ما هو حجم الكون؟ هل يمتد إلى الأبد؟

حقوق الصورة: NASA/ESA Hubble Space Telescope


 

إذا كنت تحلم بالسفر فما عليك سوى النظر الى السماء ليلًا لترى الوميض المنبثق من تلك النجوم والكواكب والمجرات البعيدة جدًا، والتي تُعتبر صورًا من الماضي، إذ أنها بعيدةٌ جدًا لدرجةٍ أنّ حتى أقربها يمكن أن يأخذ آلاف السنين حتى يصل إلى الأرض.

 

الكون بلا شك مكانٌ كبيرٌ. ولكن لأي مدى؟

 

تجيب سارة غالامر Sarah Gallagher، عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة ويسترن في أونتاريو بكندا، لموقع Live Science، قائلةً: "يمكن أن يكون هذا السؤال أمرًا لن نعرف إجابته إطلاقًا، إن حجم الكون هو أحد الأسئلة الرئيسية في الفيزياء الفلكية، قد تكون الإجابة عن هذا السؤال مستحيلةً إلا أن هذا لا يمنع العلماء من المحاولة".

 

تضيف غالاغر أيضًا أنه كلما كان الجسم أقرب إلينا كان قياس المسافة بيننا وبينه أسهل، فبالنسبة للشمس الموضوع سهل، وبالنسبة للقمر فإن الموضوع أسهل. كل ما على العلماء فعله هو تسليط حزمةٍ ضوئية لأعلى وحساب مدة ذهابها وارتدادها عن سطح القمر.

 

تقول غالاغر بأن الأجسام البعيدة عننا ستكون أصعب، إذ إننا سنحتاج إطلاق حزم ضوئية خارقة، وحتى لو لدينا القدرات العلمية لإنتاج مثل تلك الحزم فمن سيستطيع الانتظار آلافَ السنين حتى تذهب تلك الحزمة وترتد عن أسطح الكواكب الخارجية البعيدة عنا؟

 

تقول غالاغر: "لدى العلماء بعض الأساليب التى ستساعدهم في التعامل مع الأجسام الأبعد، تتغير ألوان النجوم مع تقدمها بالعمر، واعتمادًا على هذه الألوان، يستطيع العلماء تقدير كمية الطاقة واللمعان (السطوع) المنُبعثة من تلك النجوم، لن يكون هناك نجمان يبثان السطوع نفسه، إذ أن الأبعد سيظهر بشكلٍ أكثرَ بهتانًا – بالنسبة للراصد الأرضي- بينما سيبدو الأقرب بشكلٍ أكثر لمعانًا وسطوعًا، وبحساب فرق التوهّج يحاول العلماء تقدير المسافة بيننا وبين تلك النجوم.

 

ولكن ماذا عن حافة الكون؟ كيف يستطيع العلماء التعامل مع تلك المسافات المهولة حيث يصبع الأمر صعبًا للغاية؟

 

لاحِظ أنه كلما كان الجسم بعيدًا عن الأرض طال زمن وصول ضوء ذلك الجسم إلينا. تخيل أن ضوء بعض هذه الأجسام البعيدة جدًا قد استغرق ملايين أو حتى مليارات السنين للوصول إلينا. ولكن تخيل أن ضوء بعض الأجسام قد استغرق مليارات السنين للقيام بهذه الرحلة، وبالرغم من ذلك لم يصل إلى الأرض. هذه هي بالضبط المشكلة التي يواجها علماء الفلك كما ذكر ويل كيني Will Kinney، الفيزيائي فن جامعة ولاية نيويورك في بوفالو، لموقع Live Science.

 

يقول كيني: "إننا لا نرى سوى فقاعةً صغيرةً – حيّزًا صغيرًا- من الكون أما عمّا هو خارج هذه الفقاعة، فإننا لا نعلم شيئًا، وبمعرفة حجم تلك الفقاعة قد يستطيع العلماء تقدير ما في خارجها".

 

يعرف العلماء أن عمر الكون يبلغ 13.8 مليار سنةٍ تقريبًا، وهذا يعني أن الجسم الذي استغرق ضوؤه 13.8 مليار سنة للوصول إلينا بالتأكيد سيكون أبعد جسمٍ يمكننا رؤيته. قد تعتقد بأن هذا يعطينا إجاباتٍ سهلةً عن حجم الكون، لكن ضع في اعتبارك أن الكون يتمدد باستمرار وبمعدل متزايد ففي الوقت الذي استغرقه هذا الضوء للوصول إلينا قد امتدت حافة الفقاعة. لحسن الحظ، يعرف العلماء إلى أي مدى قد تمددت، وهو ما يقارب 46.5 مليار سنة ضوئية، وذلك بالاستناد إلى حسابات تمدد الكون منذ الانفجار العظيم.

 

استخدم بعض العلماء هذا الرقم في محاولةٍ لحساب ما يوجد خارج حدود رؤيتنا، وبناءً على افتراض أن الكون منحني الشكل يمكن لعلماء الفلك أن ينظروا إلى الأنماط (الأشكال) التي يمكن ملاحظتها في الكون، واستخدام النماذج لتقدير المدى الذي يمتد به بقية الكون. وجدت إحدى الدراسات أن الكون الفعلي يمكن أن يكون ما لا يقل عن 250 ضعف تلك الـ 46.5 سنة ضوئية السابق ذكرها.

 

يقول كيني: "لا يوجد دليل على أن الكون محدود، حيث يمكن أن يتمدد إلى ما لا نهاية".

 

تقول غالاغر: "لا يوجد ما يؤكد ما إذا كان الكون محدودًا أم لا متناهي، لكن العلماء يتفقون على أنه شديد الضخامة حقًا. لسوء الحظ، إن الجزء الصغير الذي تمكنّا من معرفته هو أقصى ما يمكننا رصده على الإطلاق. نظرًا لأن الكون يتمدد وبمعدل متزايد، فإن الحواف الخارجية لكوننا الذي يمكن ملاحظتها تتحرك فعليًا أسرع من سرعة الضوء. وهذا يعني أن حواف كوننا تبتعد عنّا أسرع مما قد يصلنا ضوؤها، وبالتالي فإنها تدريجيًا ستختفي عن الأنظار".

 

قالت غالاغر بأن حجم الكون الهائل والذي لا يمكننا معرفته يقلل من شأن وسائلنا العلمية، ولكن هذا لا يمنع غالاغر وزملاءها من البحث عن إجاباتٍ أعمق.

 

لذا تقول: "ربما لن يكون بمقدورنا التطلّع أكثر من ذلك، هل يبدو الأمر محبطًا؟ بالفعل هو كذلك، ولكنه يظل مثيرًا للغاية".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات