كثر الحديث في الأشهر القليلة الماضية في منطقة سيليكون فالي Silicon valley عن تكنولوجيا دمج الدماغ البشري مع الآلات، لكن كيف ستساهم تلك التكنولوجيا في مساعدة المجتمع، وما هي الشركات التي ستقود هذا التحدي؟
أعلن إيلون موسك Elon Musk المدير التنفيذي لشركتي سبيس إكس SpaceX وتسلا Tesla في آذار/مارس الماضي بشكلٍ رسمي عن آخر مشاريعه نيورالينك Neuralink، الذي يهدف إلى تصميم واجهات ربط بين الدماغ والحاسوب (BCIs)، حيث ستُستخدم هذه التكنولوجيا في الأبحاث الطبية أولاً، لكن الهدف الأساسي منها هو الحيلولة دون بلوغ الإنسان حالة من القدم العقلي، وذلك من خلال دمج الإنسان بالذكاء اصطناعي Artificial Intelligence، وبسبب الأهداف السامية لهذه التكنولوجيا، فالسيد موسك ليس الوحيد المهتم بجعل البشر أقرب إلى الآلات.
فيما يلي خمس شركات تبذل جهداً مضاعفاً في مجال قرصنة الأدمغة.
نيورالينك Neuralink
يرى السيد موسك أن العائق الأساسي للتعاون بين البشر والآلة هو عرض حزمة التواصل فيما بينها، وهذا يعني أن استخدام أجهزة الإدخال التقليدية مثل لوحة المفاتيح، وشاشات اللمس طريقةٌ بطيئة في التواصل مع الحاسب.
ويهدف المشروع الجديد للسيد موسك إلى صناعة وصلاتٍ مباشرة ذات عرض حزمة اتصالٍ كبير جداً بين الدماغ البشري والآلات. إلا أن معالم النظام الجديد ليست واضحة حتى الآن، فبعض الأسماء لاتزال قيد التداول والنقاش، مثل الأربطة العصبية Neural lace والغبار العصبي Neural dust، وكل ما كُشف عنه هو النموذج التجاري فقط.
سُجل مشروع نيورالينك على أنه مؤسسة للأبحاث الطبية، ويؤكد موسك أن الشركة ملتزمة بتقديم منتجات ستساعد الناس في علاج الإصابات الدماغية المستعصية خلال مدة لا تتجاوز أربع سنوات، كما يقول موسك أن هذا العمل سوف يشكل القاعدة الأساسية في تطوير واجهات ربط بين الحواسيب وأدمغة الناس السليمين مما يمكنهم من التخاطر مع الحواسيب بشكل لاإرادي، وهذا ما يمكن إنجازه في غضون خمس سنوات.
فيما شكك بعض العلماء وعلى وجه التحديد أولئك المتخصصون في العلوم العصبية في خطة موسك الطموحة هذه.
فيسبوك Facebook
بعد أسابيع قليلة من إطلاق موسك مشروعه الجديد نيورالينك، أعلنت شركة فيسبوك أنها تعمل على إيجاد طريقة تمكن الناس من الكتابة بواسطة أفكارهم، حيث قالت ريجينا دوغان Regina Dugan رئيسة مجموعة أبحاث بيلدينغ 8 – Building 8 السرية أن المشروع يهدف إلى بناء جهاز يمكن من خلاله كتابة ما يقارب مئة كلمة في الدقيقة.
واقترحت دوغان أيضاً أن يُستخدم هذا الجهاز في تطبيقات الواقع المعزز augmented reality كفأرة يتم تحريكها بواسطة الدماغ دون الحاجة لتعقب حركة اليد من أجل تحريك مؤشر الفأرة.
هذا وعرضت شركة فيسبوك بعض تفاصيل مشروعها، وتعتقد أن عملية زراعة الجهاز ضمن الجسم البشري لن تكون ممكنة قبل فترة طويلة من الزمن، وعليه فإن الشركة تُركز جهودها الحالية على تطوير نوع من القبعات التي يمكنها تعقب نشاطات الدماغ دون الحاجة للجراحة، وهذا أقرب إلى استخدام التصوير البصري، وباعتبار أن هذه التكنولوجيا ليست موجودة في الوقت الراهن تقول شركة فيسبوك أنها تخطط لبناء نموذج طبي أولي قابل للزراعة سيمهد الطريق أمام الأجهزة المستقبلية.
كيرنيل Kernel
لم يكن موسك المستثمر الوحيد المهتم بخوض غمار تطوير التكنولوجيا العصبية، إذ أن برايان جونسون Bryan Johnson مؤسس شركة الدفع الإلكتروني برينتري Braintree في شهر آب/أغسطس الماضي استثمر 100 مليون دولار في شركته الجديدة المسماة كيرنيل Kernel. وتهدف الشركة بشكل أساسي إلى تطوير شريحة يمكنها تسجيل الذكريات وإعادة تزويد الدماغ بها، معتمدين في ذلك على بحث قام به تيودور بيرغرTheodore Berger المهندس في الطب الحيوي وعالم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا الجنوبية.
أما الآن وبعد ستة أشهر من الشراكة، ونظراً لطول الجدول الزمني الخاص بتنفيذ هذا المشروع، انفصل كلا الطرفين، وتُركز الشركة نشاطها في الوقت الراهن على تكنولوجيا مشابهة لنيورالينك.
كما تخطط شركة كيرنيل لبناء منصة يمكنها تسجيل وتحفيز الخلايا العصبية لمعالجة بعض الأمراض مثل الكآبة وآلزهايمر Alzheimer ، ومثل موسك، فإن جونسون لا يخشى الحديث عن آفاق استخدام هذه التكنولوجيا في تعزيز القدرات البشرية ودمجها بالآلات، ويقول جونسون لموقع CNBC: "هذه هي الجهود الهائلة التي ستجعلنا نتطور إلى جانب التكنولوجيا التي نطورها".
إيموتيف Emotiv
على عكس الشركات الأخرى النامية في هذا المجال، فإن إيموتيف Emotive تصنع سماعات للرأس لرسم نشاط الدماغ الكهربائي دون الحاجة للجراحة، وتعتبر شركات الزراعة العصبية مثل نيورالينك أن هذا النوع من التكنولوجيا أقل دقة على الرغم من أنها مضمونة، كما تمتلك الشركة جهازاً لتخطيط الدماغ يدعى EPOC+ ويبلغ سعره 799 دولار.
بالإضافة إلى أنها تنتج سماعات الرأس إينسايت insight الموجهة للمستخدمين العاديين وبسعر 299 دولار للقطعة الواحدة. ووفقاً لتقرير ذا ديلي دوت The Daily Dot تقوم شركة إيموتيف بإنتاج أنواع مختلفة من البرمجيات التي يمكن من خلالها تصوير النشاط الدماغي للمستخدمين بأشكال ثلاثية الأبعاد لقياس مرونة أدمغتهم، والتحكم بطائرات بدون طيار drones والروبوتات وألعاب الفيديو.
وقد اختيرت هذه الشركة لتكون جزءاً من برنامج مسرع ديزني Disney Accelerator program لعام 2015 بهدف ابتكار أجهزة دماغية إلكترونية قابلة للارتداء.
داربا DARPA
على الرغم من أن وكالة مشاريع أبحاث الدفاع العسكرية المتقدمة DARPA لا تعتبر شركةً بحد ذاتها إلا أنها أعلنت في العام المنصرم عن تخصيص 60 مليون دولار من أجل تطوير موصلات عصبية قابلة للزراعة، وذلك بالتعاون مع مجموعة من الشركات الخاصّة المتحدة.
ووفقاً لمجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو MIT Technology Review، يعد هذا المشروع جزءاً طموحاً من مبادرة الرئيس باراك أوباما المعروفة باسم برين BRAIN، وتريد داربا جهازاً قادراً على تسجيل نشاط حوالي مليون خلية عصبية في ذات الوقت، وتنشيط 100 ألف أخرى على أقل تقدير، واشترطت أن يعمل هذا الجهاز لاسلكياً وأن يكون بحجم قطعة نقود ويتم إنجازه خلال أربع سنوات، وهذا جدول زمني غير منصف على الاطلاق.
وحسب موقع كوارتز Quartz، تتضمن التطبيقات المحتملة لهذا الجهاز مشاكل البصر والسمع، حيث سيقدم الجهاز معلومات رقمية سمعية أو بصرية مباشرةً إلى الدماغ.
لا تزال الطرق التكنولوجية الدقيقة المتبعة غير واضحة في المرحلة الحالية، لكن هذا المشروع يحظى بدعم شركات هندسية عملاقة مثل كوالكوم Qualcomm.