لقاح DNA جديد يحمي من السموم المرتبطة بداء آلزهايمر

‎لقاح دي إن إيه DNA جديد، يحفز تكوين استجابة مناعية عندما يعطى في الجلد، بحيث تنتج أجساما مضادة تحمي من بروتينات سامة لها علاقة بداء آلزهايمر. علمًا بأنها لا تقود إلى انتفاخ في الدماغ كما حصل عند بعض المرضى الذين استخدموا العلاجات الأخرى.

‎طور باحثون من جامعة تكساس ساوث ويستيرن لقاح "دي إن إيه" يمكنه مساعدة الجسم على الحماية من بروتينات سامة متعلقة بداء آلزهايمر. تظهر هذه الصور لويحات أميلويدية في دماغ فأر باستخدام بلازما محتوية على جسم مضاد للأميلويد مأخوذ من ثدييات كبيرة ملقحة بهذا اللقاح.


الصورة محفوظة لـ Image courtesy of UT Southwestern Medical Center.
الصورة محفوظة لـ Image courtesy of UT Southwestern Medical Center.


‎تبين دراستان من معهد "بيتر أو دانيل جونيور" لأبحاث الدماغ أجريتا على حيوانات كيف أن لقاحًا محتويًا على "دي إن إيه" خاص بالبروتين السام "البيتا أميلويد" يمكنه تحفيز استجابة مناعية مختلفة قد تكون آمنة للبشر. ‎هذا اللقاح واحد من العلاجات القليلة المعتمدة على الأجسام المضادة والواعدة بأن تساعد في حسم النقاش الدائر حول إن كان الأميلويد هدفًا أساسيًا للحماية من داء آلزهايمر أو علاجه. كما أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية يرجح أنها ستجري عليه اختبارات إضافية.

‎يقول دكتور روجر روزنبيرغ Roger Rosenberg، المؤلف المشارك في الدراسات، ومدير مركز داء آلزهايمر في المركز الطبي بجامعة تكساس ساوثويستيرن: "إن كنت تنظر للحقيقة المرة، فإن احتمالات النجاح غير مواتية لنا، لأن هناك العديد من العلاجات التي فشلت على مر السنين. ولكن هذا العلاج علاج واعد".

‎كما يقول روزنبيرغ إن الأبحاث السابقة رسخت من المعلومة القائلة بأن الأجسام المضادة تقلل من تراكم الأميلويد تقليلا ملحوظًا في الدماغ، لكنه كان عليه أن يجد طريقة آمنة لإعطاء هذه الأجسام المضادة للجسم. هناك لقاح طُوِّر في مكان آخر عام 2000 وأظهر أنه واعد، إلا أنه عندما اختُبِر على البشر تسبب في انتفاخ الدماغ عند بعض المرضى.

‎كانت فكرة روزنبيرغ أن يبدأوا بحقن دي إن إيه خاص بتشفير بروتين الأميلويد داخل الجلد بدلا من العضلات. وهذه الخلايا الجلدية المحقونة تصنع بروتين الأميلويد، ويستجيب الجسم عن طريق إنتاج أجسام مضادة جديدة تثبط تراكم الأميلويد، وهو البروتين الذي يلقى عليه اللوم في تدمير الخلايا العصبية.

‎مع أن لقاح "دي إن إيه" لم يُختَبَر بعد على البشر، فإنه ينتج نوعًا مختلفًا من الاستجابة المناعية في الحيوانات التي اختُبِر فيها، بحيث تقلل هذه الاستجابة من نسبة حصول استجابة ضارة في الدماغ تقليلًا واضحًا، وذلك بحسب الدراسات التي نشرت في دورية Journal of Alzheimer's Disease ودورية Alzheimer's Research & Therapy.

‎يظهر هذا البحث كيف أن لقاح "دي إن إيه" يمكنه أن يكون فاعلًا وآمنًا في حيوانين ثديين، وهذا ما يجعل منه بحثًا بارزًا. أما أغلب اللقاحات الأخرى فلم تنتج سوى استجابة مناعية في الفئران، وليس في الثدييات الكبيرة.

‎يقول دكتور روزنبيرغ أستاذ الفيزيولوجيا وطب الأعصاب، والمداواة العصبية: "نعتقد أن هذا النوع من الاستجابات المناعية يمتلك نسبة فرصة عالية لأن يكون آمنًا في البشر وأن يكون فاعلًا في تكوين نسب عالية من الأجسام المضادة".

‎يتميز داء آلزهايمر بتدهور مستمر في الدماغ، حيث تُدمر فيه الخلايا العصبية. كما أن أكثر من خمسة ملايين أمريكي مصابون بهذا المرض. ويتوقع أن يتضاعف هذ الرقم ثلاثة مرات بحلول عام 2050، بحسب مراكز ضبط ومنع الأمراض.

‎لا يوجد علاج شاف بعد، مع أن هناك مجموعة من الأجسام المضادة والعلاجات الأخرى يجري اختبارها من أجل استهداف اللويحات الأميلويدية. وتشتمل إحدى الإستراتيجيات المقترحة على تكوين الأجسام المضادة تكوينًا أوليًا في المختبرات، وإدخالها في الجسم، وهي تقنية لا تزال قيد الاختبار من أجل الانتفاع بها سريريًا.

‎كما قال دكتور روزنبيرغ إنه ستكون هناك منافع مختلفة في السماح للجسم أن ينتج الأجسام المضادة الخاصة به عن طريق التمنيع الفاعل، إن كان بالإمكان إجراؤه بطريقة آمنة (وهو نوع من التمنيع يحصل فيه الجسم على مناعته عن طريق إدخال مستضدات، كأجزاء من بكتيريا أو فيروسات، تحفز تكوين الجسم للأجسام المضادة لها. وهو بخلاف التمنيع اللافاعل، والذي يعطى فيه الجسم الأجسامَ المضادة جاهزة). ومن بين هذه المنافع، أن اللقاح سيكون أقل تكلفة وسيصل إلى عدد أكبر من المرضى، كما أنها ستسمح بإنتاج أنواع أكثر من الأجسام المضادة، أكثر من الأجسام المضادة المصنعة مسبقًا، بحسب قوله.

‎وقال روزنبيرغ: "كل اللقاحات التي أعطيت لنا عندما كنا صغارًا أو بالغين كانت عبارة عن تطعيمات فاعلة؛ أي أننا صنعنا الأجسام المضادة في أجسامنا. وهذه طريقة آمنة، وأكثر فاعلية، وتدوم فترة أطول".

‎يعد بحث دكتور روزنبيرغ الإضافة الأخيرة لعقود من الدراسة على مستوى العالم، والتي تركز على إزالة صفيحات الأميلويد، من أجل علاج أو تأخير تقدم داء آلزهايمر. كانت قلة النتائج الإيجابية على مدى السنوات الأخيرة دافعا لبعض العلماء في الشك في أنهم لا يستهدفون المرض استهدافًا سليمًا.

‎عام 2008، أظهرت دراسة إنجليزية أن إزالة الأميلويد بعد أن يتجمع في الدماغ لا يحسن من الوظائف المعرفية للدماغ، وهذه النتيجة تبرز لنا بعضًا من الأسئلة التي طال وجودها بدون إجابة وافية، والمتعلقة بمستقبل البحوث على داء آلزهايمر، وهي: هل الأميليويد مجرد عرض للمرض، وليس سبب المرض؟ وإن افترضنا أنه السبب، هل تأتي العلاجات الأبكر بنتائج أفضل؟

‎يقول روزنبيرغ إن منع تراكم الأميليويد قد لا يكون علاجًا كافيًا بحد ذاته لداء آلزهايمر، لكنه قد يكون جزءًا أساسيًا في العلاج. يدرس دكتور روزنبيرغ وباحثون آخرون في جامعة تكساس ساوث ويستيرن المنافع المحتملة لمنع وإزالة تجمعات البروتين السامّ "تاو" من الدماغ، والذي يعتبر سمة أخرى للمرض.

‎قال دكتور روزنبيرغ: "يعتقد البعض في المجتمع العلمي أن سبب فشل العلاجات الموجهة للأميلويد هو أن ما يعطى من العلاج قليل جدًا، ومتأخر جدًا. وبذلك فإن فاعلية هذه العلاجات لما تحسم بعد".

‎تظهر الدراسات الأخيرة لدكتور روزنبيرغ الإمكانيات التي يوفرها لقاح الـDNA في منع تراكم الأميلويد في الأشخاص السليمين. أُعطي اللقاح للحيوانات السليمة، وهو ما حفز تكوين استجابة مناعية مضادة للالتهاب لما يصل لنحو 40 مرة أكثر من الأجسام المضادة للأميلويد، وهي استجابة أكبر من لقاح آخر فحصه دكتور روزنبيرغ العقد الماضي.

‎يتوقع دكتور روزنبيرغ أن إدارة الغذاء والدواء ستطلب المزيد من الفحوص للقاح في مختبراتها الخاصة، قبل التخطيط لتجربة سريرية على البشر. وإن تبين أنه فعال، يمكن للقاح أن يعطى للناس المعرضين لخطر الإصابة بداء آلزهايمر، ولكنهم لم يبدأوا بعد بتكوين الأجسام الأميلويدية. ‎ويبقي دكتور روزنبيرغ توقعاته هذه مضبوطة، ملاحظًا أن هناك بلايين الدولارات وكما كبيرا من الأبحاث التي حققت القليل من التقدم حتى الآن في علاج داء آلزهايمر.

‎يقول دكتور روزنبيرغ، والذي عمل لدى جامعة تكساس لأربعة وأربعين عاما، ويشغل منصب رئيس إيب (برنكي)، وموريس، وويليام [1] في طب الأعصاب: "ستصعقك إجابات هذه الأسئلة عندما نجدها. لقد وضعت على نفسي التزامًا لهذا المكان وهذه البحوث. لا أزال أحاول، وسأستمر".
 


[‎[1 أحد أنواع المناصب الرئاسية، وقد سمي بأسماء هؤلاء الأشخاص الثلاثة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات