النوم العميق يؤثر في كفاءة التعلم في الدماغ

التاريخ: 23 مايو/ أيار 2017. المصدر: جامعة زيوريخ University of Zurich.

ملخص: للمرة الأولى يثبت باحثون من جامعة زيوريخ والمعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ العلاقة السببية بين النوم العميق وأهميته لكفاءة التعلم في الدماغ البشري. وقد طوروا طريقة جديدة غير غازية لتحوير النوم العميق في البشر في منطقة مستهدفة من الدماغ.

يعرف غالبية البشر من خلال تجاربهم الشخصية أنه من شأن قضاء ليلة واحدة بلا نوم التأثير سلبًا في أي نشاط ذهني مُمارَس في اليوم التالي. والفرضية التي يعرضها الباحثون هنا هي أن النوم العميق ضروري للحفاظ على كفاءة التعلم في الدماغ البشري على المدى البعيد، فأثناء استيقاظنا نتلقى بشكل مستمر انطباعات ورسائل من البيئة المحيطة بنا، وكنتيجة على ذلك يُستثار ويتحفز كمٌّ هائل من الروابط بين الخلايا العصبية المسماة بالمشابك العصبية Synapses، ولا تنطفئ هذه الإثارة إلا حين نخلد إلى النوم، فبدون التوقف عند مرحلة الإنعاش هذه، تبقى الكثير من المشابك العصبية في حالة نشاط مفرط مما يعني استحالة حدوث أي تغييرات أو تعديلات على الدماغ الأمر الذي يكبح كفاءة التعلم.

 العلاقة السببية بين النوم العميق وكفاءة التعلم


لقد ثبت وجود علاقة بين النوم العميق وكفاءة التعلم منذ زمن طويل. أما الآن، فقد تمكن الباحثون في جامعة زيوريخ University of Zurich) UZH)، وفي المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا Swiss Federal Institute of Technology في زيوريخ أيضًا من الإثبات للمرة الأولى بوجود علاقة سببية تدل على الحقيقة آنفة الذكر داخل الدماغ البشري.

وقد نجح كل من البروفيسور ريتو هوبر Reto Huber في مستشفى الأطفال بجامعة زيوريخ University Children's Hospital Zurich والطب النفسي للأطفال والمراهقين في جامعة زيوريخ Child and Adolescent Psychiatry، والبروفيسورة نيكول وندروث Nicole Wenderoth من قسم العلوم الصحية والتكنولوجيا في المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا ETH في التحكم بالنوم العميق في مناطق مستهدفة في أدمغة أفراد العينة. وتعليقًا على ذلك يقول البروفيسور ريتو: "لقد خرجنا بطريقة تمكننا من التخفيف من درجة عمق النوم في جزء معين من الدماغ وبالتالي إثبات العلاقة السببية بين النوم العميق وكفاءة التعلم".

جودة نوم أفراد العينة لم تتأثر سلبًا


في هذه التجربة المنقسمة إلى جزأَين، والمكونة من ست نساء وسبعة رجال، كان يتوجب على أفراد العينة إتقان ثلاث مهام حركية مختلفة. وكان النشاط الحركي يتضمن تعلم سلسلة من الحركات خلال اليوم باستخدام أصابع اليد. وفي الليل وأثناء نوم أفراد العينة يقوم الباحثون برصد نشاط الدماغ باستخدام تخطيط أمواج الدماغ EEG.

هذا وقد نام أفراد العينة في الليلة الأولى دون أي إزعاج أو تدخلات بعد عملية تعلم النشاط، ولكن حوّر الباحثون نومهم وتحكموا فيه في الليلة الثانية من التجربة باستخدام التحفيز الصوتي acoustic stimulation أثناء مرحلة النوم العميق. ولقياس ذلك، قام الباحثون بتحديد المنطقة المسؤولة في الدماغ عن تعلم حركات الأصابع المذكورة أعلاه، أي الجزء المتحكم بالمهارات الحركية أو القشرة الحركية motor cortex. ولم يكن أفراد العينة على دراية بعملية التحوير، فبالنسبة لهم كانت جودة النوم في مرحلتي التجربة متماثلة في اليوم التالي.

 اضطرابات النوم العميق تُضعف كفاءة التعلم


وفي خطوة ثانية، اختبر الباحثون كيف يؤثر تحوير النوم العميق على قدرات أفراد العينة وأدائهم الحركي أثناء تعلمهم المهارات في اليوم التالي. وقد لاحظوا تغيرات في منحنيات التعلم والأداء على مدى التجربة. وكما كان مُتوقَّعًا، فقد استطاع المشاركون تعلم الأنشطة الحركية بشكل جيد في الصباح. ولكن بمرور ساعات اليوم زاد معدل الخطأ. أما بعد النوم، فقد تحسنت كفاءة التعلم بشكل كبير مرة أخرى، إلا أن الأمر اختلف بعد القيام بعملية التحوير في الليلة الثانية، فقد نتج عن ذلك ضعف أداء وصعوبات في تطبيق حركات الأصابع المطلوبة، بل وكان الأداء ضعيفًا مشابهًا لذلك الذي وُجِد لديهم في أول يوم تدريب. ومن خلال تحوير والتحكم في القشرة الحركية لم تقل حالة الاستثارة الحاصلة بين المشابك العصبية أثناء النوم.

وبهذا الصدد تقول نيكول ويندروث: "في منطقة الدماغ المستثارة بحدّة، كانت كفاءة التعلم مشبعة، ولم يعد من الممكن تغييرها، الأمر الذي حال دون تعلم المهارات الحركية". وفي تجربة مقارنة controlled experiment استخدم الباحثون المهمات ذاتها، إلا أنهم قاموا بالتحوير والتحكم بمنطقة مختلفة من الدماغ خلال النوم، ولم ينتج عن ذلك أي تأثير في كفاءة التعلم لدى أفراد العينة.

البحث في إمكانية تطبيق هذه الطريقة في الدراسات السريرية


إن المعلومات والنتائج الحديثة هذه التي توصل لها الفريق الباحث، تضيف الكثير في مجال البحث العلمي المتعلق بمسألة النوم عند البشر، ويهدف الباحثون إلى استخدام هذه المعرفة في دراسات سريرية، وبهذا الشأن يقول ريتو هوبر: "أثناء النوم بالإمكان ملاحظة أعراض أمراض عديدة منها الصرع، وباستخدام هذه الطريقة الجديدة نأمل أن تمكننا من السيطرة على مناطق الدماغ المسؤولة والمرتبطة بشكل مباشر بهذا المرض" الأمر الذي من شأنه تحسين حالة المرضى المُصابين.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات