. وتقول: "لا يشكل غلاف الكوكب الجوي إلا نسبة 1% من حجم الكوكب، حجم الإشارة ضئيل، عليك أن تجمع ترليون فوتون على الأقل لتتأكد بقوة من أن ما تشاهده هو فعلًا أوكسجين".

الخبر السار هو أن جيلًا جديدًا من التلسكوبات المصممة للاستكشاف الكوكبي والبيولوجيا الفلكية سيصبح متوفرًا ليساعدنا على جمع تلك الفوتونات. حول هذا الوقت من السنة القادمة ستُجرى الاستعدادات لإطلاق القمر الصناعي لمسح الكواكب الخارجية العابرة (TESS). خلال بعثته التي ستستمر لسنتين سيمسح 200,000 نجم بما في ذلك النجوم الأكثر سطوعًا في أنظمتنا المحلية.

 

سيمتلك تلسكوب ماجلان العملاق (GMT) في تشيلي، الذي يفترض أن يبدأ عمله بحلول عام 2022، قدرة تحليل أقوى بعشرة أضعاف من قدرة تلسكوب هابل الفضائي. سيتميز GMT بجهاز يسمى مطياف G-CLEF لإيجاد الكواكب الكبيرة الشبيهة بالأرض وسيتكمن G-CLEF من رؤية الجزيئات كالأوكسجين في الأغلفة الجوية لكواكب نائية.

 

أخيرًا، عندما يفتتح التلسكوب الكبير للغاية (ELT) في عام 2024 سيمتلك قدرة على جمع الضوء تتفوق على قدرات كل تلسكوبات الأرض الحالية ذات مرايا تتراوح أقطارها من 8 إلى 10 أمتارًا معًا. يعول البيولوجيون الفلكيون على وصول هذه التلسكوبات الكبيرة بين الوقت الحالي و2024 ليحددوا المرشحات الأولى للبحث عن الأوكسجين والحياة في جوارنا النجمي.


وإذ نتوقع العثور على كنز دفين من البيانات حول الأغلفة الجوية خلال هذه البعثات، يكتشف العلماء أنواعًا تعيش براحة تامة من دون الأوكسجين والضوء وخصائص أخرى اعتقدنا سابقًا أنها من متطلبات الحياة. توضح هذه الاكتشافات أن البصمات الحيوية في الغلافات الجوية من مثل الأوكسجين هي طريقة غير تامة ولو كانت فاتنة للبحث عن الحياة من مكان بعيد. من ثم يصبح السؤال: هل من طريقة أخرى للبحث عن الحياة خارج الأرض غير دراسة أغلفة الكواكب الخارجية؟


سنزور الكواكب القريبة من مثل بروكسيما بي Proxima b الذي يبعد عنا أربع سنوات ضوئية فقط، إما بأنفسنا أو بمركبة فضائية. وهذا هو هدف مبادرة Breakthrough Starshot initiative، هدف هذه المبادرة التي أُعلن عنها قبل أكثر من سنة بقليل على حد قول مؤسسها هو "حرفيًا أن نصل إلى النجوم خلال حياتنا". تتضمن الخطة لإنجاز هذا العمل الفذ إطلاق أسطول من المركبات الفضائية الصغيرة جداً.

 

بعد ذلك ستسرع ستارشوت هذه المركبات حتى تصل إلى أقرب ما يمكن من سرعة الضوء. قد نستطيع الحد من الوقت والسعر والوزن المطلوب لأخذ نظرة قريبة على الكواكب الدائرة حول النجوم الأخرى عن طريق تصويب ليزرات عالية الطاقة على هذه الكاميرات بوزن غرام وهي في الفضاء.

TESS: بعثة القمر الصناعي لمسح الكواكب الخارجية العابرة.
TESS: بعثة القمر الصناعي لمسح الكواكب الخارجية العابرة.


نظرة عامة عن المشروع


  • - بعثة استكشاف كواكب خارجية عابرة.
  •  مدة تفويضها شهران.
  •  استطلاع لكامل السماء لمدة عامين أما البعثة العلمية فتستغرق ثلاث سنوات.
  •  تحديد أفضل الأهداف لمتابعة تحديد الخصائص. 
  •  دعم أولي لشبكة الإنترنت فضائية عميقة
  • الفئة 2 الصنف C.
  •  تاريخ جاهزية الانطلاق آذار/ مارس 2018.
  • الالتزام الأساسي للوكالات: حزيران/ يونيو 2018.
  • التكلفة القصوى للمشروع 228.3 مليون دولار.


وقال آفي لوب Avi Loeb، الفيزيائي في مركز هارفارد-سميثسونيان للفيزياء الفلكية: "الهدف هو أن نطلق مسبارًا يمر بكوكب من مسافة قريبة جدًا ونكتشف إذا ما أوى الحياة، ما هو لون الكوكب؟ هل هو أخضر؟ هل لديه غطاء نباتي؟ هل هو أزرق، هل هناك محيطات؟ أو هل هو شبيه بالصحراوي؟".


خلال المؤتمر عرض المهندس التابع لوكالة ناسا رسلان بليكوف Ruslan Belikov للمرة الأولى صورًا تحاكي ما قد يبدو عليه كوكب خارجي من وجهة نظر ستارشوت. حتى لو كانت المركبة تتحرك بنسبة 90% من سرعة الضوء يفترض أن تقدر الكاميرات على التقاط صور تدل على وجود أي محيطات كبيرة وسحب وكتل أرضية قد يمتلكها الكوكب الخارجي.


نأمل أننا في يوم من الأيام، عن طريق دمج التسريع الليزري لهذه المركبات الصغيرة جدًا مع كاميرات وأجهزة استشعار أخرى، سنتمكن أخيرًا من إلقاء نظرات مباشرة إلى كواكب تقع في مناطق سكنية وتدور حول نجوم قريبة ومن ثم إيجاد دليل قاطع على وجود الحياة في مكان آخر من الكون خلال القيام بذلك. قد يساعدنا على اختيار الأهداف الأفضل لعمليات التحليق القريب التي ستقوم بها مركبات مبادرة ستارشوت الجمع بين البيانات من جيلنا الجديد من التلسكوبات الكبيرة جدًا وملاحظات مأخوذة من رصد الأغلفة الجوية لكواكب خارجية قريبة تدور حول نجوم قزمة من نوع M.


وأضافت لوبيز-موراليس: "سنكون الجيل الذي يُذكر لأنه اكتشف كواكبًا خارجية. وهذا واقع، هل سنكون الجيل الذي يُذكر كأول من وجدوا الحياة على هذه الكواكب أيضًا؟".

ذلك، وبكل تأكيد، سيعد إنجازًا لا يحصل إلا مرة في العمر.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكواكب الخارجية (Exoplanets): أو الكواكب الموجودة خارج النظام الشمسي.

اترك تعليقاً () تعليقات