يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
تنظيف خردة الفضاء باستخدام قاطرات فضائية مغناطيسية!

بعد خمسين عاماً من إرسال الصواريخ والأقمار الصناعية والحمولات إلى المدار، خلقت البشرية مشكلة "خردة الفضاء". حيث تشير التقديرات الحديثة أن هناك أكثر من 170 مليون قطعة من الحطام تتراوح أقطارها ما بين أقل من 1 سم (0.4 إنش) إلى عدة أمتار. وليست هذه المخلفات فقط هي التي تهدد المركبات الفضائية ومحطة الفضاء الدولية (ISS) ولكن التصادمات بين قطع من الحطام تستطيع أن تسبب تكوين المزيد، بظاهرة تعرف باسم "تأثير كيسلر" kessler effect.

وبفضل نمو صناعة الطيران التجارية وتطوير الأقمار الصناعية الصغيرة، لا يحتمل أن تصبح الأشياء هناك أقل تراكماً في أي وقت قريباً. ولهذا السبب يجري استكشاف استراتيجيات متعددة لتنظيف الممرات الفضائية، بدءاً من الأسلحة الروبوتية والشبكات إلى الحراب (harpoons). ولكن في الخطة المحتمل أنها الأكثر طموحاً حتى الآن فإن وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) تقترح إنشاء قاطرات فضائية بمغناطيس قوي لنثر الحطام خارج المدار.

ويأتي هذا المفهوم من إميليان فاباتشر Emilien Fabacher الباحث من المعهد العالي للدراسات الفضائية في جامعة تولوز بفرنسا. ويسعى مفهومه للقاطرة المغناطيسية إلى معالجة نوع واحد من الحطام الفضائي على وجه الخصوص وهو الأقمار الصناعية غير القابلة للعمل. وغالباً ما تزن هذه الأجسام غير الخاضعة للتحكم والتي تدور بسرعة عدة أطنان، ولذلك فهي واحدة من أهم وأخطر الاصطدامات .

توضيح يظهر مشكلة حطام الفضاء حقوق الصورة: ESA
توضيح يظهر مشكلة حطام الفضاء حقوق الصورة: ESA


عندما تطبّق على مشكلة الحطام المداري، فإن الجذب المغناطيسي يعتبر حلاً جذاباً للتخلص الآمن من الأقمار الصناعية المستهلكة. ابتداء، فإنه يعتمد على التكنولوجيا التي هي قضية أساسية على متن العديد من الأقمار الصناعية منخفضة المدار المعروفة باسم قضبان عزم الدوران المغناطيسية (magnetorquers). وتسمح هذه الكهرومغناطيسات للأقمار الصناعية بتعديل اتجاهها باستخدام مجال الأرض المغناطيسي. ومن ثم فإن الأقمار الصناعية المطاردة للحطام لن تحتاج إلى أن تكون مجهزة مسبقاً.

ما هو أكثر من ذلك هو أن هذا الجذب المغناطيسي أو تكنولوجيا الإبعاد يعتبر وسيلة آمنة تسمح للأقمار الصناعية المتعددة بالحفاظ على التشكيلات الوثيقة فى الفضاء. أمثال هذه الأقمار الصناعية هي البعثة متعددة النطاقات المغناطيسية (MMS) التابعة لناسا وأقمار لاندسات 7 (Landsat 7) ومراقبة الأرض 1 (Earth Observing-1) والمهمة المقبلة لوكالة الفضاء الأوروبية ليزا (LISA)، سواء منها الجاهزة للعمل أو التي ستوجد قريباً حول الأرض.

وبسبب ذلك، يقدم هذا النوع من تكنولوجيا الجذب المغناطيسي بديلاً آمناً وفعالاً لإزالة خردة الفضاء. وكما وضح فاباتشر في بيان صحفي صدر مؤخراً عن وكالة الفضاء الأوروبية: "بالنسبة للقمر الصناعي الذي تريد إزالته، من الأفضل كثيراً إذا استطعت البقاء على مسافة آمنة، بدون الحاجة الى اتصال مباشر والمخاطرة بضرر لكل من المطارد والأقمار الصناعية المستهدفة. لذا فإن الفكرة التي أتحقق منها هي تطبيق القوى المغناطيسية إما لجذب أو صدّ القمر المستهدف، لتحويل مداره أو إزالته من المدار تماماً".

انطباع فنان عن بعثة داروين التي اقترحتها وكالة الفضاء الأوروبية، ستة أقمار صناعية محلقة سوف تبحث عن الكواكب الخارجية.  حقوق الصورة: ESA/Medialab
انطباع فنان عن بعثة داروين التي اقترحتها وكالة الفضاء الأوروبية، ستة أقمار صناعية محلقة سوف تبحث عن الكواكب الخارجية.  حقوق الصورة: ESA/Medialab


خرج المفهوم من محادثة كان قد أجراها فابشر مع خبراء من المركز التقني التابع لوكالة الفضاء الأوروبية فى هولندا. وكجزء من أبحاثه في الدكتوراه، كان ينظر في كيفية عمل تقنيات التوجيه المغناطيسي والملاحة والتحكم عملياً. وأدى ذلك إلى إجراء مناقشة حول كيفية سماح تكنولوجيا مماثلة لأسراب الأقمار الصناعية بجذب وإزالة الحطام من المدار.

بعد إجراء بعض العمليات الحسابية التي جمعت موعد المحاكاة مع نماذج التفاعلات المغناطيسية، وأخذت أيضاً بعين الاعتبار الحالة المتغيرة باستمرار لغلاف الأرض المغناطيسي، أدرك فاباتشر وزملاؤه أن لديهم مفهوم العمل. وقال: "كانت المفاجأة الأولى أنه من الممكن بالفعل، نظرياً، ففي البداية لم نستطع التأكد، ولكن اتضح أن الفيزياء تعمل بشكل جيد".

ولتحطيم الأقمار الصناعية فإن مطارديها سوف يولدون مجالاً مغناطيسياً قوياً باستخدام أسلاك فائقة التوصيل يتم تبريدها لدرجات حرارة متجمدة. سوف تعتمد هذه الأقمار الصناعية أيضاً على المجالات المغناطيسية للحفاظ على تشكيلات الطيران الدقيقة مما يتيح الفرصة لسرب من مطاردي الأقمار الصناعية للتعامل مع العديد من قطع الخردة أو تنسيق وتوجيه الحطام إلى موقع معين.

وفقاً لفين أنكيرسن Finn Ankersen الخبير في وكالة الفضاء الأوروبية في رحلة الالتحام والرسو والتكوين فإن هذه القضبان المغناطيسية قد تقدر أيضاً على إزالة الحطام الفضائي بمستوى عال جداً من الدقة. وقال: "سوف يعمل هذا النوع من التأثير المغناطيسي عديم التماس من نحو 10-15 متراً من الخارج مقدماً دقة تحديد المواقع ضمن حدود 10 سم مع دقة توضع تبلغ 1 - 2°".

لماذا هناك حاجة لتخفيف الحطام الفضائي. حقوق الصورة: ESA
لماذا هناك حاجة لتخفيف الحطام الفضائي. حقوق الصورة: ESA


ويجري تطوير هذا المفهوم بدعم من مبادرة التسويق الشبكي/الشراكة التمهيدية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، وهو برنامج يقدم الدعم للجامعات ومعاهد البحوث من أجل تطوير التكنولوجيا المتصلة بالفضاء. ويأتي ذلك في وقت أصبحت فيه قضية الحطام الفضائي مثيرة للقلق بشكل متزايد.

وبغض النظر، فمن المرجح أن يصبح الحطام الفضائي بالغ الخطورة في السنوات والعقود القادمة. وبالفعل تشير التقديرات إلى أن سوق الأقمار الصناعية الصغيرة سوف ينمو بمقدار 5.3 مليار دولار في العقد المقبل (وفقاً لأعمال الفضاء ويوروستات Eurostat)، وتتطلع العديد من الشركات الخاصة إلى تقديم خدمات إطلاق منتظمة لاستيعاب هذا النمو.

إذا نوينا البدء في العودة إلى القمر والقيام ببعثات إلى المريخ، نحتاج إلى التأكد من أن الممرات الفضائية جلية! ونظراً لأهمية محطة الفضاء الدولية للبحث العلمي والتعاون الدولي ومع شركات تبحث لإنشاء مواطن فضائية في المدار مثل Bigelow Aerospace، يجب القيام بشيء ما حول هذه المشكلة قبل أن تصبح خارج نطاق السيطرة تماماً!

 

ومن يعلم؟ ربما أسطول صغير أو قاطرات مغناطيسية هو فقط ما نحتاجه لتنظيف هذه الفوضى!

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات