اكتشاف سبب تحرك القطب الشمالي نحو لندن

حقوق الصورة: Marion Doss/Flickr
لم يكن قطب الأرض الشمالي أبدًا مستقرًا كما يبدو عليه على الخرائط. فتمايل الكوكب قليلًا أثناء دورانه حول محوره يتسبّب بانحراف القطبَين تدريجيًا.

ولكن منذ 15 سنة – مع نهاية الألفية السابقة - قام القطب بشكلٍ غامضٍ بتغيير اتجاهه وبدأ بالاتجاه نحو الشرق باتجاه خط طول غرينتش Greenwich بسرعة تضاهي ضعفَي سرعته السابقة. واليوم اكتشف علماء ناسا أخيرًا السبب وراء ذلك. 

خلال الجزء الأكبر من التسعينيات، كان القطب الشمالي المادي يتحرك غربًا نحو 10 سنتيمترات كل سنة باتجاه خليج هدسون Hudson Bay في كندا، ولكن في عام 2000، انحرفَ بمقدار 75 درجة شرقًا وبدأ بالدوران شرقًا بمعدل 17 سنتيمترًا سنويًا، وهي حركة غير مسبوقة وغير متوقعة.

قال أحد الباحثين وهو سورندارا أديكاري Surendara Adhikari من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا: "لم يعد يتحرك باتجاه خليج هدسون، إنّما بدأ يتحرك باتجاه الجزر البريطانية. إنه تغيّر هائل".

ولكن إن كانت معرفة تحرُّك القطب الشمالي تدريجيًا باتجاه لندن أمرًا مفاجئًا، فربما كان السبب الكامن وراء ذلك أقلّ مدعاة للدهشة. بعد دراسة معطيات الأقمار الصناعية، وجد فريق ناسا أن اللوم في ذلك يقع على عاتق البشر وذلك بسبب تأثيرنا على محتوى الكوكب من المياه.

استخدم أديكاري وزميلُه الباحث إيريك إيفانز Erik Ivins معطياتٍ من أقمار ناسا الصناعية غريس Grace لمعرفة ما إن كانت كتلة الماء عبر الكوكب مرتبطة بمحور دوران الأرض، ووجدا صلة قويّة بشكل مدهش.

في الواقع كان التأثير كبيرًا جدًا، فعندما استخداما التغيّرات في كتلة مياه اليابسة للتنبّؤ بمواقع القطبَين الشمالي والجنوبي بين عامي 2003 و2015، كانت النتائج متطابقة تمامًا مع المعطيات الحقيقية. 

قال إيفانز: "هذا أكثر من مجرّد علاقة ارتباط بسيطة، لقد عرفنا جيدًا ما هو السبب ".

قبل حصول هذا الأمر، كان يُعتقد أن الماء يلعب دورًا بطريقة ما، إلا أنّ معظم اللوم كان يلقى على تغيرات المناخ وذوبان صفائح الجليد في غرينلاند.

إلا أن أديكاري وإيفانز أظهرا أنّ التغيرات في غرينلاند وحدها لم تكن تولّد طاقة كافية لسحب محور دوران الأرض بعيدًا إلى الشرق.

لقد حسَبا أن شيئًا ما شرق غرينلاند يمارس قوة جذب إضافية لتحريك القطب الشمالي بذلك المقدار، وبأن هناك أمر ما كان يحصل في أوراسيا.

قال أديكاري: "يكمن معظم الجواب في نقص المياه في أوراسيا، وشبه القارة الهندية، ومنطقة البحر الأسود".

إن نقص المياه في هذه المنطقة بين أوروبا وآسيا ليس بحجم التغيرات التي تحصل في الصفائح الجليدية للقطب الشمالي. إلا أن الفريق قد وجد أن محور الدوران حساس بشكل خاص للتغيرات التي تحدث في حدود 45 درجة خط عرض – شمالًا وجنوبًا - وهذا ما يفسر أهمية التغيرات التي تحصل في الهند على سبيل المثال.

الخبر الجيد هو أن ترنُّح الأرض لا يؤثر حقاً في حياتنا اليومية على الإطلاق، وعلى حد علمنا أبعد مسافة قد تحركها القطب الشمالي للأرض هي 12 مترًا (37 قدمًا). ولكن علينا الأخذ في الحسبان تغيّر اتجاه الأقطاب للتأكُّد من دقة نظام تحديد المواقع GPS، وهذا النموذج سوف يساعدنا على فعل ذلك.

ليس هذا فحسب، بل إنّ معرفة ما يتحكم باتجاه الأقطاب وحركتها يعني المزيد من الفهم لمحتوى الأرض من المياه في الماضي، ويمكن أن نبدأ بالتنبؤ بالتّحركات المستقبلية للأقطاب بشكل جيّد.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات