المركبة الفضائية مافن ترصد ارتفاعات وانخفاضات في سرعة إفلات الماء من المريخ

بعد فحص الغلاف الجوي العلوي للكوكب الأحمر لمدة عام مريخي كامل، حددت مهمة مافن MAVEN التابعة لناسا أن المياه الهاربة لا تصعد دائماً بشكل لطيف إلى الفضاء.

قامت مجموعة من المعدات في مركبة تطوّر التّطاير والغلاف الجوي المريخي MAVEN بقياسات متطورة كشفت عن صعود وهبوط في إفلات الهيدروجين، وبالتالي فقدان المياه. ارتفعت نسبة الهروب تلك عندما كان المريخ في أقرب نقطة له من الشمس وانخفضت عندما كان الكوكب في أبعد نقطة عن الشمس. يتفاوت معدل الخسارة بشكل كبير عموماً، وبلغ هروب الهيدروجين كحد أقصى معدل عشرة أضعاف.

قال علي رحمتي Ali Rahmati عضو فريق مافن في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو الذي حلل بيانات اثنين من معدات المركبة الفضائية: "أعطتنا مافن تفاصيل غير مسبوقة حول هروب الهيدروجين من الغلاف الجوي العلوي للمريخ، وهذا أمر مهم لمساعدتنا في معرفة كمية المياه الكلية المفقودة خلال مليارات السنين".

ينتج هيدروجين الغلاف الجوي العلوي للمريخ عن بخار الماء في الغلاف الجوي السفلي؛ إذ يمكن أن يتشظى جزيء الماء في الغلاف الجوي جراء تعرضه لأشعة الشمس، منتجاً بذلك ذرتي هيدروجين من ذرة الأوكسجين التي يرتبطان بها؛ ويُمكن أن تؤثر العديد من العمليات في الغلاف الجوي العلوي للمريخ على الهيدروجين متسببةً في هروبه.

تظهر هذه الصورة تشتييت الهيدروجين الذري لضوء الشمس في الغلاف الجوي العلوي للمريخ من منظور التصوير الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية على متن مهمة مافن. ولإنشاء هذه الصورة استخدم نحو 400 ألف صورة رُصدت على مدى أربعة أيام بعد وقت قصير من دخول المركبة الفضائية مدارها حول المريخ.  يُنتج الهيدروجين عن طريق تفكك المياه التي كانت وافرة على سطح المريخ. يتمتد الهيدروجين لمسافات بعيدة عن الكوكب بسبب كتلته الذرية المنخفضة، ولذلك تكون قدرته على الإفلات من الكوكب أكبر أيضاً. ملكية الصورة: ناسا، جودارد، جامعة كولورادو
تظهر هذه الصورة تشتييت الهيدروجين الذري لضوء الشمس في الغلاف الجوي العلوي للمريخ من منظور التصوير الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية على متن مهمة مافن. ولإنشاء هذه الصورة استخدم نحو 400 ألف صورة رُصدت على مدى أربعة أيام بعد وقت قصير من دخول المركبة الفضائية مدارها حول المريخ. يُنتج الهيدروجين عن طريق تفكك المياه التي كانت وافرة على سطح المريخ. يتمتد الهيدروجين لمسافات بعيدة عن الكوكب بسبب كتلته الذرية المنخفضة، ولذلك تكون قدرته على الإفلات من الكوكب أكبر أيضاً. ملكية الصورة: ناسا، جودارد، جامعة كولورادو


يفترض أن تكون هذه الخسارة ثابتة على مدار فترة زمنية طويلة (تزيد أو تنقص قليلاً) وتشبه ظاهرة التسرب البطيء في الإطارات. لكن الأرصاد السابقة التي قام بها تلسكوب هابل الفضائي ومركبة استكشاف المريخ التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية وجدت تقلبات غير متوقعة. 

أجري عدد قليل من هذه القياسات حتى الآن، ومعظمها كانت لقطات بشكل أساسي، التقطت خلال أشهر أو سنوات منفصلة. لكنّ مافن تتبعت ودون انقطاع على مدار سنة مريخية كاملة -سنتين أرضيتين- ظاهرة هروب الهيدروجين.

قال مايكل تشافين Michael Chaffin وهو عالم في جامعة كولورادو في بولدر وهو أحد أعضاء فريق التصوير الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية IUVS: "نحن نعلم الآن أن مثل هذه التغيرات الكبيرة تحدث، ونعتقد أنّ هروب الهيدروجين من المريخ ليس بطيئاً وثابتاً بل على الأغلب إنه تدفق عَرَضي، فهو يرتفع ويهبط حسب الموسم وربما تتخلله دفعات قوية". 

عرض تشافين بعض نتائج IUVS في 19 تشرين الأول/أكتوبر في الاجتماع المشترك لقسم علوم الكواكب والكونغرس الأوروبي لعلوم الكواكب في باسادينا، كاليفورنيا. وفي عملية الرصد الأكثر تفصيلاً لفقدان الهيدروجين حتى يومنا هذا، حددت أربعة أجهزة من مافن عامل 10 لتغير معدل الهروب، وقد جرى استنتاج تغيرات كثافة الهيدروجين في الغلاف الجوي العلوي بالاعتماد على تدفق أيونات الهيدروجين -ذرات هيدروجين مشحونة كهربائياً- التي قاسها المحلل الأيوني للرياح الشمسية وجهاز التركيب الأيوني الحراري والحراري الفائق. 

رصد IUVS انخفاضاً في كمية أشعة الشمس المبعثرة بواسطة الهيدروجين في الغلاف الجوي العلوي. ووجد المستشعر المغناطيسي لمافن زيادة في حدوث الأمواج الكهرومغناطيسية التي تولدها أيونات الهيدروجين، ما يشير إلى زيادة في كمية الهيدروجين الموجودة. ومن خلال دراسة هروب الهيدروجين بعدة طرق، سيكون فريق مافن قادراً على استنتاج العوامل التي تقود الهروب. 

يعرف العلماء مسبقاً أن مدار المريخ البيضوي يسبب اختلافاً في شدة أشعة الشمس التي تصل إلى المريخ بنسبة 40% خلال العام المريخي. وهناك أيضاً التأثير الموسمي الذي يتحكم بكمية بخار الماء الموجودة في الغلاف الجوي السفلي، وكذلك الاختلافات بكمية الماء الذي يخلق في الغلاف الجوي العلوي. وربما تكون دورة الـ11 عاماً للنشاط الشمسي هي عامل آخر متوقّع.

قال جون كلارك John Clarke، وهو عالم في جامعة بوسطن في فريق IUVS: "بالإضافة إلى ذلك، عندما يكون المريخ في أقرب نقطة إلى الشمس يصبح الغلاف الجوي مضطرباً، ما ينتج عواصف غبارية عالمية ونشاطات أخرى. وهذا يسمح للمياه بالارتفاع إلى مستويات عالية في الغلاف الجوي السفلي، وتوفير مصادر متقطعة من الهيدروجين الذي يستطيع الهرب بعد ذلك".

قدّم كلارك قياسات IUVS للهيدروجين والديتيريوم -أحد نظائر الهيدروجين الذي يحتوي على نيوترون وهو أثقل من الهيدروجين- في 19 تشرين الأول/أكتوبر في المؤتمر الكوكبي.

سيقدر العلماء على التمييز بين هذه التأثيرات بشكل أفضل عن طريق القيام بأرصاد للعام المريخي الثاني وخلال أجزاء مختلفة من الدورة الشمسية. وستستمر مافن بهذه الأرصاد على امتداد مهمتها، والتي أُقرّت حتى 2018 أيلول/سيبتمبر على الأقل.

قال رحمتي: "كشفت نتائج مافن ما يحدث في الغلاف الجوي العلوي للمريخ الآن، لكن مع مرور الوقت هذا النوع من الخسارة يساهم في التغيير العام للكوكب من البيئة الرطبة إلى الكوكب الجاف الذي نراه اليوم".

كتبته إليزابيث زبرتسكي Elizabeth Zubritsky.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات