سان فرانسيسكو-أظهرت بحوث حديثة أنه يمكن اكتشاف الصخور الفضائية المتجهة نحو الأرض من خلال رصد التغيرات الحاصلة في تيارات البلازما والجسيمات، أي ما يُعرف بالرياح الشمسية.
هانينغ وي (Hanying Wei) هو أحد القائمين على الدراسة، وهو باحث في علوم الفضاء والأرض والكواكب في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، تحدث (وي) في الاجتماع السنوي السابع والأربعين لاتحاد الجيوفيزيائيين الأميركيين قائلاً: "إن النتائج الحديثة قد تساعد في اكتشاف وجود أجسام أصغر بالقرب من الأرض مثل نيزك (Chelyabinsk)، والذي انفجر في سماء روسيا في العام 2013 قبل أن يحترق في الغلاف الجوي للأرض".
كما تحدث وي لمجلة Live Science قائلاً: "إن الصخور الفضائية الأصغر حجماً تشكل خطراً، حيث أن غالبيتها العظمى تكون مختفية في النظام الشمسي. وحتى لو كانت متجهة مباشرة نحو الأرض، لن تتمكن من رؤيتها بالتلسكوب".
الأخطار المخفية
تقوم مجموعة من الصخور الصغيرة ودقائق الغبار بتتبع أثر الأجسام الكبيرة القريبة من الأرض والتي تدور حول الشمس. وحتى لو لم يقترب الكويكب الرئيسي من الأرض، فإن قوة سحب الجاذبية الأرضية تستطيع جذب الأجسام الصغيرة من مداراتها لتندفع بشكل سريع ومباشر نحو كوكب الأرض.
وقال الباحث هيرونغ لاي (Hairong Lai) وهو أحد القائمين على الدراسة، وعالم فيزياء الفضاء في جامعة كاليفورنيا، أن هذه الاصطدامات الصغيرة لن تدمر الأرض، لكنها تضرب الكوكب كل بضعة عقود، وبإمكانها أن تكون مدمرة بشكل لا يصدق. ففي عام 2013، تسبب اصطدام المذنب تشيليابينسك بإصابة 500 شخص، بالإضافة إلى أضرار هائلة في الممتلكات. ثم في عام 2007، انفجر مذنب يبلغ عرضه 50 قدما (15 مترا) في الأرض، تحديدا في مدينة (كارانكاس) بدولة (البيرو)، متسبباً في تسمم بالزرنيخ للسكان المحليين؛ بينما عمل سطحه الساخن على تبخير مخزون المياه الجوفية الملوثة.
يقول (لاي) أن علماء الفلك قد حددوا فقط 1% من هذه الأجسام الفضائية الصخرية المختفية في نظامنا الشمسي، حيث أن عرض هذه الأجسام يبلغ عادة أقل من عشرات الأمتار.
إيجاد الخطر
عندما تصطدم النيازك بشكل عشوائي بأجسام صخرية متوسطة الحجم، فإن دقائق الغبار الناتجة قد تحيط بالكويكب، حتى الأجسام الأصغر حجماً تستطيع سحق أجسام كبيرة الحجم، مخلفة وراءها دقائق من الأغبرة صغيرة الحجم. لذالك، يتساءل الباحثون فيما إذا كان وجود هذا الغبار الناعم الناتج عن هذه الاصطدامات الكارثية قد يساعدنا في التعرف على الكويكبات ذات الكميات الكبيرة من الحطام، وكذلك الأجسام القريبة من الأرض والتي تنتج عنها.
يضيف (وي) أن الفوتونات تضرب سطح ذرات الغبار الدقيقة وتخلصها من الإلكترونات، مما يجعل هذه الذرات مشحونة بشحنة موجبة. كنتيجة لذلك، فإن تيارات الجسيمات المقذوفة من الشمس والمسماة بالرياح الشمسية تتفاعل مع ذرات الغبار المشحونة، مخلفةً ارتفاعاً حاداً في المجال المغناطيسي. لذلك تحمل العديد من المركبات الفضائية في النظام الشمسي على متنها أجهزة لقياس المجال المغناطيسي، من أجل الكشف عن الآثار المغناطيسية الناتجة عن التصادم.
وباستخدام البيانات من المركبات الفضائية المتعددة، حول حجم ونطاق الاضطرابات في المجال المغناطيسي، بالإضافة إلى البيانات المستمَدة سابقاً حول سرعة وخصائص الأجسام البين نجمية المعروفة، يستطيع الفريق حساب حجم وشكل سحابة الحطام الناتجة. ولأن هذه الكويكبات تحيط بالشمس عاماً بعد آخر، فإن الباحثون يستطيعون عمل خريطة لكيفية تَغير مسار الحطام مع مرور الوقت. وقال (لاي) لمجلة Live Science: "ومن هنا يمكن للمحاكاة القائمة أن تكشف فيما إذا كانت الأرض في مسار الحطام الصخري ".
مؤخراً، وجد الفريق أن الكويكب 138175 والذي يدور حول الشمس دورة كاملة كل 368 يوماً تقريباً، قد يكون له عشرات الآلاف من الأجسام في مداره؛ وهي أجسام صغيرة لكنها قاتلة وقد تُشكل بذلك خطراً على الأرض. في المقابل، فإن الكويكب 308635 الذي يدور حول الشمس تقريباً كل 455 يوماً لا يحمل معه الكثير من الحطام الصخري.
في النهاية، يُبلغ (وي) أن الطريقة الحديثة مكنت العلماء من معرفة أين يوجهون أجهزتهم، لتحديد أماكن الأخطار المحتملة المحيطة بالأرض. لكن هناك بعض القيود؛ حالياً يستطيع الباحثون فقط تحديد الأجسام القريبة من الشمس، والتي تقع في مسار الرياح الشمسية. ويُعْلم (وي) بأن العلماء ليسوا متأكدين إلى أي مدى ستستمر هذه الإشارات الناتجة عن التصادمات والقادمة من الفضاء؛ فيمكن لسحابة الغبار أن تتسارع لتصل نفس سرعة الرياح الشمسية، وهذا لن يترك أي أثر للمجال المغناطيسي.