فيزيائيون يقتربون من تبريد المادة المضادة

أين كل المادة المضادة؟


بالرغم من أننا لا نزال في طريقنا نحو التعرّف على المادة المضادة، إلا أن العلماء الآن قد بدؤوا فعلًا بالتلاعب بها. اقترب علماء الفيزياء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية CERN خطوةً نحو تبريد المادة المضادة باستخدام أشعة الليزر، وهذا حدثٌ كبير يمكنه مساعدتنا في الكشف عن ألغازها الكثيرة.

المادة المضادة في الأساس عكس المادة الطبيعية، في حين أن للبروتون شحنة موجبة إلا أن نظيره في المادة المضادة يسمى البروتون المضاد Antiproton له نفس الكتلة ولكنه بشحنة سالبة.

أما الإلكترون فنظيره البوزيترون Positron له نفس الكتلة أيضًا ولكن باختلاف وحيد هو أن له شحنة مختلفة، أي أن شحنة الإلكترونات سالبة، والبوزيترونات موجبة، وعند اجتماع الجسيم مع نظيره من المادة المضادة يبيد كل منهما الآخر أو يلغيه. ومن الناحية النظرية، كان يجب على الانفجار الكبير Big Bang إنتاج كمية متساوية من المادة والمادة المضادة، وفي هذه الحالة، كان من الممكن أن تبيد كل منهما الأخرى.

ولكن ما حدث كان شيئًا مختلفًا، إذ يبدو أن هناك كميات أكبر من المادة في الكون على عكس المادة المضادة، وليس لدى الباحثين أي فكرة عن السبب في ذلك، لأنه من الصعب للغاية دراسة المادة المضادة، إذ لم يكن لديهم الكثير من المصادر للحصول عليها وفهمها، ولهذا السبب يحاول الباحثون في مختبر سيرن تبريد المادة المضادة، حتى يتمكنوا من الحصول على دراسةٍ أفضل لها.

وباستخدام أداة تُسمى جهاز فيزياء الليزر للهيدروجين المضاد ALPHA دمج الباحثون البروتونات المضادة بالبوزيترونات لتشكيل ذرات الهيدروجين المضاد. وبعد ذلك، قاموا بحصر مئاتٍ من هذه الذرات مغناطيسيًا في الفراغ وأطلقوا عليها نبضات ليزر، تسبب هذا في خضوع ذرات الهيدروجين المضاد لظاهرة تسمى بانتقال ليمان ألفا Lyman-alpha transition.

يقول أحد الباحثين تاكاماسا موموز Takamasa Momose في نشرة صحفية لجامعة كولومبيا البريطانية: "إن انتقال ليمان ألفا هو التحول الأساسي الأكثر أهميةً في ذرات الهيدروجين العادية، ولالتقاط نفس الظاهرة في الهيدروجين المضاد شأنٌ كبير في فتح حقبة جديدة في علم المادة المضادة".

ووفقًا لموموز، يُعدّ هذا التغيير في المرحلة خطوةً أولى حاسمة نحو تبريد الهيدروجين المضاد، ويستخدم الباحثون منذ فترة طويلة أشعة الليزر في تبريد ذراتٍ أخرى لجعل دراستها أسهل، وإذا استطاعوا فعل الشيء نفسه بالنسبة لذرات المادة المضادة سيمكنهم عندها من دراستها بشكلٍ أفضل. كما يمكن للعلماء أخذ قياسات أكثر دقةً، وقد يصبحون بسببها قادرين على حل لغزٍ آخر لم يُسوّى منذ وقتٍ طويل، وهو اكتشاف كيفية تفاعل المادة المضادة مع الجاذبية.

أما في الوقت الحالي، يخطط الفريق لمواصلة العمل نحو هدف تبريد المادة المضادة، وإذا نجحوا، فقد يتمكنون من المساعدة في حل الألغاز مع إجابات حاسمة لفهم الكون.

نُشر بحثهم يوم الأربعاء 20 آب/أغسطس في مجلة Nature وللاطلاع عليه من هنـــــــا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الانفجار العظيم (Big Bang): نموذج للكون مقبول بشكلٍ واسع، ويفترض هذا النموذج أن التوسع المرصود للكون بدأ منذ 13.7 مليار عام عندما كان الكون ساخن جداً وكثيف جداً. يقوم هذا النموذج وبشكلٍ ناجح بتفسير الخلفية الكونية الميكروية ونسبة الهيدروجين، والهليوم، والعناصر الخفيفة الأخرى، بالإضافة إلى توسع الكون.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات