نشر آخر نظرية للراحل ستيفن هوكينغ

نُشرت النظرية الأخيرة للبروفيسور ستيفن هوكينغ Stephen Hawking حول أصل الكون، بالتعاون مع البروفيسور توماس هيرتوغ Thomas Hertog من جامعة KU Leuven، في 2 مايو/أيار 2018 في مجلة Journal of High Energy Physics.

وتقوم النظرية -التي قُدّمت للنشر قبل وفاة هوكينغ في وقت سابق من هذا العام- على نظرية الأوتار String Theory، وتتنبأ بأنّ الكون محدود وأبسط بكثير من العديد من النظريات الحالية حول الانفجار العظيم Big Bang. وقد أعلن البروفيسور هيرتوغ، المدعوم من مجلس الأبحاث الأوروبي European Research Council، عن النظرية الجديدة لأوّل مرة في مؤتمر بجامعة كامبردج University of Cambridge في يوليو/تموز من العام الماضي، الذي أُقيم بمناسبة عيد ميلاد البروفيسور هوكينغ الـ 75.

وتتبنى النظريات الحديثة للانفجار العظيم فكرة أنّ كوننا المحلي قد جاء إلى حيز الوجود مع فترة موجزة من التضخم Inflation، وبعبارة أخرى، بعد الانفجار العظيم بجزء صغيرٍ من الثانية، وتوسّع بمعدل أُسي، غير أنه يُعتقد على نطاق واسعٍ أنه وبمجرد بدء التضخم، هناك مناطق لا يتوقف فيها أبدًا.

حيث يُعتقد أنّه يمكن للتأثيرات الكمومية Quantum Effects أن تُبقي على التضخم سائدًا إلى الأبد في بعض مناطق الكون، بحيث يكون التضخم أبديًا. عندئذ يكون الجزء المرئي من كوننا مجرد جيبٍ Pocket مضياف، وهي منطقة انتهى فيها التضخم وتكوّنت فيها النجوم والمجرات.

وقال هوكينغ في مقابلة أجريت معه في الخريف الماضي: "إنّ النظرية المعتادة للتضخم الأبدي تتنبأ بأنّ عالمنا يشبه الكُسيريات (الفراكتلات) اللانهائية، مع فسيفساء من أكوان جيبية مختلفة، ومفصولة بمحيطٍ متضخم، ويمكن أن تختلف القوانين الفيزيائية والكيميائية المحلية من كون جيبي إلى آخر، التي تشكل معًا أكوانًا متعددة Multiverse، لكنني لم أكن معجبًا أبدًا بالأكوان المتعددة، فإذا كان مقياس الأكوان المختلفة في الأكوان المتعددة كبيرًا أو لانهائيًا، فلا يمكن اختبار النظرية".

وفي ورقتهما العلمية الجديدة، يقول هوكينغ وهيرتوغ أنّ هذا الاعتبار الخاص بالتضخم الأبدي كنظرية للانفجار العظيم هو خطأ، وقال هيرتوغ: "إنّ المشكلة مع الاعتبار المعتاد للتضخم الأبدي هي أنه يفترض كونًا خلفيًا قائمًا يتطور وفقًا لنظرية أينشتاين Einstein للنسبية العامة Theory of General Relativity، ويعامل الآثار الكمومية كتقلبات صغيرة حول هذا، ومع ذلك، فإن ديناميكية التضخم الأبدي تمحو الفاصل بين الفيزياء الكلاسيكية والفيزياء الكمومية، ونتيجة لذلك، تنهار نظرية أينشتاين في التضخم الأبدي". وقال هوكينغ: "نتوقع أنّ كوننا، على أكبر المقاييس، سلسٌ إلى حدٍ معقول ومحدود. لذا، فإنه ليس بنية فركتالية".

وتستند نظرية التضخّم الأبدي التي وضعها هوكينغ وهرتوج على نظرية الأوتار، وهي فرعٌ من الفيزياء النظرية Theoretical Physics التي تحاول التوفيق بين الجاذبية والنسبية العامة مع فيزياء الكم Quantum Physics، من خلال وصف المكونات الأساسية للكون كأوتار صغيرة تهتز، وتستند مقاربتهم لمفهوم نظرية الأوتار للتصوير المجسم Holography، الذي يفترض أنّ الكون هو صورة ثلاثية الأبعاد كبيرة ومعقدة، بحيث يمكن تقليص الواقع الفيزيائي من فضاءات ثلاثية الأبعاد رياضياً إلى إسقاطات ثنائية الأبعاد على سطح.

وقد طوّر هوكينغ وهرتوغ تباينًا في مفهوم التصوير المجسم هذا لإبراز البعد الزمني للتضخم الأبدي، وقد مكّنهم ذلك من وصف التضخم الأبدي دون الحاجة إلى الاعتماد على نظرية أينشتاين، وفي النظرية الجديدة، يُخفّض التضخم الأبدي إلى حالة ينعدم فيها الزمن ويُحدّد على سطح مكاني في بداية الزمن.

وقال هيرتوغ: "عندما نتتبع تطور كوننا إلى الوراء، فإننا نصل في مرحلة ما إلى عتبة التضخم الأبدي، حيث يتوقف مفهومنا المألوف للزمن عن إعطاء أي معنى بالنسبة لنا".

وتنبأت نظرية "انعدام الحدود" السابقة لهوكينغ أنه إذا عدت في الزمن إلى بداية الكون، فإنّ الكون يتقلص ويغلق كالكرة، لكن هذه النظرية الجديدة تمثل خطوةً بعيدًا عن العمل السابق. حيث قال هيرتوغ: "نحن الآن نقول أنّ هناك حدود في ماضينا". وقد استخدم هيرتوغ وهوكينغ نظريتهما الجديدة لاستخلاص المزيد من التنبؤات الموثوقة حول بنية الكون، حيث تنبأوا بأنّ الكون الذي ينبثق من التضخم الأبدي على حدود الماضي هو محدود وأبسط بكثير من البنية الفركتالية اللانهائية التي تنبأت بها النظرية القديمة للتضخم الأبدي.

إذ سيكون لنتائجهما، إذا أُكّدت لاحقًا بمزيدٍ من الأبحاث، آثار بعيدة المدى على نموذج الأكوان المتعددة. إذ قال هوكينغ: "لا يقترح بحثنا وجود كونٍ واحدٍ فريدٍ من نوعه، ولكن نتائجنا تشير إلى إنقاص في الأكوان المتعددة، إلى مجموعة أصغر بكثير من الأكوان الممكنة"، وهذا يجعل النظرية أكثر قابليةٍ للتنبؤ والاختبار.

يخطط هيرتوغ الآن لدراسة الآثار المترتبة على النظرية الجديدة على المقاييس الأصغر التي هي في متناول تلسكوباتنا الفضائية. وهو يعتقد أنّ الموجات الثقالية البدائية، وهي تموجات في الزمكان، والتي وُلدت على المخرج من التضخم الأبدي تشكل دليلًا واعدًا لاختبار النموذج، إن تمدد كوننا منذ البداية يعني أنّ لهذه الموجات الثقالية أطوالًا موجيةً طويلةً جدًا، خارج نطاق كاشفات لايغو LIGO الحالية، ولكن قد تُرصد بواسطة مرصد الموجات الثقالية الأوروبي الفضائي LISA، أو قد تنكشف خلال تجارب مستقبلية لقياس إشعاع الخلفية الكونية Cosmic Microwave Background.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • إشعاع الخلفية الكونية الميكروي (cosmic microwave background): أو اختصاراً CMB، وهو الإشعاع الحراري الذي خلفه ورائه الانفجار العظيم، وهي موجودة في كل الاتجاهات بالكثافة نفسها، وتعادل درجة حرارة 2.725 درجة كلفن.
  • النسبية العامة (General Relativity): هي النظرية الهندسية للجاذبية. تم تطوير هذه النظرية من قبل البرت اينشتاين، و هي توسعة و مزج مع النسبية الخاصة. تقوم هذه النظرية بتوسيع مفهوم نظرية النسبية الخاصة، لتشمل جمل الإحداثيات التي تتحرك بتسارعٍ معين وتقدم هذه النظرية مفهوم التكافؤ بين قوى الجاذبية وقوى القصور الذاتي، كما أن لهذه النظرية مجموعة من النتائج التي تتعلق بكل من هذه المواضيع، كانحناء الضوء جرّاء وجود الأجسام فائقة الكتلة، و طبيعة الثقوب السوداء، و نسيج الزمان والمكان. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات