حقوق الصورة: NASA
إذا مثلنا النظام الشمسي، فغالبًا ما نرسم نجمنا الضخم في مركز كل الأجرام الأخرى، ثابتًا وغير متحرك إذ تدور الكواكب حوله. تجعل هذه الصورة الأشياء سهلة الفهم، ولكن تقنيًا يُعتبر ذلك غير صحيحًا. على سبيل المثال، خذ الكوكب الأضخم في النظام الشمسي، المشتري، إنه لا يدور حول مركز الشمس، بل يدور حول نقطة في فضاء فارغ بينه وبين الشمس تُدعى مركز الكتلة barycenter، وذلك لأن الشمس لا تُطبق لوحدها جاذبية على المشتري؛ إنّ هذا الكوكب كبيرٌ لدرجة كافية ليؤثر بقوة جذبه على حركة الشمس أيضًا.
إنّ الشمس أكبر كتلة من كوكب المشتري بنحو ألف مرة، ويؤثر هذان الجسمان على بعضهما البعض وفقًا للمسافة بينهما وكتلة كلّ منهما، لذلك فإنّ قيمة الجاذبية التي يؤثر بها المشتري على الشمس تقدر بنسبة 1\1000 من قيمة الجاذبية التي تؤثر بها الشمس على المشتري. وتستغرق دورة كوكب المشتري حول الأرض نحو 11.8 سنة أرضية حتى تكتمل.
ويقع مركز الكتلة على بُعد (عن مركز الشمس) بحوالي 1.07 من شعاع الشمس، أو على بعد(عن سطح الشمس) 7% من شعاع الشمس. كما أنّ الشمس تدور أيضًا حول ذات النقطة، إذا كنت تنظر إلى المستوى الحامل للكواكب من الأعلى، فستلاحظ ميلانًا طفيفًا أثناء حركة الشمس حول مجرة درب التبانة، كما توضّح ذلك الصور المتحركة الصادرة من وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA الموجودة في الرابط.
إنها ليست مجرد حقيقة رائعة لإبهار الناس على حفلة العشاء فحسب، فبالرغم من كلّ ذلك، من ذا الذي لا يحب الشخص الذي يبدأ حديثه بكلمة: "حسنًا، فمن وجهة نظر تقنية ..."، فالتطبيق العملي لهذا هو أنّه يمكّن العلماء المختصون في "اصطياد الكواكب" من البحث عن ميلان مشابه في نجوم أخرى لاستنتاج وجود أجرام سماوية ضخمة أخرى.
وإذا تحدثنا تقنيًا، من الجدير أن نذكر أنه لا توجد كواكب أخرى تدور حول مركز الشمس تمامًا، إلا أن الكمية التي تؤثر بها على الشمس مهملة إذ أنها تدور حول مركز الشمس بفعالية، حيث أن مركز دوراننا ودوران الكواكب مدفونة عميقًا ضمن بلازما الشمس المحترقة.
يُعزى أحد أسباب ذلك إلى وجود كوكب المشتري هائل الضخامة: فإذا جمعتَ الكواكب على جانب واحد من مقياس ضخم معترف به، ثم ضاعفتَ هذا الركام الكوكبي للحصول على قياس جيد، فسيبقى المشتري الضخم يزن أكثر من كل ذلك.
رغم ذلك، دعونا لا نيْئَس، فليس كل ما تعلمناه خاطئًا. إن تعلم أمور أكثر حول مراكز كتلة المدار بمثابة تذكير بأن جميع الأشياء مرتبطة ببعضها وتؤثر على بعضها البعض، تارةً يصل التأثير إلى درجةٍ كبيرة وتارةً أخرى يصل إلى درجة صغيرة، ولكنه تأثير يمكن قياسه دائمًا. إن نظامنا الشمسي ليس سلسلةً من الدوائر الدوارة، فلنفكر بدل ذلك بأنه حشد يرتج وينبض كلما انتقل كل عنصر منه عبر مداره الخاص. فنحن نعيش في نظام من الأجسام الكروية الغريبة، والمرتبطة ببعضها البعض، والتي ترسم مسارًا رائعًا مشتركًا عبر الفضاء.