اكتشاف عُمر القمر، وربّما يتم حل اللغز القمري

تمكن العلماء من حصر تاريخ ولادة القمر، حيث وُلد بعد حوالي 100 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي ، وهو أفضل جدول زمني تم الحصول عليه للقمر الطبيعي التابع لكوكبنا.

 

ويضيف الباحثون " ربما يُساعد هذا الاكتشاف الجديد حول أصل القمر على حل الغموض المتعلق بكيفية ظهور القمر والأرض بتركيبٍ كيميائي متطابق ".

 

اقترح العلماء أن القمر تشكل قبل حوالي 4.5 مليار عام من الآن، جراء تصادم عملاق حصل مع جسم بحجم المريخ يُعرف بأرض ثايند (Theiaand Earth)، ومن المرجَّح كثيراً أنّ هذا التصادم قام بصهر الأرض بدرجةٍ كبيرة. يقترح هذا النموذج أن 40% من القمر مصنوع من حطام ناتج عن الجسم الصادم. (تقترح النظرية الحالية أنّ الأرض عانت من عدة تصادمات عملاقة خلال تشكلها، وكان التصادم، الذي أدى إلى خلق القمر، الأخير.)

 

على أية حال، يعتقد الباحثون بأنّ بأرض ثايند تمتعت بتركيب كيميائي مختلف عن الأرض. في المقابل، كشفت الدراسات الحالية عن أنّ الأرض والقمر يبدوان متشابهين عند النظر إلى النسخ المختلفة من العناصر والتي نعرفها بالنظائر – الأمر الذي ربما اقترحه وبشكلٍ كبير نموذج التصادم الحالي. (تمتلك نظائر العنصر أعداداً مختلفة من النترونات عند مقارنتها مع بعضها أو مع العنصر المستقر).

 

يقول Seth Jacobson، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة، من معهد العلوم الكوكبية في مرصد كوت دازور في نيس بفرنسا، ‘‘يعني هذا على المستوى الذري، أن كلاً من الأرض والقمر متطابقين. تتحدى هذه المعلومات الجديدة نظرية التصادم العملاق الذي أدى إلى تشكل القمر‘‘.

 

ــ كيف تطور القمر ؟


وفقاً لـ Jacobson، لا ينازع نظرية التصادم في تشكل القمر أي من النظريات الأخرى وهي السيناريو المرجح لدى الأغلبية. على أية حال، التطابق الافتراضي الذري بين القمر والأرض يتطلّب ظروف دقيقة يجب أن تتواجد في التصادم المفروض.

 

الآن وجراء تحديد تاريخ تشكل القمر، يُمكن لـ Jacobson وزملائه أن يساعدوا على شرح التشابه الغريب بين الأرض والقمر. فصل العلماء اكتشافاتهم ونشروها ضمن عدد 3 ابريل من مجلة الطبيعة.

 

كل الأفكار الموجودة حتى هذا التاريخ والتي تتعلق بالتصادم الذي أدى إلى تشكل القمر، تم اقتراحها منذ أزمنة مضت. جادل البعض أن الحدث الأول حصل بعد حوالي 30 مليون سنة من ولادة النظام الشمسي، في حين اقترح آخرون أنه حصل بعد 50 مليون سنة وربما بعد ذلك بوقت أطول ويصل إلى 100 مليون سنة بعد تشكل النظام الشمسي.

 

من أجل المساعدة على حل هذا اللغز، قام Jacobson وزملاءه بإجراء عملية محاكاة لنمو الكواكب الصخرية في النظام الشمسي –عطارد، الزهرة، الأرض والمريخ –انطلاقاً من القرص الكوكبي الأولي الذي احتوى آلاف لبنات البناء الكوكبية التي كانت تدور حول الشمس.

 

من خلال تحليل كيفية تشكل هذه الكواكب ونموها بالاعتماد على أكثر من 250 عملية محاكاة حاسوبية، اكتشف الباحثون أن التصادم المُشكل للقمر كان مبكراً جداً، فقد كانت كمية المواد التي تراكمت في الأرض بعد ذلك كبيرة. لو كان التصادم متأخراً، فإن الكمية ستكون قليلة.

 

قام بحث قديم بحساب كمية المواد المتراكمة في الأرض بعد التصادم المُشكل للقمر. اعتمدت تلك التقديرات على ما تُبديه العناصر المعروفة بالسايدروفيل (Siderophile) أو "المُحبة للحديد"، مثل الايريديوم والبلاتينيوم، من ميل قوي للتحرك تجاه قلب الأرض. بعد كل تصادم عملاق، تنجو الأرض الوليدة وتقوم هذه العناصر بالترشح من غطاء الأرض لترتبط مع المواد الغنية بالحديد، مُتجهة بالتالي إلى قلب الأرض.

 

ــ لغز ولادة القمر 


بعد التصادم العملاق الأخير المُشكل للقمر، جُردت العباءة بالكامل تقريباً من الايريديوم والبلاتينيوم وأقربائهما. لاتزال هذه العناصر موجودة في العباءة، ولكن بكميات صغيرة فقط، الأمر الذي يقترح أن كمية صغيرة فقط من المواد تراكمت فوق الأرض بعد التصادم المُشكل للقمر.

 

قدر الباحثون أنّ التصادم المُشكل للقمر لا بد وأنه حصل بعد حوالي 95 مليون سنة من تشكل النظام الشمسي، زائداً أو ناقصاً 32 مليون سنة. يقول Jacobson، ‘‘الحدث المتأخر الذي شكل القمر، كما يقترح عملنا، كان متسقاً جداً مع فكرة تطابق الأرض والقمر. ‘‘

 

بالإضافة إلى ذلك ووفقاً للاكتشافات الجديدة، تقترح عمليات التحليل الحالية أن التصادم الذي خلق القمر تطلب تصادماً أكثر سرعة وطاقة من الذي تم اقتراحه سابقاً، وهذا الأمر منطقي فيما لو حدث ذلك التصادم في وقتٍ متأخر نسبياً وبوجود قرص كوكبي أولي أكثر تعميراً.

 

يقول Jacobson، ‘‘تميل الأقراص الأقدم إلى أن تكون نشطة ديناميكياً بشكل أكبر، طالما أنّ الأجسام المتواجدة في القرص أقل وبالتالي كمية الطاقة المتوزعة فيها أقل‘‘.

 

أدت هذه الاكتشافات إلى لغز جديد مذهل. فبينما يقترح الباحثون أن الأرض والقمر تشكلا معاً بعد حوالي 100 مليون سنة من نشأة النظام الشمسي، تقترح الأدلة القادمة من النيازك، التي مصدرها المريخ، أن كوكب المريخ تشكل بعد بضعة ملايين السنين من ولادة النظام الشمسي فقط.

 

بقول Jacobson، ‘‘يعني ذلك أن الأرض والمريخ تشكلا عند أزمنة مختلفة تماماً، حيث تشكل المريخ بشكلٍ أسرع بكثير من الأرض. كيف يمكن أي يحدث ذلك؟ هل المسألة مسألة حجم فقط؟ أو موضع؟ وماذا عن عطارد والزهرة؟ هل نمت هذه الكواكب في نفس الفترة التي ظهرت فيها الأرض أم في الفترة التي وُلد فيها المريخ؟ أعتقد أنه لدينا أسئلة مهمة جداً، ستواجه هذه الأسئلة مجتمع علماء الكواكب في المستقل‘‘.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات