بقعة المشتري الحمراء العظيمة بوابتنا لكشف أكثر أسرار النظام الشمسي غموضا

 أضخم عاصفة في النظام الشمسي
تصنف عاصفة كوكب المشتري المعروفة بالبقعة الحمراء العظيمة (GRS)على أنها إعصار دائم لا ينتهي يهب في محيط الغلاف الجوي السفلي لهذا الكوكب منذ قرون عديدة، وتعد هذه العاصفة إحدى أضخم عواصف النظام الشمسي، فهي بالضخامة التي تكفي لاحتواء ما يعادل ثلاثة أمثال كوكب الأرض. وفي الوقت الحالي، يتوقع فريق من العلماء من جامعة بوسطن أن من شأن هذه البقعة الحمراء تفسير وحل إحدى أكثر المسائل غموضا على كوكب المشتري.

كانت ومازالت درجات الحرارة المرتفعة في الغلاف الجوي العلوي لكوكب المشتري موضع حيرة العلماء، فاعتمادا على بعد موقع المشتري من الشمس وما نعرفه عن تأثير الشمس على درجات حرارة الكواكب ينبغي ألا تتجاوز درجة حرارة المشتري 80 درجة فهرنهايت (27 درجة مئوية) لكن الواقع أن درجة حرارة الغلاف الجوي في تلك المنطقة تتراوح ما بين 800 إلى 1340 درجة فهرنهايت (427 إلى 727 درجة مئوية).

 

وعلى الرغم من معرفة العلماء بأن الشُفُق القطبية الضخمة التي تلف كوكب المشتري والمحملة بجسيمات مشحونة كهربائيا من شأنها رفع درجات الحرارة على هذا الكوكب إلا أن وجودها وحده لا يفسر الارتفاع الشديد للحرارة هناك وتوزيعها على سطح المشتري، هذا وتجدر الإشارة إلى أن المشتري ليس بالكوكب الوحيد ذي الحرارة الشديدة بل يشاركه في ذلك كل من زحل وأورانوس ونبتون. 

وكان قد صرّح جيمس أودونيو James O’Donoghue بالتالي لمجلة ناشيونال جيوغرافيك "لا نستطيع إلا أن نصفها حاليا بأنها أزمة طاقة فالمسألة لم تُحل منذ السبعينيات."

 البقعة الحمراء الساخنة


اكتشف فريق من العلماء باستخدام تلسكوب الأشعة تحت الحمراء في مرصد ناسا في هاواي بقعة ساخنة تقبع فوق البقعة الحمراء العظيمة وقاموا بدراسة الضوء المنبعث في الطبقات العليا للغلاف الجوي للمشتري باستخدام هيدروجين ثلاثي الذرة H3 لمعرفة درجة حرارة المنطقة المحيطة به. 


وعلّق أودونيو في خبر صحفي صادر عن جامعة بوسطن بقوله: "بإمكاننا ملاحظة أن درجات الحرارة القصوى والموجودة على ارتفاعات عليا تقع في مناطق توازي البقعة الحمراء العظيمة أسفلها فهل نعتبر ذلك مصادفة غريبة أم دليل جوهري يعتد به؟"


تزداد درجات الحرارة توازيا فوق البقعة الحمراء على ارتفاع 500 ميل (804 كم) إلى أكثر من 2400 درجة فهرنهايت (1315 درجة مئوية) أي أنها أكثر حرارة من أشد الحمم البركانية سخونة على سطح الأرض. ويرى العلماء أن الموجات الصوتية الصادرة عن هذه العاصفة تصطدم بالغلاف الجوي العلوي لكوكب المشتري مما يؤدي إلى اهتزاز الذرات ورفع درجات الحرارة تباعا خلال تلك العملية.

وتعليقا على ذلك وصف أودينيو العملية لموقع ذا فيرج The Verge قائلا "الأمر أشبه بفنجان قهوة يتم تحريك الملعقة فيه مع عقارب الساعة حيث تبدأ زوبعة في ذلك الفنجان غير أنها بلا صوت لكن بمجرد عكس اتجاه تلك الحركة ستصدر حتما خضخضة وهذا دليل على أثر وجود الموجات الصوتية".

 

تكمن صعوبة حل لغز ارتفاع حرارة المشتري في استبعاد العلماء لحقيقة أن تكون البقعة الحمراء العظيمة هي سبب ارتفاع حرارة الكوكب بأكمله. وأخبرت إيمي سيمون Amy Simon من مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لناسا شبكة الإذاعة العامة للولايات المتحدة الأمريكية (NPR) أن هذه الملاحظات مثيرة حقا لكن يجب التعامل معها بحذر شديد حيث أن لغاز الميثان قدرة على إصدار إشارات مشابهة لتلك الصادرة عن الهيدروجين ثلاثي الذرة.

العودة لكوكب الأرض


إن ثبتت صحة ما توصل له هؤلاء العلماء فمن شأن ذلك تفسير الكثير من الظواهر على كواكب أخرى وعلى رأسها كوكبنا. فوفقا لناشيونال جيوغرافيك تحصل ذات الظاهرة على كوكب الأرض. فعلى سبيل المثال، يكون الغلاف الجوي فوق مناطق الأعاصير والتسونامي غالبا أكثر سخونة، كما أن الهواء المار عبر سفوح سلاسل الجبال الكبرى كجبال الأنديز مثلا قد يصطدم بالصخور باعثا موجات صوتية تتجه نحو الغلاف الجوي العلوي رافعة من درجة حرارته. وقد صرّح أودينيو أيضا بأن "كوكب المشتري عبارة عن مختبر فيزيائي ضخم عن طريقه نفهم كيف تتفاعل العواصف مع طبقات الغلاف الجوي العليا، الأمر صعب القياس على كوكب الأرض."

ومع اقتراب مركبة الفضاء جونو التابعة لناسا من كوكب المشتري أكثر من أي مركبة سابقة يعتقد العلماء بأن ذلك سيسمح لهم بالاقتراب أكثر من البقعة الحمراء العظيمة مما قد يؤدي إلى فهم أفضل لهذه الظاهرة وتحديد أدق لأسباب حصول العاصفة في المقام الأول.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات