حالة غريبة تجعل اللسان يشابه خريطة جغرافية

حالةٌ غريبةٌ تعطي اللّسان مظهراً مرقّشاً وقد يشابه أحياناً خريطةً للقارّات قد أربكت العلماءَ طويلاً، لكن قد يوفّر بحثٌ جديدٌ بعض الأدلّة عن أسبابها.

تُعرف الحالة باسم (اللسان الجغرافي Geographic Tongue)، وتسبّب ظهور أشكالٍ حمراء غير منتظمةٍ على اللّسان، تتشكّل عندما تفقد بعض المناطق العُقيدات الضّاربةَ إلى الحمرة والتي تُدعَى بالحليمات، والتي تغطّي سطح اللّسان بشكلٍ طبيعي، الحالة غير ضارّةٍ لكنّها مُزمِنةٌ، وتصيب 2% من سكّان العالم.

الآن، اكتشف علماءٌ أنّ هناك شكلين للحالة، وأنّ كلّ شكلٍ ينتشر بنمط مختلفٍ على اللّسان، يقول الباحثون: قد تقود هذه الاكتشافات (الموصوفة يوم الأربعاء 1 نيسان/أبريل في مجلّة the New Journal of Physics) إلى طرقٍ عمليّةٍ في تشخيص الحالة.

يصيب اللّسان الجغرافيّ GT الطّبقةَ النّسيجيّةَ السّطحيّةَ للّسان والمدعوّة بالظّهارة، تتضمّن هذه الطبقة الحليمات النّاتئة الّتي تحتوي البراعم الذّوقيّة، يقول المؤلّف المشترك للبحث غابرييل سايدن Gabriel Seiden، الفيزيائيّ في معهد وايزمان للعلوم Weizmann Institute of Science والذي يوجد حاليّاً في معهد ماكس بلانك لفيزياء النّظم المعقّدة the Max Planck Institute for the Physics of Complex Systems في ألمانيا: "يصبح نوعٌ من الحليمات والذي يُدعى بالحليمات الخيطيّة مُلتهِباً عند النّاس المصابين باللّسان الجغرافيّ GT".

في الدّراسة، يستخدم سايدن وزملاؤه المعادلات الرياضيّة ليفسّروا ما يحدث في اللّسان الجغرافيّ، فقد اعتبروا اللّسان كنظامٍ تعبره أمواجٌ من حالةٍ معيّنةٍ كحريقٍ هائلٍ يعبر غابة. وقال: "عندما تنمو هذه الشّعلة، تدمِّر هذه الطّبقة بشكلٍ أساسيّ وتستمرّ حتى تحترق الغابة كلّها"، أو يتأثّر اللّسان بكامله. أخيراً، يُشفى اللّسان من تلقاء نفسه، ولكن بما أنّ المرض مزمنٌ فالعمليّة تكرّر نفسها بشكلٍ دائم.

وجد الباحثون أنّه عند المرضى المُصابين بأحد شكلي اللّسان الجغرافيّ تبدأ الحالة كسلسلةٍ من النّقاط الصّغيرة التي تتوسّع تدريجياً بنمطٍ دائريّ، لا يعود الالتهاب إلى الأماكن الّتي كان قد أصابها تماماً كما أنّ النّيران لا تستطيع أن تعود إلى نقطةٍ محروقةٍ حتى تنمو النّباتات مرّةً أخرى.

قال الباحثون: "أمّا عند المرضى المُصابين بالشّكل الآخر من الحالة، تتطوّر البقع بأنماطٍ حلزونيّةٍ تستطيع الانتقال إلى أجزاءٍ من اللّسان وهي في طور الشّفاء، مسبّبةً التهابات لسانٍ متكرّرةٍ قد تبقى مدّةً طويلة"، ويقول سايدن: "يُشاهَد هذا الشّكل عند البالغين أكثر من الأطفال". أجرى الباحثون أيضاً دراسةً على صبيٍّ بعمر عامٍ واحدٍ مصابٍ باللّسان الجغرافيّ، نمت البقع عنده على طول حافّة اللّسان أقرب إلى أسنانه النّامية، ما يقترح أنّ الحالة هنا يمكن أن تكون قد سُبِّبَت بفعل فرك اللّثة باللسان.

يقول سايدن: "قد يعاني المصابون باللّسان الجغرافيّ من إزعاجٍ أو ألمٍ مُعتدل، أمّا سوى ذلك فالحالة ليست مؤذيةً. هناك بعض الأدوية الموصوفة المتوفّرة، ولكنّها تُعالِج بشكلٍ رئيسيٍّ أعراضَ الحالة. وأضاف سايدن إنّه يأمل بأنّ الاكتشافات ستزيد الفهم العلميّ للحالة وربّما تساعد الأطبّاء في تشخيص أشكالها المختلفة".

ذُكِرَ اللّسان الجغرافيّ أوّل مرّةٍ في نحو ثلاثينيّات القرن التّاسع عشر، لكن بالرّغم من الدّراسة الموسّعة لا يعرف الخبراء الطبيّون بَعْد ما يُسبّبها تماماً. قال سايدن: "على أيِّ حالٍ، قد تكون مرتبطةً بالآفّة الجلديّة المدعوّة بالصّداف، التي يُظَنّ أنّها تُثار بواسطة فرط نشاط الجهاز المناعيِّ".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات