نحو جيرسكوب كمومي أفضل

قد يقود جيرسكوب ذري بارد ومطور إلى الحصول على أجهزة محمولة وفائقة الدقة من أجل الملاحة واختبارات الفيزياء الأساسية. ووفقاً لمبتكريه، يتمتع تصميم مُحسن لجهاز قياس دوار يعتمد على سحب الذرات الباردة بضعفي حساسية الأجهزة المشابهة، وقد يُصبح أفضل هذه الأجهزة في العالم، بعد إجراء تحسينات أخرى عليه.

 

الجهاز عبارة عن مقياس تداخل ذري، أي أنه جهاز يستفيد من الطبيعة الموجية للذرات. قامت إحدى الفرق باستخدام هذا الجهاز من أجل قياس دوران الأرض بدقة تصل إلى 1%، ووفقاً لهم فإنه من الممكن استخدام النسخ المستقبلية من هذا الجهاز في الجيرسكوبات المستقرة وفائقة الحساسية لخدمة أهداف ملاحية على متن الطائرات والسفن، واعتمد رأيهم هذا على إمكانية جعل مقياس التداخل الذري أصغر ومحمول أيضاً.

 

بإمكان هذه الأجهزة أيضاً إجراء قياسات دقيقة للجاذبية واختبار أساسيات النظرية النسبية.


استخدم الباحثون مقاييس التداخل الذرية بغرض الحصول على قياسات دقيقة للجاذبية والدوران، وهو تطور تكنولوجي قد يكون مفيداً في قياس الانزياح القاري والانزياحات الزلزالية، بالإضافة إلى تقديم فحص خارجي لتقنيات ملاحة مثل الـ GPS.

 

سابقاً، تم الحصول على أكثر قياسات دوران الأرض دقةً باستخدام آلات كبيرة، لكن تعد مقاييس التداخل الذري بالحصول على أجهزة محمولة وعالية الدقة. يستخدم مقياس التداخل الذري التقليدي (classical interferometer uses) الأمواج الضوئية. على سبيل المثال في مقياس التداخل ماخ-زندر، تقوم مرآة نصف فضية (مقسم الحزمة) بشطر نبضة الضوء إلى قسمين، وتُرسل الحزم المنقسمة في اتجاهات مختلفة. بعد ذلك، تصدم النبضات المرايا الأخرى، التي تقوم بتوجيههم نحو الخلف، ليعودوا للاجتماع من جديد عند مقسم حزمة ثاني، وهو المكان الذي يُكتشف فيه الضوء الخارج.

 

إذا ما تحركت إحدى الحزم مسافة أكبر بقليل من الأخرى، ستكون الأمواج الموجودة في تلك الحزم في طورين مختلفين قليلاً عند التقائهما، وسيقومان بإلغاء بعضهما البعض بشكلٍ جزئي. تعتمد حساسية مقياس التداخل على الطول الموجي، ولذلك قام الباحثون بتحسين الدقة بشكلٍ جذري عبر استخدام الذرات، التي تؤدي طبيعتها الكمومية إلى إنتاج أطوال موجية أقصر بكثير.

 

في إحدى نسخ مقياس التداخل الذري، تُطلق سحابة من الذرات الباردة بشكلٍ أفقي، وتتصادم مع سلسلة مكونة من ثلاث نبضات ليزرية أثناء عبورها لمنطقة القياس. تلعب نبضات الليزر دور المرايا ومقسمي الحزم الضوئية الموجودة في مقياس تداخل بصري. تقوم نبضة الليزر الأولى بوضع الذرات في تجمع كمومي مكون من شرطين هما: (1) التشتيت إلى اليمين بالنسبة للحالة الأرضية الأساسية و(2) التشتيت إلى اليسار بالنسبة للحالة المثارة.

 

تقوم النبضة الثانية بتشتيت سحابتي الذرات إلى الخلف نحو بعضهما البعض وتتسبب في تبادل الحالات الكمومية لهما، في حين تجمع النبضة الثالثة السحب تحضيراً لإجراء قياس لعدد الذرات الموجودة في الحالة المثارة. في مقياس التداخل الذري، الموجة عبارة عن احتمالية اهتزاز الذرات لتُصبح في هذه الحالة المثارة، وليست حقلاً كهربائياً مهتزاً كما هي الحال في مقياس التداخل البصري. ولأن الأرض تدور، فإن إحدى السحب ستتحرك إلى مسافة أبعد بقليل من الأخرى، مما يتسبب في إلغاء جزئي الأمواج الاحتمالية وسيؤثر ذلك أيضاً على عدد الذرات المُقاسة في النهاية.

 

تمثل أحد المصادر الرئيسية للخطأ في مقاييس التداخل الذري السابقة في تحرك السحابتين لمسافة طويلة نسبياً وبوجود حالات كمومية مختلفة (حالات أرضية ومثارة). يُمكن للقوى الخارجية، خصوصاً الحقول المغناطيسية، أن تؤثر على السحابتين بشكلٍ مختلف، مما يتسبب في حصول ارتياب (ضجيج) في القياس.

 

تمكن فريق، يقوده ارنست راسل (Ernst Rasel) من جامعة لايبنتز في هانوفر بألمانيا، من تخفيض الضجيج عبر ترتيب كلا السحابتين لتكونا في الحالة الأرضية في معظم أوقات التجربة، وبالتالي سيكون تأثر السحابتين بالقوى الخارجية هو نفسه. استخدم الفريق نبضات ليزر متعددة عند ثلاث نقاط تفاعل، وولدوا انتقالات قصيرة جداً بين الحالتين.

 

بالاعتماد على قياسهم لمعدل دوران الأرض بدقة بلغت 1%، يقول الفريق أنه بالإمكان لهذه التقنية ان تكون أكثر حساسية بضعفين من الجيروسكوبات الذرية الباردة الموجودة الآن، ويعتقدون أيضاً أنه بالإمكان زيادة حساسية هذه الأجهزة بعامل عشرة أضعاف على الأقل، لتُساوي دقتها بذلك دقة الجيروسكوبات العاملة حالياً، لكن على النقيض من الجيروسكوبات الموجودة حالياً، فهي ستملك كل هذه الدقة بوجود سطح مساحته 40 ميليمتر مربع فقط مقارنةً مع 16 سنتمتر مربع لازمة من أجل أكثر الجيروسكوبات حساسية.

 

يقول عضو الفريق بيتر بيرغ (Peter Berg) أنه بالإمكان لتقنية مشابهة أن تُحسن التجارب، التي يقوم فيها مقياس تداخل شاقولي التوجه باختبار قوى العطالة والجاذبية –وهي المبدأ المركزي للنسبية.

يقول هولغر مولر (Holger Müller)، من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أنه يُمكن لمثل هذا النوع من العمل المساعدة على جعل هذه التكنولوجيا متاحة في المخابر والاستخدامات العامة، إذا تم إنقاص الأسباب الأساسية المسببة للأخطاء في مقاييس التداخل.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • مقياس التداخل (interferometer): عبارة عن أداة تقوم بقياس التداخل (Interferometry)

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات