يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
الكويكبات المارة بنا... فرص لدراسة عن كثب!

تصوّر هذه الرسوم المتحركة التحليق الآمن لكويكب 2012 TC4 ومروره تحت الأرض في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017. حينها، لم يكن العلماء على يقينٍ تامٍ من المسافة التي سيقتربها الكويكب من الأرض، إلا إنهم كانوا متأكدين من أنه لن يقترب مسافةً أقل من 6800 كيلومتر من سطح الأرض. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech

في 27 و31 تموز/يوليو وأيضًا في 5 آب/أغسطس، رصد الكويكبَ المقترب كلٌّ من أوليفير هينوت Olivier Hainaut وديتليف كوشني Detlef Koschny وماركو ميشيلي Marco Micheli من أعضاء وكالة الفضاء الأوربية مستخدمين أحد تلسكوبات المرصد الأوروبي الجنوبي ذات الـ 8.2 متر في مرصد التلسكوبات الكبير جدًا. هذه هي أولى أرصاد الكويكب الصغير بعد وقت قصير من اكتشافه عام 2012.

وفي الوقت الذي أُجريت فيه عمليات الرصد، كان الكويكب لا يزال بعيدًا جدًّا عن الأرض، إذ كانت المسافة بينه وبين الأرض 56 مليون كيلومترٍ. وكان لا يزال باهتًا جدًّا بسطوعه الظاهري البالغ 26.4. وبهذا السطوع الظاهري، يُعدّ هذا الجرم أقل خفوتًا من كوكب زحل بـ 60 مليار مرةٍ، وذلك كما يُشاهد زحل في ليلة رصدٍ من الفناء. كان الكويكب يقترب من الأرض بسرعة 14 كيلومترًا في الثانية، واستمر في السطوع ليصل حتى المرتبة الثالثة عشرة على مقياس القدر الظاهري لدى أكبر اقترابٍ له.

تصوّر هذه الرسوم المتحركة التحليق الآمن لكويكب 2012 TC4 ومروره تحت الأرض في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017. حينها، لم يكن العلماء على يقينٍ تامٍ من المسافة التي سيقتربها الكويكب من الأرض، إلا إنهم كانوا متأكدين من أنه لن يقترب مسافةً أقل من 6800 كيلومتر من سطح الأرض. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
تصوّر هذه الرسوم المتحركة التحليق الآمن لكويكب 2012 TC4 ومروره تحت الأرض في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017. حينها، لم يكن العلماء على يقينٍ تامٍ من المسافة التي سيقتربها الكويكب من الأرض، إلا إنهم كانوا متأكدين من أنه لن يقترب مسافةً أقل من 6800 كيلومتر من سطح الأرض. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
 
وقدمت عمليات الرصد الجديدة للكويكب 2012 TC4 تصحيحًا هامًّا لموقع الكويكب، وتمكّن العلماء في مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض التابع لناسا CNEO S والموجود في مختبر الدفع النفاث في باسادينا كاليفورنيا من تحديد مداره بشكلٍ أكثر دقةً، إضافةً إلى المسافة التي سيمر بها بجوار الأرض لدى أكبر اقتراب له. وقد أشارت الحسابات إلى أن مروره في 12 تشرين الأول/أكتوبر سيكون آمنًا، وهذا ما حصل بالفعل، كما أشارت إلى أن المسافة الأقرب ستبلغ 43500 كيلومترٍ من سطح الأرض، أو ثُمن المسافة بين الأرض والقمر. وكانت عمليات الرصد الإضافية المقررة للكويكب ستُجرى بتمويلٍ من ناسا وبواسطة فلكيين آخرين، بمن فيهم الشبكة الدولية للتحذير من الكويكبات، وذلك كجزءٍ من تدريباتهم على توصيف مخاطر الأجسام المقتربة من الأرض والإبلاغ عنها، والتعافي من آثارها إذا وقعت هذه المخاطر.

تطلّع علماء ناسا بحماسٍ للتحليق القادم القريب لكويكبٍ صغيرٍ وخططوا لاستخدام أكبر اقترابٍ له من الأرض في تشرين الأول/أكتوبر كفرصةٍ ليست من أجل العلوم فقط، ولكن لاختبار شبكة مراصد ناسا وعلمائها الذين يعملون مع مكتب الدفاع الكوكبي.
 
كان محط كل هذا الاهتمام هو الكويكب 2012 TC4، وهو كويكبٌ صغيرٌ يُقدّر قطره ما بين 10 و30 مترًا. وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر حلّق الكويكب بأمان بالقرب من الأرض. وعلى الرغم من عدم تمكُّن العلماء من التنبؤ بالمسافة الدقيقة التي كان سيقتربها بالضبط، إلا إنهم كانوا على يقينٍ من أنه لن يقترب مسافةً أقل من 6800 كيلومترٍ من سطح الأرض. وقد كان الكويكب خارج نطاق مجال رؤية التلسكوبات منذ 2012.
 
يقول مايكل كيلي (Michael Kelley)، عالم البرنامج وقائد المقر الرئيسي لوكالة ناسا لحملة المراقبة الخاصة بـ TC4: " لطالما كانت معرفة موعد أكبر اقترابٍ لكويكبٍ من الأرض ومروره بأمانٍ من جانبها موضع تقديرٍ لدى العلماء، إذ سيتمكّنون من اتخاذ التدابير اللازمة لجمع البيانات لتوصيفها ومعرفة أكبر قدرٍ ممكنٍ عنها"، ثم يضيف قائلًا: "هذه المرة نضيف مستوًى آخرَ من الجهد، وذلك باستخدام تحليق هذا الكويكب لاختبار شبكة كشف وتعقّب الكويكبات العالمية، وتقييم قدرتنا على العمل معًا استجابةً لوجود تهديدٍ كويكبيٍّ حقيقيٍّ محتملٍ".
 
في 12 تشرين الثاني/أكتوبر 2017 حلّق الكويكب (TC4 2012) بأمانٍ تحت الأرض. وعلى الرغم من عدم تمكن العلماء من التنبؤ بمسافة اقترابه بالضبط، إلا إنهم على يقينٍ من أنه لن يقترب مسافةً أقل من 6800 كيلومترٍ من سطح الأرض. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
في 12 تشرين الثاني/أكتوبر 2017 حلّق الكويكب (TC4 2012) بأمانٍ تحت الأرض. وعلى الرغم من عدم تمكن العلماء من التنبؤ بمسافة اقترابه بالضبط، إلا إنهم على يقينٍ من أنه لن يقترب مسافةً أقل من 6800 كيلومترٍ من سطح الأرض. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
 
يقود البروفيسور فيشنو ريدي (Vishnu Reddy)، من مختبر جامعة أريزونا القمري والكوكبي في توكسون، حملةً لإعادة تعقّب TC4 2012 ويرى فيه فرصةً لحملة الرصد التعاونية لاستخدام الجانب الدولي للشبكة. ويقول ريدي: "يضمّ هذا الجهد الجماعي أكثر من عشرة مراصد وجامعاتٍ ومختبراتٍ في جميع أنحاء العالم، وبذلك يمكننا أن نتعلم بشكلٍ جماعيٍّ نقاط القوة والتقييد في قدراتنا على مراقبة الأجسام القريبة من الأرض". والهدف من حملة TC4 هو كشف 2012TC4 وتعقّبه وتوصيفه، ويضيف: "سيمرّن هذا الجهد النظام بكامله ليشمل عمليات المراقبة الأولية والمتتابعة وتحديد المدار الدقيق والاتصالات الدولية".
 
وقد أجمع علماءُ من مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض التابع لناسا (CNEOS) في مختبر الدفع النفاث في باسادينا بولاية كاليفورنيا أن الكويكب لن يقترب من الأرض في أكبر اقترابٍ له منها لمسافةٍ أقل من 4200 ميلٍ من سطح الأرض، حتى إن احتمال أن تكون المسافة أكبر من ذلك كان قائمًا، إذ قدّروا أن تكون مسافة أكبر اقتراب بـ 270000 كيلومتر، أو ثلثي المسافة من الأرض إلى القمر. وتستند هذه الحسابات على سبعة أيام فقط من تعقب 2012TC4 بعد اكتشافه في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2012 من خلال تلسكوب المسح البانورامي ونظام الاستجابة السريعة (Pan-STARRS) من هاليكالا في جزيرة ماوي في هاواي. وهناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من عمليات الرصد لتحديدٍ أكثر دقةً لمدار الكويكب.
 
قد يكون كويكب 2012 TC4 أكبر قليلًا من الصخرة الفضائية التي اصطدمت بالغلاف الجوي للأرض بالقرب من تشيليابينسك فى روسيا في شباط/فبراير 2013. ولم يُشاهد الكويكب (TC4) منذ اكتشافه عام 2012 عندما سبق له المرور بجانب الأرض على مسافةٍ تُقدّر بربع المسافة من الأرض الى القمر. لقد كان بعيدًا جدًّا وخافتًا جدًّا ليُشاهد على مدار الخمس سنوات الماضية. وحين بدأ يقترب من الأرض هذا الصيف، استُخدمت تلسكوباتٌ كبيرةٌ للكشف عنه وإعادة تحديد مسار الكويكب الدقيق. وقد ساعدت عمليات الرصد الجديدة على صقل معرفتنا عن مداره مما حدّ من الشكّ بشأن أكبر اقترابٍ له من سطح الأرض في تشرين الأول/أكتوبر.
 
يقول بول تشوداس (Paul Chodas)، مدير (CNEOS) في مختبر الدفع النفاث: "هذا هو الهدف المثالي لمثل هذا التدريب إذ وبينما نعرف مدار 2012 TC4 بما يكفي لنكون على يقينٍ تامٍّ من أنه لن يصطدم بالأرض، إلا أننا لم نحدد مساره بالضبط حتى الآن"، ويضيف: "سيكون لزامًا على المراصد التركيز على الكويكب حين اقترابه، والعمل سويًا للحصول على عمليات رصد متتابعةٍ أكثر من العمل على جعل عمليات تحديد مدار الكويكب ممكنةً بصورةٍ أكبر".
 
إن مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي التابع لوكالة ناسا مسؤولٌ عن العثور وتتبع وتوصيف الكويكبات والمذنبات التي يمكن أن تشكل خطرًا باقترابها من الارض، وإصدار تحذيراتٍ بشأن الاصطدامات المحتملة، والمساعدة في تنسيق تخطيط استجابة الحكومة الأمريكية إذا كان هناك تهديد فعلي بحدوث اصطدام.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات