يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
توجيه الليزر العشوائي

قام فريق البحث بتصنيع نوعٍ جديدٍ من الألياف الضوئية القادرة على التحكم بهذه الليازر العشوائية. حقوق الصورة: University of New Mexico.

على أبسط مستوىً، الليزر العشوائي هو بالضبط ما يوحي به اسمه، عشوائي. إنه عشوائيٌّ في طيف الضوء الذي ينتجه وفي الطريقة التي ينبعث بها الضوء، مما يجعل أحد المصادر الممكنة لليزر متعدد الاستعمالات، غير مجدٍ تقريباً بالنسبة لمعظم التطبيقات العملية. وبالتالي، كيف يمكنك السيطرة على بعض العشوائية لصناعة أجهزةٍ مفيدةٍ؟ إنه السؤال الذي قاد فريقاً من الباحثين في جامعة نيو مكسيكو إلى الاكتشاف الذي سيأخذ تكنولوجيا الليزر إلى المستوى التالي.

يقول بهنام أباي Behnam Abaie طالب دكتوراه في مركز جامعة نيو مكسيكو UNM لمواد التكنولوجيا العالية CHTM: "لقد كان من غير المعقول أن نرى كيف تقدّم هذا المشروع. عندما جئت لأول مرةٍ للعمل مع البروفيسور أراش مافي Arash Mafi كنت أعرف أنّ هذا المشروع لديه القدرة على أن يكون ناجحًا جدًّا ولكنني لم أكن أتوقع هذا".

وأباي هو المؤلف الرئيسي لورقة Random lasing in an Anderson localizing optical fiber التي نُشِرت مؤخرًا في Nature's Light: Science & Applications حيث تقدم المقالة تحليلًا تقنيًا لكيفية تمكن فريق البحث، الذي يقوده المدير المؤقت لمركز CHTM أراش مافي، من التحكم بشكلٍ موثوقٍ في هذه الليازر القوية جدًّا، وغير المسيطر عليها سابقًا. ويقول مافي، وهو أيضًا بروفيسورٌ مشاركٌ في قسم الفيزياء والفلك في جامعة نيو مكسيكو: "إنّ نجاحنا في القدرة على التحكم في هذه الليازر العشوائية يعالج قضايا عمرها عشر سنواتٍ قد منعت هذه الليازر من أن تصبح أجهزةً رئيسيةً. إنها مساهمةٌ مثيرةٌ للغاية".

إذ تتكون الليازر التقليدية من ثلاثة مكوناتٍ رئيسيةٍ: مصدر الطاقة، وسط الكسب Gain Medium والتجويف البصري. ويأتي مصدر الطاقة من خلال عمليةٍ تُسمى "الضخ" ويمكن توفيره من خلال تيارٍ كهربائيٍّ أو مصدر ضوءٍ آخر. ثم تمر تلك الطاقة من خلال وسط الكسب الذي يحتوي على الخصائص التي تُضَخِّم الضوء. أمّا في التجويف البصري، وهو زوجٌ من المرايا على جانبي وسط الكسب، فيرتد الضوء ذهابًا وإيابًا من خلال الوسط، ليضخمه في كلّ مرةٍ. والنتيجة هي شعاعٌ مكثفٌ وموجهٌ من الضوء يُسمى الليزر.

وأشعة الليزر العشوائية، على سبيل المقارنة، تعمل باستخدام مضخةٍ، ووسط كسبٍ مضطربٍ للغاية ولكن بدون تجويفٍ بصريٍّ. فهي مفيدةٌ للغاية بسبب بساطتها وميزاتها الطيفية الواسعة، وهذا يعني أنّه بإمكان ليزرٍ عشوائيٍّ واحدٍ إنتاج شعاعٍ من الضوء الذي يحتوي على أطيافٍ متعددةٍ، وهي خاصيةٌ مفيدةٌ جدًّا لتطبيقاتٍ معينةٍ مثل التصوير الطبي الحيوي.

ومع ذلك ونظرًا لطبيعة الليزر العشوائي، فإنه من الصعب السيطرة عليه بشكلٍ موثوقٍ بسبب مخرجاته المتعددة الاتجاهات وتذبذبه الفوضوي. وقد تمكن فريق جامعة نيو مكسيكو، بالتعاون مع باحثين في جامعة كليمسون Clemson University وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، من التغلّب على هذه العقبات بطريقةٍ فعالةٍ، وهو النصر الذي يأملون أن يستمر في الدفع قدمًا باستخدام الليزر العشوائي. ويقول مافي: "لدى جهازنا كل الصفات العظيمة للليزر العشوائي، بالإضافة إلى الاستقرار الطيفي وهو موجهٌ بشكلٍ عالٍ. إنه تطورٌ رائعٌ".

والباحثون قادرون على تحقيق هذه النتائج من خلال تصنيع واستخدام ألياف أندرسون Anderson الزجاجية البصرية المتمركزة الفريدة من نوعها. إذ إنّ الألياف مصنوعةٌ من ساتان الكوارتز Satin Quartz، والزجاج الحِرَفي والمساميّ للغاية الذي عادةً ما يُستخدم فقط لمعايرة الآلات التي تسحب الألياف البصرية. عند سحبها إلى قضبان طويلةٍ، تشكّل المواد المسامية عشراتٍ من قنوات الهواء المجهرية في كلّ ليفٍ.

ويقول أباي: "الزجاج الذي نستخدمه لهذه الألياف البصرية هو في الواقع من المواد التي كنّا عادةً ما نرميها لأنها مساميةٌ جدًّا، ولكن، في الواقع تلك الثقوب في الزجاج هي التي تخلق القنوات التي تتحكم بالليزر". وعندما تمتلئ بوسط الكسب وتُضَخ باستخدام ليزرٍ أخضر وحيد اللون، يصبح الليزر العشوائيّ أقلّ عشوائيةً ويمكن السيطرة عليه بشكلٍ كبيرٍ، وذلك بفضل ظاهرةٍ تُعرف باسم تمركز أندرسن Anderson Localization. ويقول مافي: "لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن تمركز أندرسن ولكن من المثير بالنسبة لنا أن نكون جزءًا من هذا التطور. لنكون قادرين على صناعة أجهزةٍ تستخدم هذه الظاهرة، فهذا يأخذ العلم إلى مستوىً آخر".

مافي وفريقه البحثيّ هم بعضٌ من كبار الخبراء في تمركز أندرسن. وقد نشروا مقالًا في عام 2014 عن جهازٍ مختلفٍ قادرٍ على نقل الصور باستخدام هذه الظاهرة. وصُنّف هذا البحث كواحدٍ من أفضل عشرة تقدّماتٍ كبيرةٍ للمعرفة للسنة في عالم الفيزياء. ويقول مافي إنه يتطلع إلى توسيع نطاق طيف هذا الجهاز الجديد وجعله أكثر كفاءةً، مما يخلق مصدر طيف إضاءةٍ واسع النطاق يمكن استخدامه في جميع أنحاء العالم.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

اترك تعليقاً () تعليقات