هل يؤدي التعرض المبكر للمضادات الحيوية إلى تغيرات في السلوك؟

أظهرت الفئران زيادة في القلق والعدوانية. التاريخ: 8 نيسان/أبريل 2017

وجد باحثون أن إعطاء جرعات قليلة من المضادات الحيوية الشائعة إلى فئران حوامل أو إلى أطفالها يؤدي إلى تغيرات سلوكية طويلة الأمد. هذا أمر كبير، فإن كانت هذه النتائج صحيحة عند البشر فذلك يعني أن المضادات الحيوية التي تُستَهلَك خلال الحمل قد تؤثر على تطور الطفل.

يقول أحد الباحثين جون بينينستوك John Bienenstock من جامعة ماكماستر McMaster في كندا لكاثرين لينديمان Katherine Lindemann من موقع Research Gate: "تُظهِر إحصائيات من أمريكا الشمالية أن 70% من الأطفال قد تلقوا على الأقل شوطين من المضادات الحيوية قبل عمر السنتين. تضيف نتائج التجارب هذه المزيد إلى قائمة المخاوف حول استخدام المضادات الحيوية وسوء استخدامها وتأثيراتها طويلة الأمد".

رغم ضرورة المضادات الحيوية أحيانًا في المحافظة على الحياة، تزداد المخاوف من تأثيرها على الأحياء الدقيقة عندنا، تلك الأحياء غير الضارة مثل الجراثيم المتعايشة في أجسادنا التي تؤمن لنا فوائد غير متوقعة. وعلاوةً على ذلك، يؤدي استخدامنا المُفرِط للمضادات الحيوية بأن تصبح العديد من الجراثيم مقاومةً للأدوية المتوافرة حاليًا، وهذا ما يطلق عليه العلماء أحد التحديات الكبرى للقرن الواحد والعشرين. كما أنه من الصعب الاستغناء عن استخدام المضادات الحيوية حتى إن رغبنا بذلك.

يقول بينينستوك: "لا يوجد تقريبًا طفلٌ في أمريكا الشمالية لم يتلقَ جرعات من المضادات الحيوية في سنته الأولى من العمر. لا توصَف المضادات الحيوية فحسب بل توجد أيضًا في اللحم ومنتجات الحليب".

فحص الباحثون 12 أنثى فأر حاملًا حتى الفترة الممتدة إلى ما بعد الولادة، وقدموا لخمس منها الماء فقط، ولأربع الماء مع المضاد الحيوي البنسلين، ولثلاث الماء مع البنسلين ومُعينات حيوية probiotics تُدعى بالعصويات اللبنية الرامنوزية Lactobacillus rhamnosus.

بعد ولادة الفئران حصل الباحثون على 72 فأرًا، ووجدوا أن الفئران التي تلقت مضادات حيوية طورت تغيرات طويلة الأمد في سلوكها، كما وجدوا تغيرات بالجراثيم الموجودة في أمعائها.

كتب الباحثون في دراستهم


"لقد وجدنا أن للبنسلين تأثيرات دائمة على الأحياء الدقيقة في أمعاء الفئران من كلا الجنسين، فهو يزيد من التعبير عن السيتوكين cytokin في القشرة الدماغية الجبهية، ويغير في تماسك الحاجز الدماغي الوعائي، ويبدل السلوك. لقد طورت الفئران الُمعالَجة بالمضادات الحيوية سلوكًا اجتماعيًا مضطربًا شبيهًا بالقلق، بالإضافة إلى العدوانية". ولكنها ليست نهاية العالم، لأن تأثيرات المضادات الحيوية كانت أخف عند الفئران التي تلقت مُعينًا حيويًا probiotic كذلك.

يخبر بينينستوك لينديرمان أن بحثهم يشير أن المضادات الحيوية: "قد تكون ذات تأثيرات سلبية طويلة الأمد، وبشكل خاص إن اِستُخدِمَت في عمرٍ مُبكر، ولكن استخدام معين حيوي مناسب قد يقلل من هذه التأثيرات الضارة". ولكن يجب أن نكون حذرين هنا، لأننا لاحظنا هذه النتائج في الدراسات على الفئران فقط، وسنحتاج إلى المزيد من الأدلة عند البشر قبل أن نتأكد من هذا التأثير عندهم.

ولكن هناك الكثير من الأبحاث التي تربط استخدام المضادات الحيوية بتغير الجراثيم الموجودة في الأمعاء، والذي يؤدي إلى زيادة احتمالية تطور عدد من الأمراض.

يضيف بينينستوك: "تظهر دراسات علم الأوبئة التي أُجريت على البشر أن استخدام المضاد الحيوي، خاصة الاستخدام طويل الأمد، قد يرتبط بعدد من الحالات المعوية مثل الداء البطني (حساسية القمح)، والداء المعوي الالتهابي، وسرطان القولون والمستقيم، والسمنة".

وهذا سبب جديد لعدم استخدام المضادات الحيوية إلا عند وجود سبب يستلزم ذلك، للمحافظة على الأحياء الدقيقة الموجودة في أمعائنا.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات