هل تزيد الإنفلونزا في أثناء الحمل من خطر إصابة الأطفال بمرض التوحد؟

لم يعثر الباحثون في مركز العدوى والمناعة (CII) التابع لكليّة ميلمان للصحة العامة في جامعة كولومبيا على أي دليل بأن التشخيص المخبري بإصابة الأمهات في أثناء الحمل بعدوى الإنفلونزا وحده له علاقة بخطر إصابة المواليد بمرض طيف التوحد.


إلا أنهم وجدوا ميلًا لخطر الإصابة بالمرض عند الأمهات اللواتي شُخِّصن مخبريًّا بالإنفلونزا وشَكَوْن من أعراض شديدة. على أن هذا الميل لم يحقق أهمية تذكر من ناحية إحصائية.

الدراسة هي الأولى من نوعها لتقييم خطر الإصابة بالتوحد بناءً على إصابة الأمهات بالإنفلونزا بناء على تأكيد مخبري للتشخيص، وليس فقط على بيانات استقصاء أو تقارير طبية. تظهر نتائج البحث في دورية mSphere.

حلل الباحثون استبيانات وعينات دم من 338 أمًا مصابٌ أولادُهُن بداء التوحد و348 أمًا من عينة الشواهد، وذلك كجزء من دراسة تعرف باسم دراسة التوحد الاستباقية للمواليد Autism Birth Cohort Study، وهي دراسة استباقية للمواليد في النرويج[1]. جمعت عينات الدم من أمهات في منتصف فترة الحمل وبعد الولادة، كما شكت الأمهات من أعراض زكام وإنفلونزا في خلال الحمل.

لم تكن نتائج تحاليل الدم الإيجابية لعدوى فيروس الإنفلونزا "أ" و "ب" ذات صلة بازدياد خطر الإصابة بداء التوحد عند المواليد. وعلى كل حال، فإنه حينما رَبَطَ العلماءُ تقاريرَ الأمراض الشبيهة بالإنفلونزا بنتائج تحاليل الدم وجدوا زيادة حقيقية في خطر الإصابة بالتوحد رغم كونها غير مهمة من الناحية الإحصائية. في حين أنه يمكن لخطأ عشوائي أن يكون مسؤولًا عن هذه النتيجة، يحذر المؤلفون من استبعادها بشكل كامل نظرًا لكبر وأهمية هذا الارتباط؛ فالأطفال المولودون لأمهات شُخِّصن مخبريًّا في خلال الحمل بالإنفلونزا، وكانت عندهن أعراض الإنفلونزا في نفس الوقت، تكون احتمالية إصابتهم بالتوحد ما يقارب ضعفَيْ أولئك المولودين لأمهات لم يُصَبن بالإنفلونزا أو أي من أعراضها.

يقول المؤلف الأول ميلادا ماهيك Milada Mahic وهو باحث ما بعد الدكتوراه في مركز العدوى والمناعة في المعهد النرويجي للصحة العامة: "الأعراض مهمة لأنها تمكننا من تحديد إلى أي مدى يحارب الجهازُ المناعيُّ للأم الإنفلونزا. إذا كان للعدوى علاقة بزيادة خطر الإصابة بالتوحد، فإنها على الأغلب ستكون ناتجة من الالتهاب المرتبط بالاستجابة المناعية لجسم الأم أكثر من العدوى ذاتها، و لهذا فإننا نحتاج إلى مزيد من البحوث في هذا الشأن".

هذه النتيجة بعلاقة الإنفلونزا بالتوحد تدعم ما وجده بحث سابق يقترح أن دخولَ الأمهات المصابات بعدوى فيروسية المستشفيات في الثلاثة الأشهر الأولى من الحمل و المصابات بعدوى بكتيرية في الثلاثة الأشهر الثانية من الحمل متعلقٌ بارتفاع في خطر الإصابة بداء طيف التوحد.

في دراسات أخرى حديثة من دراسة التوحد الاستباقية للمواليد، أفاد الباحثون بأن النساء اللواتي أصبن بعدوى نشطة من الهربس التناسلي genital herpes مبكرًا في خلال الحمل تكون فرص إنجابهن لأطفال يُشخَّصون لاحقًا بالتوحد أكبر بما يعادل الضعفين. تفيد دراسة أخرى أن الحمى التي تصيب النساء الحوامل قد تزيد ذلك الخطر أيضًا.

يقول كبير المؤلفين و. إيان ليبكين W.Ian Lipkin، مدير مركز (CII) للمناعة و العدوى، والحاصل على أستاذية جون سنو في الوبائيات في كلية ميلمان: "يمر دماغ الجنين بتغيرات سريعة تجعله معرضًا لاستجابة مناعية عنيفة من جسد الأم، وبالرغم من ذلك، ليس على الأمهات الاعتقاد بأن تعرضهن للعدوى في أثناء الحمل يعني بالضرورة أن أطفالهن سيصابون بالتوحد؛ فهو قد يكون ببساطة عاملًا واحدًا من عوامل اختطار عديدة".

 

الملاحظات


[1] والدراسات الاستباقية للمواليد هي نوع من الدراسات يدرس فيها الباحثون المواليد عند ولادتهم أو قبلها ومن ثم يدرسونهم ثانية فيما بعد.

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات