الفيزياء غريبة الأطوار: أروع جسيمات الطبيعة

 

الجسيمات الدقيقة توجد في الطبيعة بمختلِف النكهات والأحجام، يوجد بعضُها على شكل أزواجٍ هدّامة يقوم كلٌّ منها فعلياً بتبخير الآخر، وبعضُها الآخر له أسماء خيالية مثل الجسيمات فائقة التناظر (Sparticles)والنيوترولينوهات (neutrolinos). والآن، إليك الجسيمات الدقيقة التي تُسيل لعاب علماء الفيزياء أنفسهم!



الغرافيتونات (Gravitons)


في مجال ميكانيكا الكمّ، تحمل الجسيمات كلّ القوى الأساسية. فعلى سبيل المثال، يتألّف الضوء من جسيمات معدومة الكتلة تُدعى فوتونات تحمل القوة الكهرومغناطيسية. وعلى غراره، فإن الغرافيتون هو الجسيم النظريّ المسؤول عن حمل قوّة الجاذبية. لم يرصد العلماءُ الغرافيتونات بعد، حيث إنّ رصدها مخادعٌ جدًا وذلك أن تفاعلها مع المادة ضعيفٌ جدًا.


المادة المضادة (Antimatter)



كل الجسيمات العادية يُعتقَد بأن لها جسيماتٍ نظيرة من المادة المضادة، لها الكتلة نفسها لكن شحنتها مضادة. حين تتلاقى المادة والمادة المضادة، تُفني كلتاهما بعضهما البعض. فعلى سبيل المثال، نظير البروتون من المادة المضادة هو البروتون المضاد (antiproton)، بينما نظير الإلكترون من المادة المضادة هو البوزيترون (positron).


النيوترينوهات (Neutrinos)



إنها جسيمات دون ذرية خفيفة الوزن تكاد تسافر بسرعة الضوء. في الواقع، تريليونات النيوترينوهات تسبح مخترقةً جسدك في أي لحظة، إلا أنها نادرًا ما تتفاعل مع المادة العادية. بعض النيوترينوهات تصدر عن الشمس، بينما يصدر بعضُها الآخر عن تفاعُل الأشعة الكونية مع الغلاف الجويّ للأرض والمصادر الفلكية مثل النجوم المنفجرة في مجرة درب التبّانة والمجرات البعيدة الأخرى. نظير النيوترينو من المادة المضادة يُدعى جيونيوترينو (geoneutrino)، وعلى غرار التفاعلات الأخرى بين المادة والمادة المضادة، يفنى الجسيمان حين يلتقيان.


الجسيمات فائقة التناظر (Sparticles)



إن كلمة (Sparticle) هي اختصار للجسيم فائق التناظر (supersymmetric particle)، وهو الذي تتنبأ بوجوده نظرية التناظر الفائق (supersymmetry theory)، التي تفترض أن هناك نظيرًا لم نكتشفه بعد لكل جسيمٍ معروف لدينا. فعلى سبيل المثال، النظير الفائق للإلكترون هو السلكترون (selectron)، والنظير الفائق للكوارك هو السكوارك (squark)، ونظير الفوتون هو الفوتينو (photino).


لماذا لا نرصد هذه الجسيمات فائقة التناظر في الكون حاليًا؟ يظن العلماء أنها أثقل بكثير من نظائرها من الجسيمات، وكلّما ثَقُل وزن الجسيم قَصُرت حياته. فهي فعلياً تنهار حالما تُنتَج.
خلق الجسيمات فائقة التناظر يتطلّب كمًا مهولًا من الطاقة، كالطاقة التي لم تُوجَد قطّ إلا بعد الانفجار العظيم، وربما تلك التي يمكن خلقها في مسرعات الجسيمات الكبيرة مثل مصادم الهادرونات الكبير (LHC).


أما للإجابة عن سبب كون الجسيمات ثقيلة لهذا الحدّ، فعلماء الفيزياء يتكهّنون بأن التناظر ربما انكسر في قطاعٍ خفيّ ما من قطاعات الكون، ولا يمكننا رؤيته أو لمسه بيد أنه يمكننا الشعور به بصورةٍ جذبيّة وحسب.


الكواركات (Quarks)



هي لَبنات بناء البروتونات والنيوترونات الأساسية المسمّاة على نحوٍ جذّاب، حيث لا توجد إلا في مجموعات؛ فالكواركات لا توجد وحدها أبدًا. على ما يبدو، فإن القوة التي تربط الكواركات ببضعها تتزايد طرديًا مع المسافة بينها، لذا، كلّما حاولت فصل وإبعاد كوارك وحيد، ازدادت مقاومته للرجوع. ولذلك لا توجد الكواركات الحرة في الطبيعة أبدًا. هذه الجسيمات الأولية لها ستّ نكهات: العلويّ، والسفليّ، والساحر، والغريب، والقميّ، والقاعيّ. فعلى سبيل المثال، البروتونات والنيوترونات يتألّف كلٌ منهما من ثلاثة كواركات، حيث تحتوي البروتونات على كواركين علويّين وكوارك سفليّ، بينما النيوترونات تحوي كواركين سفليّين وكواركاً علويّاً.


الكواركان العلويّ والسفليّ لهما أقل كتلة، وهما أكثر النكهات شيوعًا، حيث إن الكواركات الأثقل -كالساحر، والغريب، والقميّ، والقاعيّ- تنحلّ سريعًا لتصير كواركات علوية وسفلية. إلا أن الكواركات الأثقل يمكن إنتاجها في تصادمات عالية الطاقة، مثل تلك التي تحدث في محطّمات الذرات القوية.


الجسيم الرب (God Particle)



بوزون هيغز، وهو جسيم مهم للعلم لدرجة أنه يدعى "الجسيم الرب"، يُعتقَد بأنه يمنح الكتلة لكل الجسيمات الأخرى. تم افتراض وجود الجسيم أوّل مرة عام 1964 حين تساءل العلماء عن سبب تمتّع بعض الجسيمات بكتلة أكبر من بعضها الآخر. يرتبط بوزون هيغز بما يُدعى حقل هيغز (Higgs field)، وهو نظام شبكيّ من نوعٍ ما، يُعتقَد بأنه يملأ الكون. وكلاهما -الحقل، والبوزون أو الجسيم- يُعتقَد بأنهما مسؤولان عن منح الكتلة لكل الجسيمات الأخرى.


أعلنت المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية CERN في 4 يوليو 2012 عن اكتشاف بوزون هيغز، حيث مُنح بيتر هيغز Peter Higgs جائزة نوبل للفيزياء مناصفةً مع فرنسوا انغليرت François Englert في 8 أكتوبر 2013 تقديراً لأبحاثهما في مجال بوزون هيغز. ويأمُل العديد من العلماء أن توفّر آلية هيغز قطعة الأحجية المفقودة لإكمال "النموذج القياسيّ" الحالي للفيزياء الذي يصف الجسيمات الأخرى.

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المضادة (antimatter): تتميز المادة المضادة عن المادة بامتلاكها لشحنة معاكسة، فمثلاً: يمتلك البوزيترون (الالكترون المضاد) شحنة معاكسة للالكترون ويُماثله فيما تبقى. وكان العالم بول ديراك أول من اقترح وجودها في العام 1928 وحصل جراء ذلك على جائزة نوبر للفيزياء في العام 1933، أما الفيزيائي الأمريكي كارل اندرسون فكان أول من اكتشف البوزيترون في العام 1932 وحصل على جائزة نوبل في العام 1936 عن ذلك الاكتشاف. يُمكن رصد البوزيترون في تفكك بيتا لنظير الأكسجين 18O2. لكن في وقتٍ سابق لاندرسون، رصد العالم السوفيتي (Dimitri Skobeltsyn) وجود جسيمات لها كتلة الكترونات ولكن تنحرف في اتجاه معاكس لها بوجود حقل مغناطيسي أثناء عبور الأشعة الكونية في حجرة ويلسن الضبابية وحصل ذلك في العام 1929، وقام طالب معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا شونغ شاو برصد الظاهرة نفسها في نفس العام، لكنهما تجاهلا الأمر، اما اندرسون فلم يفعل ذلك. تعمل تجربة ALPHA التابعة لمنظمة الأبحاث النووية الأوروبية على احتجاز ذرات الهيدروجين المضاد وهي ذرة المادة المضادة الأبسط. المصدر: ناسا وسيرن والجمعية الفيزيائية الأمريكية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات