قد يُزاح السِّتار غدًا الخميس عن اكتشافِ الأمواج الثَّقالية، أو أمواج الجَاذبية (gravitational wave)، وهو أمر سيفتح نافذة جديدة على الكون وعلى واحدة من أعنف ظواهره.
ووفقًا لتصريح مؤسسة العلوم الوطنية التي تدعم البحث، سيَعقد العلماء مؤتمرًا صحفيًا يوم الخميس لمُناقشة آخر المستجداتِ في سعيهم وراء تلك الأمواج التي تنبأ بوُجودها ألبرت أينشتاين في نظرية النسبية العامة قبل مئة عامٍ من الآن. وقد عمل عُلماء من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech)، ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا (MIT) ومرصد مقياس التداخل الليزري للأمواج الثقالية (LIGO) على مدى سنوات في هذا البحث الساعي للكشف عن تلك الأمواج. كما سيتم بث مؤتمرات في الوقت نفسه في المركز الوطني للأبحاث العلمية في باريس ولندن. قد يُحيي هذا الإعلان الشائعات التي تدور في الوسط العلمي منذ أشهر والقائلة باحتمالية اكتشاف فريق LIGO للأمواج الثقالية بشكلٍ مباشر.
تَنتج هذه الأمواج عن الاضطرابات الحاصِلة في نسيج المكان والزمن جراء حركة جسم فائق الكتلة، كثقب أسود أو نجم نيوتروني.
نظرةٌ جديدةٌ على الكون
ستقدم القُدرة على اكتشافِ هذه الأمواج الثقالية لعُلماء الفلك والفِيزياء نَظرةً جَديدةً على أغرب الظواهر العاملة في الكون، ويَشمل ذلك اندمَاج النُّجوم النيوترونية، وسُلوك الثقوب السَّوداء التي توجد غالبًا في مَراكز المَجرات.
يقول توك ستيبنس Tuck Stebbins رئيس مُختبر الفيزياء الفلكية في مركز غودارد-ناسا لرحلات الفضاء: "القوة التي تقود الكون هي الجَاذبية"، ويتابع لـ AFP: "تتدفق هذه الأمواج باتجاهِك كل الوَقت، وإذا تمكنت من رؤيتها، فسيكون بإمكانك العودة بالزمن لمشاهدة اللحظات الأولى من الانفجار العظيم -أول جزء من تريليون جزء من الثانية. لا يُوجد طريقة أخرى تسمح للإنسانية بالنظر إلى أصل الكون". ويعتقد ستيبنس "أننا نقف على عَتبة فترةٍ ثوريةٍ جديدةٍ في مجال فَهمنا للكون".
تستطيع كَواشف LIGO -واحدٌ في واشنطن والآخر في لويزيانا- "قياس التغيرات الحاصلة في الزمكان (spacetime) التي تصل قيمتها إلى 1/1000 من قطر البروتون".
تقول كاثرين مان Catherine Man، وهي عالمة فلك من مرصد كوت دازور Cote d'Azur في فرنسا إنَّ كَشف هذه الأمواج سيَسمح لعلماء الفلك بسَبر التركيب الداخلي للنجوم وربما حلِّ اللغز المُتعلق بالأشعة غاما التي تصدر مع الانفجارات الهائلة في الكون، والتي ما يزال فهمنا لها ضعيفًا جدًا.
وتُضيف لـ AFP: "لم نَعد نَرصُد الكون بالتلسكوبات التي تَستخدم الضَّوء فوق البنفسجي أو المرئي، وإنما نستمِع إلى الضَّجيج النَّاجم عن تأثير جَاذبية الأجسَام السَّماوية على نَسيج الزَّمكان، والتي رُبما نَتجَت عنِ النُّجومِ أو الثُّقوب السَّوداءِ. ولأنَّ الثقوب السوداءَ أو النجومَ لا تقوم بإيقاف تلكَ الأمواجِ التي تتحرك بسُرعة الضوء، فهِي تتجه مُباشرة نَحونا، ويُمكننا بالتَّالي وَضعُ نَماذج لدِراستها، للفَصل بين إشاراتها واكتشَافها أيضًا".
في السَّابق، حصل عالمَان من جامعة برينستون على جائزة نوبل للفيزياء عام 1993 عن اكتشافهم للنجوم النَّابضة (البولزارات pulsar)، التي قدمت بُرهانًا غيَر مباشرٍ عَن وجود الأمواج الثقالية. والآنَّ، يَتعاون فريق LIGO مع فريق إيطالي-فرنسي لاكتشاف تلك الأمواج، ويَستخدم الفريق الإيطالي-الفرنسي كاشفًا آخرًا يُدعى VIRGO سيدخل الخِدمة قريبًا.