يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
كرة الثلج: كوكب مكتشف بواسطة التعديس الميكروي

في الصورة تصورٌ فني يبين كوكب OGLE-2016-BLG-1195Lb وهو كوكب مكتشف باستخدام تقنية تدعى التعديس الميكروي (microlensing) وأُعلن عن هذا الكوكب في دراسة نشرت في Astrophysical Journal Letters عام 2017. حيث استخدم مؤلفو الدراسة شبكة تلسكوب التعديس الميكروي الكورية Korea Microlensing Telescope Network او اختصاراً (KMTNet)، التي يقوم معهد علوم الفضاء والفلك الكوري بتشغيلها، وتلسكوب سبيتزر التابع لناسا Spitzer Space Telescope، وذلك لاقتفاء أحداث التعديس الميكروي والعثور على الكوكب، وعلى الرغم من أن الكوكب OGLE-2016-BLG-1195Lb هو كوكب له كتلة ككتلة الأرض تقريباً ويبعد عن نجمه المضيف المسافة نفسها التي تبعدها الأرض عن شمسنا، إلا أن التشابه قد يقف عند هذا الحد. ويذكر أن هذا الكوكب يبعد عنا مسافة 13000 سنة ضوئية ويدور حول نجم صغيرٍ جداً، وليس العلماء على يقينٍ إطلاقا ما إذا كان هذا نجماً.


حقوق الصورة: Jet Propulsion Laboratory


اكتشف العلماء كوكباً جديداً كتلته مساوية لكتلة الأرض، ويدور حول نجمه على مسافة مماثلة للتي تدور فيها الأرض حول شمسنا. ومن المرجح أن يكون هذا الكوكب بارداً على أن يكون صالحاً للحياة كما نعرفها، وذلك لأن نجمه خافت جداً. إلا أن هذا الاكتشاف يضيف إلى فهم العلماء عن أنواع الأنظمة الكوكبية الموجودة خارج نطاق أنظمتنا.


ويقول يوسي شفارتزفالد Yossi Shvartzvald، وهو زميل ما بعد الدكتوراه في ناسا مقره في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا في باسادينا، كاليفورنيا، والمؤلف الأساسي لدراسة نشرت في Astrophysical Journal Letters: "إن كوكب 'كرة الثلج' هذا هو أقل الكواكب كتلةً التي عُثر عليها على الإطلاق باستخدام التعديس الميكروي".

والتعديس الميكروي هو تقنية تسهّل اكتشاف الأجرام البعيدة باستخدام نجوم الخلفية كمصابيح فلاش الكاميرا. وحين يعبر النجم تماماً أمام نجم مشرق في الخلفية، تزيد جاذبية النجم الأمامي تركيز ضوء النجم الموجود خلفه، ما يجعله يبدو أكثر سطوعاً. كذلك الأمر حين يدور كوكب حول النجم الموجود في المقدمة فإنه قد يسبب ومضة إضافية في سطوع النجم، وفي هذه الحالة تستمر الومضة لبضع ساعات فقط. وباستخدام هذه التقنية عُثر على أبعد الكواكب الخارجية المعروفة عن الأرض، ويمكن لها الكشف عن كواكب منخفضة الكتلة تبعد عن نجومها المضيفة مسافةً أكبر من بعد كوكبنا عن الشمس بشكل ملحوظ.

ويساعد الكوكب المكتشف حديثاً والمسمى OGLE-2016-BLG-1195Lb العلماء في بحثهم لاكتشاف طريقة توزع الكواكب في مجرتنا. فالتساؤل حول ما إذا كان هنالك اختلاف في تكرار الكواكب في منطقة انتفاخ درب التبانة المركزي مقارنة مع قرصها هو سؤال مفتوح، والقرص هو منطقة تحيط بالانتفاخ وتشبه الفطيرة. يقع OGLE-2016-BLG-1195Lb في القرص، كاثنين من الكواكب التي اكتُشفت سابقاً بواسطة التعديس الميكروي باستخدام تلسكوب سبتزر الفضائي التابع لناسا.


ويقول جيوف بريدن Geoff Bryden، عالم الفلك في مختبر الدفع النفاث والمشارك في تأليف الدراسة: "على الرغم من وجود عدد قليل من أنظمة الكواكب ذات المسافات المحددة جيداً والبعيدة خارج نظامنا الشمسي، إلا أن النقص في اكتشافات سبيتزر في منطقة الانتفاخ يشير إلى أن الكواكب قد تكون أقل شيوعا باتجاه مركز مجرتنا عنها في القرص".


وبالنسبة للدراسة الجديدة، تنبه الباحثون إلى حدث التعديس الميكروي الابتدائي من خلال مسح تجربة التعديس الثقالي البصري الأرضية Optical Gravitational Lensing Experiment او اختصاراً (OGLE)، الذي نجحت بإجرائه جامعة وارسو في بولندا. واستخدم مؤلفو الدراسة شبكة تليسكوب التعديس الميكروي الكورية (KMTNet)، التي يشغلها المعهد الكوري للفلك وعلوم الفضاء، بالإضافة إلى سبيتزر، لتتبع الحدث من الأرض والفضاء.


وتتألف شبكة (KMTNet) من ثلاثة تلسكوبات واسعة النطاق: واحد في تشيلي وواحد في أستراليا وواحد في جنوب إفريقيا. وعندما تلقى العلماء من فريق سبيتزر التنبيه (OGLE)، أدركوا إمكانية اكتشاف كوكبي. وقد كان تنبيه حدث التعديس الميكروي قبل ساعتين فقط من الوقت المقرر لوضع سبيتزر اللمسات النهائية على أهداف هذا الأسبوع، لكنه كان كافياً.

ومع رصد كل من (KMTNet) و سبيتزر لهذا الحدث، كان لدى العلماء اثنتان من نقاط الأفضلية لدراسة الأجسام المعنية، كان الأمر يشبه وجود عينَين تفصل بينها مسافة كبيرة والتي تشهد ذلك. وسمح جود بيانات قادمة من هذين المنظورين بالكشف عن الكوكب باستخدام (KMTNet) وحساب كتلة النجم والكوكب باستخدام بيانات سبيتزر.


ويقول أندرو غولد Andrew Gould، الأستاذ الفخري في علم الفلك بجامعة ولاية أوهايو وكولومبوس، والمؤلف المشارك في الدراسة: "نحن قادرون على معرفة تفاصيل عن هذا الكوكب بسبب تعاضد (KMTNet) وسبيتزر".


وعلى الرغم من أن كتلة OGLE-2016-BLG-1195Lb ككتلة الأرض تقريباً، ويبعد عن نجمه المضيف المسافة نفسها التي تبعدها الأرض عن شمسنا، إلا أن التشابه بينهما قد يقف الى هذا الحد.


يبعد OGLE-2016-BLG-1195Lb ما يقارب 13000 سنة ضوئية ويدور حول نجم صغير جداً، والعلماء ليسوا على يقين مطلقاً ما إذا كان نجماً، فقد يكون قزماً بنياً، وهو جرم يشبه النجم إلا أن نواته ليست حارة بما فيه الكفاية لتوليد الطاقة من خلال الاندماج النووي. تقدر كتلة هذا النجم الخاص بـ 7.8 بالمئة فقط من كتلة شمسنا، ما يضعه على الحد بين أن يكون نجماً وألا يكون كذلك.


عوضاً عن ذلك، قد يكون نجماً قزماً فائق البرودة كترابيست-1 TRAPPIST-1 الذي كشف سبيتزر والتلسكوبات الأرضية مؤخراً استضافته لسبعة كواكب بحجم الأرض. تتجمع هذه الكواكب السبعة مقتربة بشدة من بعضها حول ترابيست-1، حتى أنها تقع على مسافة أقرب من تلك التي يدور بها عطارد حول شمسنا، مع الاحتمالية القائمة بوجود الماء السائل على معظمها.

 

ولكن ببعد OGLE-2016-BLG-1195Lb عن نجمه الخافت المسافة نفسها بين الشمس والأرض، فمن المرجح أن يكون شديد البرودة، حتى من الممكن أن يكون أكثر برودة من بلوتو في نظامنا الشمسي، تلك البرودة التي من شأنها أن تجعل من أي مياه موجودة على سطحه متجمدة. وسيتطلب تلقي ما يكفي من الضوء للمحافظة على المياه السائلة على سطحه أن يدور في مدار أقرب من النجم الصغير والخافت.


ونذكر أن التلسكوبات الأرضية المتاحة اليوم ليست قادرة على العثور على كواكب أصغر من هذه باستخدام طريقة التعديس الميكروي. وهناك حاجة إلى تليسكوب فضائي حساس للغاية لاكتشاف الأجرام الأصغر بأحداث التعديس الميكروي، ومن المتوقع أن يكون تلسكوب الاستطلاع العامل بالأشعة تحت الحمراء واسع النطاق Wide Field Infrared Survey Telescope او اختصاراً (WFIRST) القادم لناسا والمقرر إطلاقه منتصف عام 2020 قادراً على ذلك.


ويقول شفرتزفالد: "إحدى المشاكل في تقدير عدد الكواكب الخارجية من هذا القبيل هي أننا لم نبلغ إلا الحد الأدنى من كتل الكواكب التي يمكن أن نكتشفها في الوقت الحالي باستخدام التعديس الميكروي وسيكون تلسكوب WFIRST قادراً على تغيير ذلك".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المفعول العدسي التثاقلي (gravitational lensing): المفعول العدسي التثاقلي: يُشير إلى توزع مادة (مثل العناقيد المجرية) موجودة بين مصدر بعيد والراصد، وهذه المادة قادرة على حرف الضوء القادم من المصدر أثناء تحركه نحو الراصد. ويُترجم أحياناً بالتعديس الثقالي أيضاً.
  • المفعول العدسي الميكروي (التعديس الميكروي) (microlensing): هو مفعول عدسي ثقالي ينجم عن النجوم والأجسام التي لا تمتلك كتلة هائلة. وفي هذا المفعول، تكون الصور المضاعفة قريبة جداً من بعضها إلى درجة يصعب حتى على أفضل التلسكوبات التمييز بينها. المصدر: العلوم الأمريكية.
  • المجال تحت الأحمر (Infrared): هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ذو الطول الموجي الأكبر من النهاية الحمراء للضوء المرئي، والأصغر من الأشعة الميكروية (يتراوح بين 1 و 100 ميكرون تقريباً). لا يمكن لمعظم المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي أن يصل إلى سطح الأرض، مع إمكانية رصد كمية صغيرة من هذه الأشعة بالاعتماد على الطَّائرات التي تُحلق عند ارتفاعات عالية جداً (مثل مرصد كايبر)، أو التلسكوبات الموجودة في قمم الجبال الشاهقة (مثل قمة ماونا كيا في هاواي). المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات