البحث عن أصل الحياة مستمر

تُبين الصورة أعلاه مشهداً لانفجار نجمي عالي الطاقة تم تصويره بواسطة تلسكوب هابل الفضائي في مارس/أذار عام 1997. Credit: NASA

الحمض النووي DNA هو مرادف للحياة ، لكن من أين نشأ؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا محاولة إعادة الظروف التي شكلت السلائف الجزيئية للحمض النووي. تلك السلائف عبارة عن هياكل كربونية حلقية متحدة مع ذرات نيتروجين، وتعتبر المكونات الرئيسية للمركبات ذات الأساس النيتروجيني، التي تشكل لبنات البناء الأساسية للسلسلة الحلزونية المزدوجة للحمض النووي.

 

الآن، بيّن باحثون من مختبر لورانس الوطني التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة للطاقة وجامعة هاواي في مانوا ولأول مرة أن البقع الكونية الساخنة، مثل تلك القريبة من النجوم، يمكن أن تكوِّن بيئاتٍ ممتازة لإنشاء هذه الحلقات الجزيئية التي تحتوي على النيتروجين.

 

في ورقةٍ جديدة نُشرت في مجلة الفيزياء الفلكية "Astrophysical Journal"، يصف الفريق التجربة التي أعاد فيها خلق الظروف السائدة حول النجوم المحتضرة الغنية بالكربون، لإيجاد طرق تشكل هذه الجزيئات الهامة.

 

يقول أحمد موساهيد Musahid Ahmed، وهو باحث في قسم العلوم الكيميائية في مختبر بيركلي: "هذه هي المرة الأولى التي يُشاهد فيها أحدهم مثل هذا التفاعل الساخن". ليس من السهل على ذرات الكربون أن تشكل حلقات تحتوي على نيتروجين، لكن يُبين هذا العمل الجديد احتمال وجود مرحلة تفاعل طوري غازي ساخن، وهو ما يدعوه أحمد "بحفل الشواء الكوني".

 

ووفقاً لأحمد فعلى مدى عقود، نظر علماء الفلك بتلسكوباتهم نحو الفضاء بحثاً عن علاماتٍ على وجود حلقات الكربون المزدوجة المحتوية على النيتروجين التي تُدعى كوينلين (quinoline)، وقد ركز العلماء على المساحة الموجود بين النجوم والمعروفة بالوسط بين-النجمي (interstellar medium). 

 

في حين تم اعتبار البيئة النجمية كمرشحٍ محتملٍ لتشكل هياكل حلقات الكربون، لم يصرف أحد الكثير من الوقت في البحث عن حلقات الكربون التي تحتوي على النيتروجين.

لإعادة تكوين الظروف القريبة من النجوم، قام أحمد ومعاونه رالف قيصر Ralf Kaiser، أستاذ كيمياء في جامعة هاواي-مانوا، وزملائهم دوريان باركر Dorian Parker من هاواي، وأوليغ كاستكو Oleg Kostko وتايلر تروي Tyler Troy من مختبر بيركلي، بتحويل عملهم إلى مصدر الضوء المتقدم (ALS) وهو قسم موجود في منشأة الطاقة الموجودة في مختبر بيركلي.

 

في ALS، استخدم الباحثون جهازاً يسمى الفوهة الساخنة (hot nozzle)، حيث استخدم سابقاً لتأكيد تشكل السخام أثناء عملية الاحتراق. في هذه الدراسة تم استخدام الفوهة الساخنة لمحاكاة الضغوط ودرجات الحرارة في البيئات النجمية للنجوم الغنية بالكربون، وقد حقن الباحثون غازٍ يتكون من جزيء كربونٍ حلقي احادي يحتوي على نيتروجين بالإضافة الى جزيئين هيدروجينيين كربونيين قصيرين يُعرفان بالاستيلين داخل الفوهة الساخنة.

 

بعد ذلك، وباستخدام إشعاعٍ سنكروتروني من ALS، فحص الفريق الغاز الساخن لمعرفة طبيعة الجزيئات المتشكلة، ووجدوا أن الفوهة ذات درجة الحرارة 700 كلفن حولت الغاز الأولي إلى جزيئاتٍ حلقية تحتوي على نيتروجين تسمى كوينلين وايزو كوينلين (isoquinoline)، التي تُعتبر الخطوة التالية في التعقيد الجزيئي.

 

قال أحمد: "هناك حاجزٌ من الطاقة يمنع حدوث هذا التفاعل، ويمكنك تجاوز هذا الحاجز بالقرب من نجم أو في إعداداتنا التجريبية، وهذا يشير إلى إمكانية البدء في البحث عن هذه الجزيئات حول النجوم الآن."

يقول كايزر: "وفرت هذه التجارب أدلة قوية على أن جزيئات الكوينلين وايزو كوينلين الرئيسية يمكن تركيبها في هذه البيئات الحارة ومن ثم قذفها مع الريح النجمية باتجاه الوسط بين-النجمي.

 

ويضيف كايزر: "بمجرد قذفها في الفضاء في السحب الجزيئية الباردة، يمكن لهذه الجزيئات أن تتكثف على الجسيمات النانوية بين-النجمية الباردة، حيث يمكن معالجتها وتوظيفها. وقد تؤدي هذه العمليات إلى مزيدٍ من الجزيئات الحيوية المعقدة مثل المركبات النيتروجينة ذات الأهمية الكبيرة في تكوين الـ DNA والـ RNA ."

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الوسط بين-النجمي (Interstellar Medium): هو الغاز والغبار الموجودان في الفضاء الكائن بين النجوم. يملأ هذان المركبان مستوى المجرة، بشكلٍ مشابه لما يقوم به الهواء من ملء للعالم الذي نعيش فيه. ولقرون خلت، اعتقد العلماء أن الفضاء الكائن بين النجوم فارغ. لكن، مع مجيء القرن الثامن عشر، و عندما رصد ويليام هيرتشيل الأجزاء السديمية من السماء بوساطة تلسكوبه، تم إعطاء هذا التعبير بشكلٍ جدي للدلالة على الفضاء الكائن بين النجوم، بالإضافة إلى الانتباه إلى ضرورة دراسته، وبحلول القرن الماضي، اقترحت المراقبات الخاصة بالفضاء بين-النجمي أنه لا يتوزع بشكلٍ متجانس أبداً على طول الفضاء، و إنما يمتلك بنية فريدة من نوعها. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات