كيف لقطع صغيرة من المخلفات الفضائية أن تتسبب في أضرار لا تُصدق؟

رسم توضيحي للمخلفات وهي تدور حول الأرض. (حقوق الصورة: Shutterstock)
 

يعود ذلك كله إلى السرعة.
 

في عام 2016 نشر رائد الفضاء في وكالة الفضاء الأوروبية تيم بيك Tim Peake صورة لتجويف بقياس ربع بوصة في نافذة زجاجية لمحطة الفضاء الدولية ISS، والجاني؟
إنه قطعةٌ صغيرةٌ جدًا من المخلفات الفضائية.

كانت قطعة الحطام، التي ربما كانت قشرة طلاء أو جزءًا معدنيًا من قمر صناعي، بأبعاد لا تتجاوز بضعة آلاف جزء من الميليمتر، أي ليست أكبر بكثير من خلية واحدة من الإشريكية القولونية.

ولكن كيف يمكن لشيء صغير جدًا أن يسبب ضررًا مرئيًا؟

قال فيشنو ريدي Vishnu Reddy، عالم الفلك بجامعة أريزونا: "كل شيء يتعلق بالسرعة". وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية، فإن الأجسام الموجودة على ارتفاع محطة الفضاء الدولية ومعظم الأقمار الصناعية الأخرى- أي على ارتفاع نحو 250 ميلًا أو 400 كيلومترًا فوق الأرض- تدور حول كوكبنا مرةً واحدةً كل 90 دقيقة. كتب روبرت فروست Robert Frost، المدرب ومراقب الطيران في وكالة ناسا على موقع Quora: "إن هذا يزيد عن 15,600 ميلًا في الساعة أي (25,200 كم/ساعة)، ما يعادل 10 أضعاف سرعة رصاصة منطلقة على الأرض".

لا ترتبط طاقة الاصطدام فقط بحجم الجسم، فإن السرعة (ويقصد بها القيمة العددية للسرعة والاتجاه) لا تقل أهميةً عنه. هذا هو السبب في أن الرصاصة الصغيرة يمكن أن تسبب الكثير من الضرر، وصرّح ريدي لموقع Live Science: "عند الحركة بسرعة عالية بما يكفي فإن أي جسم يمكن أن يكون خطيرًا".

قال كيري كاهوي Kerri Cahoy، الأستاذ المساعد في علم الطيران والملاحة الفضائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "ضع في اعتبارك أن السرعة هي من العوامل المضافة. لذلك إذا كان هناك جسمان يتحركان باتجاه بعضهما البعض، عند اصطدامهما، فإن ذلك يزيد من طاقة اصدامهما".

قال كاهوي لموقع Live Science: "فكر في الأمر بكونه مماثلًا للقيادة على طريق سريع، فإن كانت هناك سيارتان تتحركان مسرعتين بالاتجاه نفسه، إن حدث تماس بينهما، لن يتعدى الامر تلامسًا لطيفًا، ولكن إذا اصطدمت مركبةٌ ولو كانت خفيفة الوزن بسيارةٍ تسير بالاتجاه المعاكس، فقد يكون ذلك كارثيًا لكلا السائقين".

الأمر مماثلٌ في الفضاء، يمكن أن تترك بقعة طلاء سريعة الحركة تصطدم بمحطة الفضاء الدولية علامةً كبيرةً نسبيًا.

التقط رائد فضاء وكالة الفضاء الأوروبية تيم بيك صورةً لعلامة الانحناء الناجم عن اصطدام قطعةٍ صغيرةٍ جدًا من المخلفات الفضائية بمحطة الفضاء الدولية. (حقوق الصورة: ESA / NASA)
التقط رائد فضاء وكالة الفضاء الأوروبية تيم بيك صورةً لعلامة الانحناء الناجم عن اصطدام قطعةٍ صغيرةٍ جدًا من المخلفات الفضائية بمحطة الفضاء الدولية. (حقوق الصورة: ESA / NASA)


في الفضاء تدور الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية والحطام ،سالكةً مسارات عديدة مختلفة، فقد يدور جسمٌ ما أفقيًا حول خط الاستواء، في حين يدور جسمٌ آخر عموديًا حول القطبين. حتى أن بعض الأجسام تتحرك حركةً تراجعيةً، ما يعني أنها تدور عكس اتجاه دوران دار الأرض. ومع تزايد الحطام المتبعثر في الفضاء، يتحول مدار الأرض المنخفض الذي تدور فيه محطة الفضاء الدولية إلى طريق سريع يشبه ازدحامه ساعة الذروة. أوضح كاهوي لموقع Live Science أنه: "يمكن أن يكون هناك احتمال لحدوث الكثير من الضرر".

لحسن حظ رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية أنه لم تصطدم قطعة حطام كبيرة بنافذتهم، ووفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية قد لا تترك قطعة بحجم الميكروب سوى انحناء طفيف، لكن شظية بحجم حبة البازلاء يمكن أن تعطل أنظمة الطيران الحرجة.

ماذا لو كانت قطعة من الحطام بحجم كرة بينج بونج؟ أجاب ريدي بأن الأمرسيكون كارثيًا: "يمكن أن تتسبب مخلفاتٌ فضائيةٌ بهذا الحجم في انخفاض ضغط المحطة الفضائية بسرعةٍ، ما يجعل من المستحيل على رواد الفضاء التنفس على متنها".

تُعتبر نفايات الفضاء مشكلةً متفاقمةً، إذ يحتوي مدار الأرض على ما لا يقل عن 128 مليون قطعة من الحطام، 34,000 قطعةً منها أكبر من نحو 4 بوصات أي 10 سم، وذلك وفقًا لمتحف التاريخ الطبيعي في لندن، وما تلك سوى الأجزاء الكبيرة بما يكفي لاكتشافها. تتشكل هذه القطع الصغيرة عندما تتعرض الأقمار الصناعية أثناء قيامها بعملها للأشعة فوق البنفسجية الشديدة، أو عندما تتصادم قطع أكبر من الحطام الفضائي أو عند تدمير الأقمار الصناعية عمدًا. تشمل القطع الأكبر حجمًا 3,000 قمر صناعي مهجور، بالإضافة إلى مسامير وأجزاء أخرى تسقطها المركبات الفضائية أثناء عمليات الإطلاق.

قال ريدي: "يمكن للعلماء من خلال تتبع إحدى المخلفات الفضائية إعلام الدول والشركات بموعد قيام المركبة الفضائية بمناورة لتبتعد عن مسار قطعة الحطام اتسير بسرعة".

وقد أجرت محطة الفضاء الدولية 25 مناورة من هذه المناورات منذ عام 1999، وذلك وفقًا لمتحف التاريخ الطبيعي. ويعمل الباحثون على تطوير طرق لالتقاط النفايات من الفضاء من خلال استخدام الخطافات والشبكات والمغانط لسحبها مرة أخرى إلى الغلاف الجوي للأرض.

قد يؤدي وجود الكثير من الخردة الفضائية إلى خطورة على البشر في استخدام مدار الأرض للأقمار الصناعية وأنواع أخرى من المركبات الفضائية. يضيف ريدي: "إننا لم نقترب من هذه النقطة بعد، ولكن من المهم أن نعالج مشكلة النفايات الفضائية لمنع المزيد من التراكم".

تابع أيضًا: "نعتمد على الفضاء بأشياء كثيرة منها: الاتصالات، والتنبؤ بالطقس، والأعمال المصرفية، والترفيه، والأمور الحربية، لذلك إذا تطرقنا للحديث عن تطورنا كحضارة، فإننا سنتراجع عدة خطوات إلى الوراء إذا لم نتمكن من الوصول إلى الفضاء".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات