ما الذي سنجده هناك يا ترى؟
تتجه الصين نحو تحقيق إنجاز فضائي غير مسبوق، يتمثل في إيصال أول مركبة فضائية إلى الجانب البعيد من القمر، والتي ستحمل اسم تشانغ إي-4 (Chang’e-4)، حيث من المخطط أن يتم إطلاقها في وقت لاحق من العام الحالي. وكان المارد الآسيوي قد بدأ بالفعل التحضير لهذه المهمة من خلال إطلاق القمر الصناعي كيكياو Queqiao، والذي وصل إلى مداره حول القمر في حزيران/يونيو الماضي، وبات جاهزاً لأداء مهمته في نقل البيانات والرسائل من المركبة الفضائية لدى وصولها إلى هدفها.
ونظراً لأن القمر يرتبط بالأرض بعلاقة "تقييد مدي" tidal locking، أي أنه يستغرق المدة ذاتها لإتمام دورة كاملة حول محوره وحول الأرض، فإنه يواجه كوكبنا دائماً بالجانب نفسه، فيما يبقى الجانب الآخر متوارياً عن أعيننا. ومع أنه سبق لنا بالفعل رؤية الجانب البعيد من القمر، وذلك بفضل المسابير والمركبات المدارية إضافة إلى بعثات أبولو، إلا أن الآلة الوحيدة التي صنعها الإنسان لزيارة هذا الجانب كانت رينجر 4 (Ranger 4)، وهو عبارة عن مسبار تصادمي impactor probe تم إطلاقه في أوائل ستينيات القرن الماضي. وكان هذا المسبار مصمماً لإرسال البيانات والصور قبل أن يتحطم على سطح القمر، ولكنه أصيب، لسوء الحظ، بعطل فني ولم تصل منه أية بيانات علمية إلى الأرض.
وتتمثل إحدى العقبات الرئيسية التي تواجه أية مهمة لاستكشاف الجانب البعيد من القمر، في أنّ القمر نفسه يشكل حاجزاً يمنع وصول أية إشارات لاسلكية منها إلى الأرض؛ وهنا يأتي دور القمر الصناعي كيكياو كحل لهذه المشكلة. وهذا هو في الواقع سر تسمية القمر بهذا الاسم، والذي يعني باللغة الصينية "جسر العقعق"، في إشارة إلى حكاية شعبية صينية قديمة تُدعى "النسّاجة وراعي البقر". وتروي هذه الحكاية معاناة شاب وفتاة تربط بينهما علاقة حب محرمة، يُعاقبان عليها بالنفي إلى جهتين متباعدتين من السماء، إلا أن طيور العقعق تجتمع مرةً كل سنة لتشكل جسراً يتيح لهما اللقاء.
وهكذا، سيلعب كيكياو دور جسر الاتصال بين المركبة تشانغ إي-4 والأرض، بعد أن اتخذ موقعه في إحدى نقاط لاغرانج Lagrange points، وهي خمس نقاط (L1-L5) تتوزع على مواقع محددة بين جسمين فائقي الكتلة (وهما في هذه الحالة الأرض والشمس)، حيث يشكل مجموع قوى الجذب بين الجسمين، منطقة من الاستقرار الثقالي في كل واحدة من هذه النقاط، والتي تتيح لجسم أصغر (وهو في هذه الحالة القمر الصناعي) الحفاظ على موقع ثابت بالنسبة لهما.