شبح من الماضي يسترجع طفولة درب التبانة

أقواس درب التبانة في صورة بانورامية في سماء الجنوب، والتي التُقطت من مرصد بارانال في تشيلي.
المصدر: ESO/H.H. Heyer


عندما ولدت مجرتنا قبل ما يقارب 13,000 مليون سنة، ظهر عددٌ كبيرٌ من العناقيد التي تحتوي على ملايين النجوم، لكنها كانت تختفي مع مرور الوقت. بالرغم من أنها تختبئ وراء النجوم الأكثر شبابًا والتي تكونت لاحقًا، إلا أن بعض العناقيد القديمة والتي بطور الاحتضار بقيت، مثل ما يسمى بعنقود E 3. قام علماء فلك أوروبيون بدراسة هذه المشاهدة، واكتشفوا أنها تعود لبدايات درب التبانة.

العناقيد الكروية هي تجمعاتٌ كروية الشكل أو تجمعاتٌ نجميةٌ كروية -ومن هنا جاء اسمها- والتي يمكن أن تحتوي على ملايين النجوم، هناك ما يقارب 200 منها في مجرة درب التبانة، لكن القليل منها يثير اهتمام علماء الفلك كما يثيره عنقود E 3.

يبعد عنا 30,000 سنة ضوئية، في كوكبة الحرباء الشمالي (Chameleon)، سماها فريقٌ من علماء الفلك الإسبان والإيطاليين "شبح من ماضي درب التبانة" في مقالٍ نُشر مؤخرًا في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية Astronomy & Astrophysics.

يقول كارلوس دي لا فونتي ماركوس Carlos de la Fuente Marcos: " هذا العنقود الكروي والعناقيد القليلة التي تشبهه -مثل بالومار5 (Palomar 5) وبالومار14 (Palomar 14)- تعتبر أشباحًا، لأنها تظهر وكأنها في آخر مرحلةٍ من وجودها، ونقول "من الماضي" لأنها قديمةٌ جدًا. فقد تشكلت عندما كانت مجرتنا حديثة الولادة، قبل 13،000 مليون سنة".

يختبئ العنقود الكروي E3 خلف أجسامٍ أصغر سنًا وأكثر إشراقًا تقع بينه وبين الأرض، لكننا تمكنا من رصده بفضل التيليسكوب الضخم (VLT) الموجود في المرصد الأوروبي الجنوبي (ESO) في سيرو بارانال Cerro Paranal في تشيلي. وكشفت البيانات التي تم الحصول عليها عن بعض المفاجآت.

يقول دي لا فونتي ماركوس: "على عكس العناقيد الكروية الاعتيادية، والتي تحتوي على مئات الآلاف وفي بعض الحالات الملايين من النجوم، هذا العنقود يملك بضع المئات منها فقط"، ويضيف: "بالإضافة إلى ذلك، فإنه لا يمتلك التماثل الدائري المعتاد، بل شبحي ومشوه بشكلٍ كبيرٍ وذو شكلٍ معيني، مثني بسبب موجات الجاذبية الخاصة بالمجرة".


العنقود الكروي E3 (في المركز). المصدر: DSS/STScI/©UDS/CNRS
العنقود الكروي E3 (في المركز). المصدر: DSS/STScI/©UDS/CNRS


حسب دراسةٍ أخرى أجراها الباحثون على E3 في جامعة ميتشيغان ونشرت في مجلة الفيزياء الفلكية The Astrophysical Journal، هذه المجموعة متجانسة كيميائيًا، وهذا يعني أنه لا يوجد الكثير من النجوم في داخلها.


يقول دي لا فونتي ماركوس: "تشكل هذا العنقود على دفعةٍ واحدة، مثل ما يفترض أنه قد حدث عندما ولدت مجرتنا، حيث تشكلت عناقيد كبيرة جدًا تحتوي على ملايين النجوم، وما تبقى منها اليوم هي الأجسام التي مثل E 3، أشباحٌ من الماضي البعيد، وعن طريق دراسة هذه الأجسام سنتمكن من النظر إلي طفولة درب التبانة".


مواطن أصلي أم تم الإمساك به؟


ما زال على علماء الفلك أن يوضحوا ما إذا كان تشكل العنقود في مجرتنا أم لا، على الرغم من البيانات الجديدة التي نشرت مؤخرًا حول هذا العنقود الكروي الغريب. 


لا تنتمي بعض هذه المجموعات بالأصل إلى مجرة درب التبانة ولكن تم أسرها، على الرغم من أنه يمكن مشاهدتها حاليًا في قلب المجرة، حيث قبل الآف الملايين من السنين تَغذت مجرتنا على مجراتٍ صغيرةٍ أخرى وأخذت منها عناقيدها الكروية، وتشكلت باقي العناقيد في موقعها الحالي.

تقترح المقالة أن الجسم الذي تمت دراسته مرتبطٌ بعناقيد آخرى بشكلٍ كبير، مثل عنقود توسانا 47 (Tucanae 47)، وهو يعد أحد أغنى وأكبر عناقيد مجرة درب التبانة، ومن الممكن أنهما يتشاركان بنفس القنوات النجمية. إن كانت القضية هكذا، هذا سيدعم الفرضية القائلة بأن E3 تم الإمساك به في الماضي البعيد.

يقول ماركوس، وهو عالم فلكٍ مستقلٍ تعاون مع مجموعةٍ من الزملاء من الجامعة الكاثوليكية الشمالية و ESO في تشيلي، وجامعة بادوا Padua في إيطاليا: "نأمل أن نحصل على المزيد من البيانات في عام 2016 بفضل المزيد من المرصودات الطيفية، وربما سنتمكن من الإجابة على هذه الأسئلة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات