كيف تبدو حافة مجموعتنا الشمسية؟

حقوق الصورة: MARK GARLICK/SCIENCE PHOTO LIBRARY via Getty Images.

 

إنها أغرب مما تتخيّل!

كوكب الأرض هو الكوكب السادس على حافة النظام الشمسي، ما يعني أننا لسنا قريبين من تلك الحافة الباردة و القاسية. لقد أرسلنا العديد من المركبات الفضائية على مر السنين، فهل لدينا أدنى فكرة عما تبدو عليه تلك الحافة يا ترى؟

إن الإجابة هي نعم، ولكن العمل مستمر، فقد كشفت مؤخرًا خريطةً ثلاثية الأبعاد لحافة النظام الشمسي، استغرق إنشاؤها ثلاثة عشر عامًا، الستار عن إحدى خفايا هذه الحافة الغامضة تُعرف بالغلاف الشمسي الخارجي "Outer Heliosphere".

يقول دان ريسنفيلد Dan Reisenfeld، الباحث في علوم الفضاء في مخبر لوس ألاموس الوطني في نيو مكسيكو ورئيس الفريق الذي أجرى البحث على الخريطة ثلاثية الأبعاد: "يحدّد الغلاف الشمسي الخارجي حدود المنطقة التي تنحرف فيها الرياح الشمسية، أو بمعنى آخر الجزيئات المشحونة التي تبعثها الشمس، وترتد بسبب الإشعاع بين النجمي الذي يتغلغل الفراغ وراء النظام الشمسي، وبعبارة أخرى، فإنّ الرياح الشمسية والجزيئات بين النجمية تلتقي لتشكل حدودًا في أقاصي المجموعة الشمسية".

حصل الأرضيون على أول لمحة للنظام الشمسي في عام 2012، عندما عبرت مركبة فوياجر 1 -التي أطلقتها وكالة الفضاء الأميركية ناسا عام 1977- الفضاء بين النجمي بحسب ناسا. لقد كانت مركبة فوياجير 2 قريبة من فوياجر 1، وقد خطت نفس الخطوة في عام 2018. جُهِّزت مركبتا فوياجر 1 و2 بسجلات ذهبية للموسيقار باخ، ولويس أرمسترونغ وأصوات غناء الحيتان بالإضافة لمعداتهما العلمية، وتمكنتا عند مغادرتهما المجموعة الشمسية من رصد انخفاض بعدد الجزيئات الشمسية وازدياد ملحوظ بالإشعاع المجري، وذلك وفقًا لمخبر ناسا للدفع النفاث في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.

تكشف الخريطة ثلاثية الأبعاد أيضًا معلومات أكثر عن الغلاف الشمسي؛ إن الطبقة الداخلية للغلاف -حيث تتوضّع الشمس و كواكبها- كرويّة الشكل تقريبًا، وتتمدّد تقريبًا بكل الاتجاهات 90 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية هي متوسط المسافة بين الأرض والشمس، وتساوي نحو 93 مليون ميل أي 150 مليون كيلومتر). إنّ الطبقة الخارجية أقل تناظرًا. يمتد الغلاف الشمسي في اتجاه واحد 110 وحدات فلكية وعلى الأقل 350 وحدة فلكية في الاتجاه المعاكس بحسب ريسنفيلد.

يحدّد الغلاف الشمسي الخارجي حدود المنطقة التي تنحرف فيها الرياح الشمسية، أو بمعنى آخر الجزيئات المشحونة التي تبعثها الشمس، وترتد بسبب الإشعاع بين النجمي. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
يحدّد الغلاف الشمسي الخارجي حدود المنطقة التي تنحرف فيها الرياح الشمسية، أو بمعنى آخر الجزيئات المشحونة التي تبعثها الشمس، وترتد بسبب الإشعاع بين النجمي. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech


إن السبب وراء قلة التناظر هو حركة الشمس عبر مجرة درب التبانة، إذ تواجه الاحتكاك مع الإشعاع المجري من الأمام، وتزيل مساحات من خلفها.

قال ريسنفيلد لموقع لايف ساينس: "هنالك الكثير من البلازما -جسيمات مشحونة- في الوسط بين النجمي، و يشكل الغلاف الشمسي المستدير عائقًا لتيار البلازما الذي تعبر خلاله. إنه نفس التأثير الذي نراه في جريان المياه حول صخرة ما عند الارتطام بصخرة، حيث تندفع المياه في الجزء الأمامي للصخرة، وتكون هادئةً خلفها".

جُمعت القياسات للخريطة ثلاثية الأبعاد باستخدام مستكشف الحدود بين النجمي (IBEX) الذي أُطلق عام 2008، ويبلغ حجمه حجم عجلة حافلة بحسب ناسا. إنّ الكلمة IBEX لها نفس لفظ ماعز الجبال الذي يُعرف بتحديه للجاذبية في منحدرات جبال الألب، غير أنّ الحيوان الذي سميت IBEX تيمنًا به هو الخفاش. تصطاد الخفافيش البعوض، إذ ترسل نبضات صوتية وتستخدم تأخر وقت الصدى لمعرفة مكان فريستها. تعمل IBEX على كشف جسيمات الرياح الشمسيّة التي ارتدت من حافة النظام الشمسي. يساعد هذا الأمر رسينفيلد وزملاءه على تحديد المسافات المتضمنة عن طريق قياس الوقت المستغرق لرحلاتها المستديرة. شرح رسينفيلد قائلًا: "ترسل الشمس نبضات، وعندئذ ننتظر إشارات عائدة من الغلاف الشمسي الخارجي. باستخدام التأخر الزمني، نحدّد مكان وجود الغلاف الشمسي الخارجي".

بينما تجوب الشمس الحافة الخارجية لدرب التبانة، تشكل الريح الشمسية فقاعة حامية تقي من الاشعاعات الكونية. يقول ريسنفيلد: "هذا جيد لنا لأنّ هذه الإشعاعات قادرة على إحداث ضرر للمركبات الفضائية، ومن الممكن أن تشكل خطرًا صحيًّا على رواد الفضاء".

بالرغم من ذلك، قد لا تبقى الحدود على هذا الشكل على المدى الطويل. وضح ريسنفيلد بأنّ هناك ترابطًا بين شدة الريح الشمسيّة وعدد البقع على الشمس. إن البقعة الشمسية هي نقطة قاتمة نسبيًا تظهر بشكل مؤقت على سطح الشمس نتيجة لاضطرابات شديدة في المجال المغناطيسي. من 1645 إلى 1715، وهي الفترة المعروفة بين مراقبي الشمس "بظاهرة موندر"، رُصد عددٌ قليل جدًا من البقع الشمسيّة، وبذلك فربما كانت هناك رياح شمسية ضعيفة فقط.

يقول ريسنفيلد: "اختفت البقع الشمسيّة لما يقارب القرن، وإذا حدث ذلك فمن الممكن أن يكون شكل الغلاف الشمسي قد تغيّر بشكل كبير. نرى تغيرات في النشاط الشمسي، ومن الممكن في أي وقت أن نشهد ظاهرة موندر جديدة، لكن هذا ليس مصدرًا للقلق بشأن قابلية تغير فعاليّة الغلاف الشمسي كدرع للحماية من الأشعة الكونية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات