حلزونات عملاقة في الفضاء قد تفسّر سبب وجودنا

وفقاً لتحليل البيانات الناتجة عن مرصد فيرمي الفضائي (Fermi Space Telescope) التّابع لوكالة ناسا، فإن وجود حلزونات مغناطيسية عملاقة في السماء قادِر على تفسير السبب وراء وجود الشيء بدلاً من اللاشيء في هذا الكون.

تقتضي أفضل نظرياتنا في الفيزياء أنّه لم يكُن من المفترض لنا التواجد هنا. كان ينبغي لظاهرة "الإنفجار العظيم" أن تولّد كميّات متساوية من جسيمات المادّة والمادة المضادة (antimatter) والتي أفنى بعضها بعضاً في الحال دون أن تخلّف وراءها شيئاً سوى الضوء.

ولذلك لا تزال حقيقة أنّنا هنا، بالإضافة إلى وجود كميّات ضئيلة جداً من المادة المضادة، واحدةً من أكبر الأسرار الشائكة في عالَم الفيزياء. 

في عام 2001، قدّم العالِم تنماي فاتشسباتي (Tanmay Vachaspati) من جامعة ولاية آريزونا، حلاً نظرياً بحتاً ينص على أنّه حتى في حالة تشكّل المادة والمادة المضادة بكميات متساوية، ففي الوقت الذي تُفني به الجسيمات بعضها البعض، لا بدّ أن تتشكل ولفترة وجيزة جسيمات افتراضية أحاديّة القطب ولها قطب مغناطيسي واحد: شمالي أو جنوبي فقط لا غير.


عندما تُفني الأقطاب الأحاديّة المختلفة بعضها البعض، سينتج عن ذلك تشكُّل المادّة والمادة المضادة. لكن نظراً لوجود ثغرة في الطبيعة تُعرف باسم خرق تناظر الشّحنة السويّة (CP Violation) فإن هذه العمليّة تنحاز في اتّجاه المادة، تاركة لنا هذا العالم المليء بالمادة والذي نراه اليوم.

يرى فاتشسباتي أنّه في هذه الحالة لا بدّ من علامة تُثبت ذلك، ويجب أن تكون متمثلة في مجالات مغناطيسية حلزونية تخترق الكون -كدليل على الأقطاب الأحاديّة التي هيمنت لبرهة من الوقت- وأشار إلى أنّها تبدو كحلزونات يمينية فضلاً عن كونها يساريّة.

لذا بحث فاتشسباتي وزملاؤه عن هذه المجالات في البيانات المستخرجة من مرصد فيرمي الفضائي لأشعّة غاما (Fermi Gamma-ray Space Telescope)

من المفترض عند إطلاق إشعاعات غاما في الكون أن تنحرف هذه الإشعاعات عن مسارها جرّاء مرورها داخل أي مجال مغناطيسي، لذا ففي حالة وجود مجالات مغناطيسية حلزونية تتخلّل الكون، سينعكس ذلك بالتأثير في إشعاعات غاما تِلك.

وللمفاجأة، فإنّ هذا تماماً ما وجدوه، أو ربّما ليس بالتحديد. حيث يقول فاتشسباتي: "ما وجدناه أجمع على كون جميع الحلزونات فيه يساريّة، ولكن لا يمكننا الجزم بذلك". كما يقول أن هناك احتمالًا قدره أقل من واحد في المائة على أنّ ما شاهدوه من بيانات على المرصد فيرمي (Fermi) قد حدث بالمصادفة.

لقد وجدوا كذلك أنّ الانحرافات في المجال أكبر قليلاً مما توقّعوا، مما يثير بعض الغموض .ويرى فاتشسباتي أنّ المزيد من بيانات فيرمي (Fermi)، كما هو متوقّع أن يحدُث هذا العام، ستساعد على تقليص الاحتمالات.

تحذّر نيكول بيل (Nicole Bell)، العالِمة من جامعة ملبورن-استراليا، من أنّ المجالات المغناطيسية قد تكون ناجمة عن مصادر أخرى، منها تلك الناجمة عن التضخّم؛ إضافةً إلى أنّه كي تتمكّن ظاهرة خرق تناظر الشّحنة السويّة (CP Violation) من توفير بيانات كافية في الكون، فنحن بحاجة الى "فيزياء جديدة" -نموذج يفوق النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات– والذي لم يتم إثباته عمليّاً بعد. لكنّها مع ذلك تراها فكرة مثيرة للإهتمام.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المضادة (antimatter): تتميز المادة المضادة عن المادة بامتلاكها لشحنة معاكسة، فمثلاً: يمتلك البوزيترون (الالكترون المضاد) شحنة معاكسة للالكترون ويُماثله فيما تبقى. وكان العالم بول ديراك أول من اقترح وجودها في العام 1928 وحصل جراء ذلك على جائزة نوبر للفيزياء في العام 1933، أما الفيزيائي الأمريكي كارل اندرسون فكان أول من اكتشف البوزيترون في العام 1932 وحصل على جائزة نوبل في العام 1936 عن ذلك الاكتشاف. يُمكن رصد البوزيترون في تفكك بيتا لنظير الأكسجين 18O2. لكن في وقتٍ سابق لاندرسون، رصد العالم السوفيتي (Dimitri Skobeltsyn) وجود جسيمات لها كتلة الكترونات ولكن تنحرف في اتجاه معاكس لها بوجود حقل مغناطيسي أثناء عبور الأشعة الكونية في حجرة ويلسن الضبابية وحصل ذلك في العام 1929، وقام طالب معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا شونغ شاو برصد الظاهرة نفسها في نفس العام، لكنهما تجاهلا الأمر، اما اندرسون فلم يفعل ذلك. تعمل تجربة ALPHA التابعة لمنظمة الأبحاث النووية الأوروبية على احتجاز ذرات الهيدروجين المضاد وهي ذرة المادة المضادة الأبسط. المصدر: ناسا وسيرن والجمعية الفيزيائية الأمريكية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات