يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
هل قدمت النيازك التي اصطدمت بالأرض قبل مليارات السنين لبنات الحياة الأولى؟

هل يمكن أن تكون لَبِنات الحياة الأساسيّة على الأرض قد وصلتنا من قِبل النيازك التي اصطدمت ببرك المياه قبل أربعة مليارات سنةٍ؟

 

تعزّز دراسةٌ جديدةٌ النظريّة القائلة بأن الأصول الكيميائيّة للحياة على الأرض أتت من النيازك التي أوصلت اللَبِنات الأساسيّة من الفضاء، إذ يقول بن كي دي بيرس (Ben K.D. Pearce) عالم الأحياء الفلكيّ في جامعة مكماستر (McMaster) بكندا: "إنّ النيازك التي اصطدمت بالبرك الصغيرة الدافئة على أسطح الأراضي المرتفعة للكوكب منذ أكثر من أربعة مليارات سنةٍ كان بإمكانها أن توصل تلك اللَبِنات إلى بيئةٍ يمكن أن تنمو فيها وتُدمج مع الحمض النوويّ الريبوزي الرنا RNA".

إنّ الدراسة التي أنتجها باحثون من جامعة مكماستر ومعهد ماكس بلانك الألماني لعلم الفلك ونُشرت في مجلّة Proceedings of The Royal Academy هي الأخيرة في الجدال عن أصول الحياة. هل جاءت من الأرض نفسها، حيث تتشكّل حول فتحاتٍ ساخنةٍ تحت البحر في القشرة، أم من البرك الصغيرة على الأرض كما فسّر داروين (Darwin) مع المواد المودعة من الكون حولها؟ ويميل بيرس وزملاؤه إلى فكرة "الحوض الصغير الدافئ"، قائلين إن المحيطات كانت قاسيةً جدًّا كبيئةٍ للَّبِنات الأساسيّة للحياة.

يستطيع الحمض النووي الريبوزي الرنا (RNA) إنتاج نفسه مرةً أخرى والتطوّر تباعاً. إذ يأخذ في شكله الحاليّ الشيفرة الوراثيّة الواردة في الحمض النوويّ الريبوزي منقوص الأكسجين الدنا DNA ويشكّل البروتينات.


يقول بيرس لباحثٍ: "في وقتٍ ما، كان الدنا DNA شكل الحياة المهيمن على الأرض، وربما شكل الحياة الأولى على الأرض" ويضيف: "ولكنّها تتكّون من عائلةٍ من الجزيئات المعروفة باسم الأسس النووية nucleobases، والتي تنبع من نوعٍ تفاعليٍّ للنيتروجين الذي لم يكن قد تشكّل على الأرض الأولى غير المأهولة بالحياة.

 

صورةٌ لبركةٍ دافئةٍ في ممرّ بومباس هيل في حديقة لاسن البركانيّة الوطنيّة بكاليفورنيا Credits: Ben K.D. Pearce, McMaster University
صورةٌ لبركةٍ دافئةٍ في ممرّ بومباس هيل في حديقة لاسن البركانيّة الوطنيّة بكاليفورنيا Credits: Ben K.D. Pearce, McMaster University


ومن المرجّح أن مركّبات النيتروجين مثل الأمونيا وسيانيد الهيدروجين تجمّعت على قطعٍ من الغبار والصخور التي تطفو حول الشمس، وتدفّقت إلى أجرامٍ أكبر حيث يمكن أن تتفاعل لإنتاج القواعد النوويّة. ويقول: "لقد حصلنا على هذه الجزيئات من الفضاء"، وعندما سقطت تلك الصخور الفضائيّة على الأرض، كان من الممكن أن تكون الأسس النيتروجينيّة (الآزوتية) التي كانت تحتفظ بها قد هبطت في أحواض المياه وتفاعلت مع موادَ كيميائيّة أخرى أنتجت الرنا RNA.

وقد وُضِعت الدراسات السابقة على أساس هذه النظريّة، لكن ما فعله بيرس وزملاؤه هو استخدام نماذج حاسوبيّةٍ لقياس مدى احتماليّة ذلك. وسيتوجّب على النيكليوتيدات البقاء على قيد الحياة في بيئةٍ قُصِفت بالأشعة فوق البنفسجية، حيث لم تكن هناك طبقة الأوزون الواقية في ذلك الوقت، وفي المياه التي يمكن أن تكون قد كسرتها

وفي حين يفسّر علماءٌ آخرون ومن بينهم عالم الفلك الشهير كارل ساغان Carl Sagan، أنّ الغبار الكونيّ ربما أوصل هذه السلائف، يقول بيرس إنّ أيّ النيكليوتيدات التي تركب على جسيمات الغبار كان من المرجّح أن تكون صغيرةً جدًّا للبقاء على قيد الحياة في موطنها الجديد، ولكن من خلال إدخال البيانات "من جميع جوانب العلم"، بما في ذلك علم الأحياء والجيوفيزياء والفيزياء الفلكيّة، فقد حسبوا أن النيازك كانت متكرّرةً وقويّةً بما فيه الكفاية لتوصيل اللَبِنات الأساسيّة للحياة، ويمكن أن تكوِّن دوراتٍ رطبة وجافة قد ساعدتهم على الربط في سلاسلَ أكبر شكّلت الحمض النوويّ الريبوزي الرنا (RNA).

يقول بيرس: "كان هناك الآلاف من الفرص لهذا الظهور من آلاف البيئات المختلفة في البرك"، ويتابع: "ستكون الخطوة التالية هي محاولةٍ لاختبار تلك النظريّة في المختبر. ويقوم الباحثون في مكماستر، الواقعة في الطرف الغربي من بحيرة أونتاريو، ببناء "جهاز محاكاة كوكب" يأملون بواسطته أن يتمكنوا من إعادة إنتاج ظروف الأرض البدائيّة ومعرفة ما إذا كان بإمكانهم الحصول على نفس النتائج".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات