مصدر الصورة: Imperial College London
لقد مر عقد من الزمن على مقترح الضوء القابل للإبطاء بشكل ملحوظ، أو حتى إيقافه بواسطة أدوات جديدة. وفي مقالنا هذا يستعرض أورتوين هيس Ortwin Hess هذا التقدم و قابلية تطبيقاته العلمية.
إن السرعة القصوى للضوء عالية جدا فهي 299,792,458 متر في الثانية. وعندما يمر عبر المواد الشفافة، مثل الماء أو الزجاج، فإنه يتباطأ بعض الشيء. ومع ذلك، يعتقد العلماء أنه بإبطاء الضوء لدرجة أكبر بكثير (أبطأ بمليون مرة) فسيكون بإمكانهم استخدامه في تطبيقات جديدة، مثل نقل وتخزين المعلومة أو استجواب ومراقبة جزيئات منفردة.
"تعتمد عملية إحداث قوس قزح محتجز على تركيبات المواد الخارقة Matematerials والنانوبلازمونية Nanoplasmonic مدعمة بخصائص سالبة مميزة، ومحاطة بمواد 'عادية'. ومثلما ينتشر الضوء من خلال مادة خاصة، فإنه يُدفَع إلى الوراء لخطوات قصيرة حيث تلتقي المادتان معا. إنه أشبه بصعود منحدر ثلجي حاد، في كل خطوة تأخذها تنزلق إلى الوراء قليلا، مبطئا بذلك تقدمك.
"بما أن الضوء ينتقل بسرعة كبيرة جدا، و يفعل ذلك بحزمة عريضة (ما يعني أنه يغطي نطاقا واسعا من الطيف) فإنه بذلك يمكن أن يصبح أسلوبا فعالا لنقل البيانات. هكذا يعمل ربط الإنترنت عبر الألياف البصرية مثلا. ومع ذلك، ومن أجل إتاحة البيانات من خلال تدفق سريع الحركة؛ فإننا نحتاج لإبطائه. مثل خروج عربة ما من الطريق السيار، يجب عليها تخفيف سرعتها كلما اقتربت من ملتقى الطرق. وتسمى هذه العملية بالتحميل المؤقت Buffering. في الوقت الحالي، وللتخفيف من سرعة الإشارات الضوئية، يجب علينا أن نقوم بتحويلها لنبضات كهربائية، ومن ثم إعادة تحويلها للضوء حالما تصبح متاحة، لإرجاع البيانات الأصلية مجددا. ومن خلال إبطاء الضوء ذاته، بدلا من تحويله، ستصبح هذه العملية أكثر كفاءة. ويمكننا أيضا استخدام الضوء على نطاق أكبر لنقل البيانات عبر طيف واسع".
كيف تستعمل ضوءا بطيئا وكيف يمكنك إيقافه في بحوثك؟
"يصبح الضوء المتباطئ مفيدا من خلال طريقة واحدة وهي زيادة التفاعلات بين الضوء والمادة. وفي كثير من الأحيان، لا يتفاعل الضوء كثيرا مع المادة، لأنه ينتقل بسرعة. وبإبطائه يمكننا جعل هذه التفاعلات أقوى، باستخدام المادة بطرق جديدة على سبيل المثال توصلنا إلى شئ جديد مؤخرا بالتعاون مع جامعة كامبريدج. حيث أبقينا جزيئة وفوتونا داخل محبس دقيق، وهكذا امتزجت خصائصهما معا".
"يتم إنشاء الليزرات عن طريق ضخ الطاقة إلى حالات إلكترونية، على سبيل المثال الجزيئات المستثارة، مما يؤدي بها إلى إصدار الفوتونات حينما تسترخي عائدة إلى مستويات الطاقة المنخفضة. إذ ترتد هذه الفوتونات حولها في مساحة محدودة، محفزة بذلك جزيئات أكثر نشاطا لتحرير الفوتونات بشكل متزامن، حتى يتم خلق حزمة مشعة عالية الطاقة".
"إن كبح الضوء من شأنه أن يسمح بالمزيد من التفاعلات المحدودة ما بين الجزيئات النشيطة والفوتونات، مما يسهل من تشكيل الليزرات أكثر وبشكل موضعي دقيق دون ارتدادها حول مساحة ما. منذ طرحكم للفكرة، اقترح الناس عدة تطبيقات مبتكرة. هل يمكن أن تخبرنا عن بعض منها؟ من الناحية النظرية، التطبيقات المثيرة للاهتمام بالنسبة لنا هي تلك التي تتعلق بالتدقيق في السلوك الكمومي للمادة وبحزمة الضوء المتوقف أو شديد البطء".
أحد النماذج الذي يدعو إلى الاهتمام وهو توجيه الضوء نحو بقعة صغيرة من أجل إحداث تسخين موضعي دقيق على مستوى مجهري. والتطبيق الأهم لكل ذلك هو تدعيم التخزين المغناطيسي، ذلك النوع الذي يشغل القرص الصلب للكمبيوتر الخاص بك.
يتطلب التخزين المغناطيسي تشكيل حقول مغناطيسية صغيرة جدا. لكن في هذه اللحظة، تعتبر هذه الحقول أصغر مما هو ممكن، الأمر الذي يحيلنا إلى السؤال إلي أي حد يمكننا صناعة أجهزة تخزين أصغر. فمن خلال إبطاء الضوء في منطقة محدودة للغاية، يمكننا زيادة شدته. ما ينتج عنه تسخين على درجة صغيرة جدا، مشكلا حقولا مغناطيسية مصغرة ما يعني أنه يمكننا الرفع من كثافة التخزين أو اختزال أحجام الأجهزة.
تطبيق آخر محتمل يوجد في التصوير الطبي الحيوي، حيث أنه لتصوير بعض المواد البيولوجية، يجب أن نرفع شدة ضوء الليزر، لكنه قد يتلف العينة. ومن خلال الحد من سرعة الضوء، يمكننا أن نسمح لهذا التفاعل مع العينة لوقت أطول دون الإضرار بها.