يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
ماذا قد نحتاج لتحويل ثقب دودي إلى طريق مختصرة للانتقال بين المجرات؟

يحب أن يخوض الجميع طرقاً مختصرةً أو رحلةً سريعةً في مكان ممتع ما، ما يعني أن الجميع يحب الثقوب الدودية، نظرياً على الأقل. في الواقع فإن هذه الممرات الزمكانية هي ليست الطرق المختصرة المزعومة التي نبحث عنها للانتقال ما بين المجرات، ولاهي خدعة فكرية من خدع أوبي وان Obi-Wan.

لكن في البداية دعونا نتكلم عن ماهية الثقوب الدودية Wormholes وكيف يمكن نظرياً أن تسمح بالسفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء، ولقد استنتجت أنّه من الأفضل دائماً أن نبني آمالنا قبل تحطيمها.

عندما بدأ الفيزيائون بدراسة النسبية العامة افترضوا وجود ثقوب سوداء، حيث إن قوانين الفيزياء نفسها التي افترضت وجود ثقوب سوداء افترضت أيضاً وجود ثقوب بيضاء، وهي كما هو واضح نقيض للثقوب السوداء.

أفق الحدث event horizon للثقب الأسود هو ركن في الفضاء من المستحيل أن تفلت منه حالما تدخل فيه، ومن ناحية أخرى فإنه من المستحيل الولوج إلى أفق الحدث للثقب الأبيض، لكن من الممكن أن تفرّ منه إذا ما كنت في داخله.

وهنا يمكننا أن ندرك أن الثقوب الدودية تتكون كنتيجة طبيعية لترابط الثقوب السوداء black holes بتلك البيضاء white holes، حيث يرتبط هذان التوأمان المتضادان تماماً ليتوحدا.

أو كما يقول علم الرياضيات، فبينما نرى الكثير من الثقوب السوداء، فإنه ليس هناك أي شاهد على وجود ثقوب بيضاء، ولا حتى أي شاهد لعملية تكوينها أو بقائها في الوجود في حالة تكونها أو أي طريقة لبقائها في علاقة تكافلية مع الثقوب السوداء.

في الحقيقة ليس هناك أي وسيلة لتكوين الثقوب البيضاء، أو أي سبيل لتستقر بما فيه الكفاية لضمان بقائها بعد تكوينها. عدم الاستقرارية هذا قد يؤثر بصورة مباشرة على الثقوب الدودية، حيث إنه من المستحيل للثقوب الدودية أن تستمر في الوجود، وعوضاً عن ذلك فإنها ستتمد وتنكسر في الحال.

إذا ما حدث يوماً ما ورأيت ثقباً دودياً وقررت المرور به، فستكون عندئذٍ في رحلة ذات اتجاه واحد في أفق الحدث للثقب الأسود. قد يبدو ذلك ممتعاً، لكن تذكر أنك عندها ستتمدد إلى اللانهاية وتتهاوى حتى الموت بواسطة الجاذبية (وحتى أنتوني بيركنز Anthony Perkins يرى أن ذلك ضرب من الجنون).

 

ومع ذلك فلا يزال البعض يرى أن بإمكاننا جعل الثقوب الدودية مفيدةً لنا، كنوع من نظام الأنفاق القادم الذي يجوب العالم كله وليس فقط مدينة لندن. ولتحقيق ذلك عليك أن تدخل خارج أفق الحدث لتتمكن من الدخول في الثقب الدودي من دون أن تصاب بتأثير الجاذبية. وتحتاج أيضاً إلى نفق قويٍ ومستقرٍ بدرجة كافية للتغلب على تأثير الجاذبية المذكور أعلاه والقوة الناتجة عن تحليق الأشخاص داخله بسرعة هائلة.

السفر عبر ثقب أسود
السفر عبر ثقب أسود


لكن ما الذي قد يجعل ذلك مُمكناً؟


يكمن الحل في إيجاد نفق من مواد سالبة الكتلة، إلا أن المواد السالبة الكتلة لم تُكتشف بعد في أي مكان من العالم بالرغم من أنَ علماء الفيزياء في واشنطن تمكنوا من تصنيع سائل ذي كتلة سالبة. فهل ياترى سيتمكنون يوماً ما من صنع مادة سالبة الكتلة تصلح لبناء النفق؟ كل شيء ممكن.

هل سنجد يوماً ما ثقوباً دودية فعالة؟


لكن هل من الممكن أن يكون ذلك من أولويات العلم؟ في الحقيقة هنالك العديد من الأسباب التي تجعل للسفر بهذه السرعة الفائقة فائدة كبيرة للإنسانية، فقد يُمكننا من استكشاف المدى البعيد للمجرة، واكتشاف حياة أخرى لكائنات فضائية، وكواكب أخرى قابلة للاستيطان البشري، والكثير من الاستكشافات الأخرى التي قد يوفرها لنا السفر عبر الثقوب الدودية.


مع ذلك فليس علينا تعليق كل آمالنا على الثقوب الدودية فقط لأننا نرغب في سبر أغوار المجرة. بدايةً من الممكن القول إنه حتى المعجزات الفيزيائية من مثل تكوين المواد ذات الكتلة السالبة من غير المرجح لها أن تقود إلى تكوين الثقوب الدودية.

فأنفاق السفر الفضائية الخيالية هذه قد تخرق العديد من قوانين الفيزياء، التي اختُبرت وأُثبتت بالتجربة، في الواقع فإن احتمالية خرق كل واحد منها قد يستغرق وقتاً طويلاً جداً.

علاوةً على ذلك، هناك العديد من المشاريع التي من الممكن أن تساعدنا على السفر سريعاً في الفضاء. حيث إن العديد من الجهات مثل ناسا في طور البحث في محرك (EM)، وهو عبارة عن تجويف دافع لظاهرة الرنين للموجات الراديوية، حيث تستخدم الموجات المايكروية داخل كوز مقطوع لتولد دفعاً كبيراً في النهاية الضيقة للمخروط.

إذا ما نجحت هذه التجربة فسيمكن عندها توليد دفع دون الحاجة لطاقة دافعة، حيث يعتبر هذا تقدماً كبيراً للسفر عبر الزمكان، إلا أن هذه التكنولوجيا لا تزال بعيدةً عن التطبيق في الواقع العملي.

يستخدم الدفع الأيوني (Ion propulsion) في الصواريخ عندما تكون في الفضاء، وقد استخدمت ناسا تقنية الدفع الأيوني أيضاً في بعثة دون Dawn mission كما استخدمتها أيضاً بعثات أخرى من اليابان ووكالة الفضاء الأوربية.

يا ترى كم ستستغرق هذه التكنولوجيا من الوقت قبل أن تُستخدم في سفر البشر لمسافات كبيرة؟


بالمختصر فمن غير المرجح أن الحل الذي يقتضي كسر كل قوانين الفيزياء سيكون هو الحل المنشود لأخذنا إلى الفضاء. وبالرغم مما تبدو عليه الثقوب الدودية من متعة إلا أنها قد لا تستحق كل هذا الاهتمام منا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • أفق الحدث (Event horizon): هي بعدٌ معين عن الثقب الأسود لا يمكن لأي شيء يقطعه الإفلات من الثقب الأسود. بالإضافة إلى ذلك، لا يُمكن لأي شيء أن يمنع جسيم ما من صدم المتفرد الذي يتواجد لفترة قصيرة جداً من الزمن بعد دخول الجسيم عبر الأفق. ووفقاً لهذا المبدأ، فأفق الحدث عبارة عن "نقطة اللاعودة". انظر نصف قطر شفارتزشيلد. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات