هل الطاقة دائماً محافظ عليها، حتى في حالة الكون الآخذ في الاتساع؟

الحفاظ على الطاقة هو القانونُ المطلق، ولكن يبدو أنه يزول في مواجهة الأمور التي نلاحظها ونتعرّض لها كلَّ يوم. الشرر يخلق النارَ، التي تولد الطاقة الحرارية التي كانت من الواضح غيرَ موجودة من قبل. البطارية تنتجُ الطاقة. القنبلة النووية تخلق الانفجار. ومع ذلك، كل من هذه الحالات هو حالة تغيّر في شكل الطاقة ببساطة. حتى الطاقة المظلمة المتناقضة المسببة في توسّع الكون، سوف نراها تطيع هذه القاعدة.

 

قانون الحفاظ على الطاقة، والمعروف باسم القانون الأوّل للديناميكا الحرارية، ينص على أن الطاقةَ من نظامٍ مغلق يجب أن تبقى ثابتة، بدون زيادة أو نقصان(دون أيِّ تدخل من الخارج). الكون نفسه هو نظام مغلق، لذا فإن المقدارَ الإجماليّ للطاقة هو في حالة ثبات دائم. ومع ذلك، النماذج التي تستهلك طاقة تتغير باستمرار.

 

الإمكانيات والطاقة الحرارية هما من أكثر الأشياء الأساسيّة و المألوفة من الفيزياء في المدرسة الثانوية: إمكانية الجاذبية هي الطاقة المخزنة من صخرة مضغوطة فوق تل، تستعد للتدحرج أسفله. الطاقة الحركية هي الطاقة ذاتها الناتجة عندما تبدأ الصخرة بالحركة إلى أسفل التل.

ويُطلق على مجموع كل ما سبق بالطاقة الميكانيكية. الحرارة في الجسم الساخن هي الطاقة الميكانيكية للذرات و الجزيئات في الحركة.

 

في القرن التاسع عشر، أدرك الفيزيائيون أن الحرارةَ التي تنتجها آلة تتحرك، تحول الطاقة الميكانيكية الإجمالية للآلة إلى طاقة ميكانيكية مجهرية من ذرات. الطاقة الكيميائية هي شكلٌ آخر من أشكال الطاقة الكامنة المخزنة في الروابط الكيميائية الجزيئية. هذه هي الطاقة، و تخزينها في خلايا جسمك و الذي يسمح لك بالجري و القفز. و تتضمن أشكالا أخرى من الطاقة منها الطاقة الكهرومغناطيسية أو الضوء، والطاقة النووية والطاقة المحتملة للقوى النووية في الذرات. هناك غيرها الكثير، حتى الكتلة هي شكل آخر من أشكال الطاقة، كما أظهرت قاعدةُ ألبرت آينشتاين الشهيرةE = mc2.

 

النار هي تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقةٍ حراريةٍ و كهرومغناطيسية عن طريق تفاعل كيميائيّ يجمع بين الجزيئات في الوقود (الخشب) مع الأوكسجين في الهواء لخلق الماء و ثنائي أوكسيد الكربون. فهي تطلق الطاقةَ على شكل حرارة و ضوء. البطارية تحول الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية. القنبلة النووية تحول الطاقة النووية إلى طاقة حرارية، كهرومغناطيسية وحركية.

 

وكما أن للعلماء فَهماَ أفضل لأشكال الطاقة، فقد كشفوا عن وسائلَ جديدةٍ لتحويل الطاقة من شكلٍ لآخر. عندما وضع الفيزيائيون نظريةَ الكم، أدركوا أن الإلكترون في الذرة يمكن أن يقفز من مستوى طاقة إلى آخر، مع إعطاء وامتصاص ضوء. في عام 1924، اقترح كلٌّ من نيلز بور، هانز كرامرز، وجون سلاتر أن هذا الكم يقفز مؤقتاً، منهكاً الحفاظ على الطاقة. وفقاً لعلماء الفيزياء، إن كلَّ قفزة كم تحرر أو تمتص طاقة، و فقط في المتوسط سيتم الحفاظ على الطاقة.

 

آينشتاين اعترض بشدة على أن فكرة ميكانيك الكم تتحدى المحافظة على الطاقة. وتبين أنه كان على حق. بعد سنواتٍ قليلة من إعادة تنقيح الفيزيائيين لميكانيك الكم, أدركوا بأنه على الرغم من أن طاقة كل إلكترون قد تتذبذب في فضاء احتمالي، ظلت الطاقة الكلية للإلكترون وإشعاعه مستمرة في كل لحظة من هذه العملية، حيث تم الحفاظ على الطاقة.

 

وعرض علمُ الكونيات الحديث عن الألغاز الجديدة في الحفاظ على الطاقة. نحن نعلم الآن أن الكون يتوسع في الطاقة المظلمة أسرع وأسرع، من شيء يدعوه العلماء القذائف ذات الدفع المعدل. ويعتقد أن تكونَ هذه هي الطاقة الكامنة في كل سنتيمتر مكعب من الفضاء الفارغ. ولكن إذا كان الكون هو نظام مغلق مع كمية محدودة من الطاقة، كيف يمكن أن تفرز المزيد من الحيز الفارغ، الذي يجب أن يحتوي على طاقة أكثر جوهرية، دون خلق طاقة إضافية؟

 

اتضح أنه في نظرية اينشتاين في النسبية العامة، أقاليم الفضاء مع الطاقة الإيجابية تدفع فعلا الفضاء الخارجي. ومع توسّعِ الفضاء فانه يحرر طاقته الكامنة الثقالية المخزنة، والتي تحوّل إلى طاقة كامنة تملأ الحجم المنشأ حديثاً. ولذلك نرى ان توسع الكون يتم التحكم به وفقا لقانون إنحفاظ الطاقة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات