قياسات الجاذبية بالزمن الحقيقي تُعلن بداية جديدة

 

على الرغم من أن القمر الصناعي GOCE التابع لوكالة الفضاء الأوربية قد أصبح خارج الخدمة، إلا أن جميع القياسات التي جمعها خلال حياته وهو يلتف على هامش غلافنا الجوي، بما فيها القسم الأخير من حياته الذي قضاه وهو ينجرف ببطء عائدًا إلى الأرض ، قد تم تجميعها معًا لتُقدِّم فرصًا جديدةً للعلم.

 

لقد قام هذا القمر الصناعي بإجراء قياسات لجاذبيّة الأرض بدقةٍ غير مسبوقة كونه يحمل أول حساس للجاذبية ثلاثي الأبعاد في الفضاء، السنوات الأربع التي قضاها القمر الصناعي GOCE في المدار أنتجت أربعة نماذج للجاذبيّة ، كل واحدٍ أكثر دقةً من سابقه. وتم استخدام كل واحد من هذه النماذج لتوليد الجيود "geoid" الخاص به. لقد تمت نمذجة سطح البحار باستخدام الجاذبية لوحدها.

 

تُعتبر الجيود عاملًا حاسمًا في فهم دوران المحيطات وتغيرات مستوى البحر وحركيات الجليد. ومن بيانات المهمة المعطاة تم أخيرًا توليد النموذج الخامس. وفيه تم دمج بيانات جمعها القمر الصناعي خلال حياته التشغيلية التي بلغت 42 شهرًا.

 

في حين أن الجيود السابق الذي تم إصداره في آذار/مارس 2013 كان مستندًا على 27 شهرًا من القياسات، لقد تم تصميم القمر الصناعي ليكون في مدار منخفضٍ جدًا على ارتفاع 255 كم فيسجل أفضل قياساتٍ للجاذبيّة. 

 

في نهاية عام 2012 سمح استهلاك الوقود المنخفض للمشغلين بتمديد حياته وتخفيض مدار القمر الصناعي بمقدار 31 كم للحصول على قياسات أعلى دقة. وكان هذا هو الحد الأقصى لقدراته لكنها عظَّمت العوائد على العلم، بعد أن تمت مضاعفة حياة القمر الصناعي المقررة له في المدار، نفِذ الوقود منه وانجرف إلى داخل الغلاف الجوي في تشرين الثاني/نوفمبر 2013.

 

يتضمن نموذج الجاذبية الخامس والجيود الذي أصدرته وكالة الفضاء الأوربية مؤخرًا القياسات النفيسة التي ظل الساتل يجمعها إلى اللحظة التي توقف فيها عن العمل وخضع للقوة التي صُمِّم ليقيسها.

 

وعلى الرّغم من أن الساتل لم يعد في المدار فإن بين يدي العلماء أفضل معلومات يمكن أن يحصلوا عليها عن جاذبيّة الأرض ، وهو ما يعني فعليًا بدايةً جديدة للمهمة.

 

لقد سلط القمر الصناعي GOCE ضوءاً على مظاهر مختلفة للأرض وتجاوز المجال الأصلي لمهمَّته بعدّة طرق، فقد تم استخدامه لفهم الكيفية التي تحمل بها المحيطات كمياتٍ هائلةً من الحرارة لنقلها عبر الكوكب ، وتطوير نظام مرجعية عالمية للارتفاع.

 

كذلك فإنه قدم معلومات عن الكثافة الجوية والرياح كما أنه رسم خريطةً للحدود بين قشرة الأرض والغلاف العلوي ، واستُخدم لفهم ما يجري في هذه الطبقات عميقًا تحت أقدامنا. وتتضمن إنجازاته رسمه لخريطة الندب في جاذبيّة الأرض، الذي خلفه زلزال اليابان في 2011.

 

سيظل الجيود النهائي وبيانات الجاذبيّة تُستخدم لسنواتٍ لتكوين فهمٍ أعمق للأرض.


يقول مدير بعثة القمر الصناعي GOCE ، رون فلوبِرغاغن Rune Floberghagen: "إننا في غاية السعادة بنتائج الطور النهائي الشديد الانخفاض من المهمة".

 

وفي الحقيقة فإن جهودًا بُذلت من طرف فريق المهمة ومن قِبل العلماء لتأمين عمليات الطيران في هذه الإرتفاعات القصوى وفي معالجة البيانات الناتجة عن تضاعف محتوى المعلومات والازدياد الجلي في الدقة المكانيّة.

 

في الواقع فإن "حلول الإصدار الخامس" تذهب بعيدًا وراء الأهداف الطموحة التي كانت لدينا عندما بدأ مشروع القمر الصناعي GOCE. يمتلك العلماء اليوم بين أيديهم نموذجًا للحقل الجاذبيّ مبني على قياسات القمر الصناعي ، سيظل على مدى السنين القادمة المعيار بحكم الأمر الواقع.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات