يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
من أين يأتي الغبار المريخي؟

 تُظهر الصورة جزءًا من تشكيل الحفرة الوسطى على سطح المريخ ويظهر فيه تأثير مليارات السنوات من التآكل، تم الحصول على الصورة بواسطة كاميرا عالية الدقة للتصوير التجريبي (HiRISE) على متن مركبة استكشاف المريخ (Mars Reconnaissance Orbiter). حقوق الصورة: NASA/JPL/University of Arizona

اكتشف العلماء أن الغبار الذي يغطي سطح المريخ يأتي بشكل رئيسي من تشكّل جيولوجي واحد بطول آلاف الكيلومترات بالقرب من خط استواء الكوكب الأحمر. نُشرت هذه الدراسة في مجلة Nature Communications حيث اكتُشف تطابق كيميائي بين الغبار في غلاف المريخ الجوي والغبار على سطحه، سُميت هذه الدراسة بـ "تشكّل الحفرة الوسطى [1]Medusae Fossae". ويقول المؤلف المساعد كيفن لويس Kevin Lewis وهو أستاذ مشارك في علم الأرض والكواكب في جامعة Johns Hopkins: "لولا هذه الطبقة الضخمة التي تأكل وتلوث الكوكب تدريجيًا لما كان المريخ مليئًا بهذا الكم من الغبار".
 

في فيلم المريخي The Martian أدت عاصفة رملية إلى سلسلة أحداث انتهت بهجر رائد فضاء لعب دوره الممثل مات ديمون Matt Damon. وبشكل مماثل للفيلم، يسبب غبار المريخ مشاكل للمهمات الحقيقية من ضمنها مركبة الاستكشاف المريخية سبيرت Spirit هذا التراب الناعم يمكن أن يدخل الى المعدات المكلفة ويغطي لوحات الطاقة الشمسية الضرورية لتوليد الطاقة للتجهيزات.

في كوكب الأرض، ينفصل الغبار من التشكّلات الصخرية الناعمة بفعل قوى الطبيعة التي تتضمن الرياح والماء والأنهار الجليدية والبراكين والنيازك.

على أي حال فمنذ أكثر من 4 مليارات سنة، ساهمت جداول الماء والأنهار الجليدية المتحركة بشكل قليل في تشكيل مخزون الغبار المريخي، في حين تعتبر فوهات البراكين التي تشكلت من النيازك مَعلمًا رئيسيًّا للكوكب الرابع حسب بعده عن الشمس، فإن الشذرات المتشكلة من آثار النيازك تكون عادة أكبر من الجزيئات النقية التي تشكل غبار المريخ.
 

يقول المؤلف الرئيسي لوجيندرا أوخا Lujendra Ojha زميل ما بعد الدكتوراه في مختبر لويس Lewis: "كيف يولّد المريخ هذا الكم من الغبار؟ لأن هذه العمليات لا تُجرى في المريخ، فبالإضافة الى أن هذه العوامل ربما لعبت دوراً في الماضي، هناك شيء آخر يفسر هذا الكم الكبير من الغبار المحيط بالمريخ الآن".

بحث أوخا مع الفريق العلمي عن التركيب الكيميائي للغبار، حيث قدمت العربات الجوالة ومركبات الاستكشاف المنتشرة في الكوكب معلومات مألوفة بشكل مدهش عن الغبار. يقول أوخا: "إن الغبار المنتشر في كل مكان في الكوكب غني بالكبريت والكلور مع انتشار أكبر للكبريت بشكل ملحوظ".

ودرسوا المعلومات التي جمعت عن طريق مركبة الفضاء مارس أوديسي Mars Odyssey التي تدور حول الكوكب منذ عام 2001. تمكن اوخا وزملاؤه من تحديد منطقة تشكيل الحفرة الوسطى والتي تُعرف اختصارًا بـ MFF والتي تحوي كمية كبيرة من الكبريت والكلور بالإضافة الى تطابق انتشار الكبريت مقارنة مع الكلور في غبار المريخ.

أوضحت اكتشافات سابقة أن MMF ذات أصل بركاني، وكانت سابقًا بحجم 50% من قارة الولايات المتحدة ولكن الرياح سببت تآكلها تاركة منها الآن مساحة تقدر بـ 20% تقريبًا، مع ذلك فهي تعتبر أكبر راسب بركاني في نظامنا الشمسي. 

إن قمم الجبال المجزأة بفعل الرياح والتي تعرف باسم الياردنج [2]yardangs هي بقايا التآكلات. وبحساب النقص في حجم MFF منذ 3 مليارات سنة تمكن العلماء من تقدير كمية الغبار الحالية في المريخ، وتبلغ سماكتها 2 الى 12 متر من طبقة شاملة.

تؤثر جزيئات الغبار على مناخ المريخ عبر امتصاصها لأشعة الشمس، ما يؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة في مستوى الأرض وارتفاعها في مستوى الغلاف الجوي. هذا التباين في درجة الحرارة يمكن أن يخلق رياحًا أقوى مؤديًا إلى ارتفاع غبار أكثر عن سطح المريخ. في حين أن العواصف الرملية الموسمية تحدث كل سنة مريخية (سنتين في كوكب الأرض) فإن العواصف الرملية الشاملة تتشكل كل 10 سنوات أو أكثر.

واختتم: "هذا يفسر بشكل محتمل جزءًا كبيرًا من كيفية وصول المريخ إلى حالته الحالية".


  • [1] Medusae Fossae تُترجم عادة إلى الحفرة الوسطى، ولكن أصل التسمية ينقسم إلى قسمين الأول Medusae وتعني الميدوزا الواردة في الأساطير اليونانية وهي أمرأة بشعة المنظر يتكون شعرها من ثعابين وكل من ينظر إليها يتحول إلى حجر، أما القسم الثاني Fossae فهي كلمة لاتينية تعني خنادق.
  • [2] الياردنج yardang هي عبارة كتل صخرية مكونة من صخور متباينة الصلابة نتيجةً لهبوب الرياح على تلك الصخور في تنحت الصخور اللينة وتترك الصخور الصلبة على هيئة أشرطة صخرية ممدة على الأرض تفصل بينها خوانق ضيقة تظهر في المناطق الجافة حيث توجد صخور صلبة تمتد في موازاة صخور لينة في وضع رأسي، وعندما تتعرض لرياح سائدة من اتجاه ثابت نجد أن الصخور الصلبة تبدو شامخة كأشرطة صخرية - إذا صح التعبير- ترتفع الى نحو 20 مترًا يطلق عليها الياردنج وهذه الظاهرة واسعة الانتشار في صحاري وسط آسيا وفي صحراء أكتاما بأمريكا الجنوبية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

اترك تعليقاً () تعليقات