حل غموض ظاهرة ستيف الظاهرة الشبيهة بالشفق القطبي

تتلألأ ظاهرة ستيف المهيبة الشبيهة بظاهرة الشفق، مع لمعان مجرة درب التبانة فوق بحيرة تشايلد، مانيتوبا في كندا. المصدر: Krista Trinder

يُساهم العمل الجديد في تدوين سبب نشوء الظاهرة وخصائصها، وهي ظاهرةٌ شبيهةٌ بالشفق القطبي aurora، وثّقها العلماء المواطنون، وتظهر على شريط عبر السماء، في غرب كندا.

تناولت ورقةٌ علميةٌ جديدةٌ نُشرت في 14 آذار/مارس، ظاهرةً غريبةً، لُقّبت باسم ستيف Steve، وهو تعبيرٌ خياليٌّ، متطابقٌ مع الاسم الذي قدّمه مراقبو الشفق (ستيف Steve اختصارٌ لجملة "تعزيز تسارع الانبعاث الحراري القوي Strong Thermal Emission Velocity Enhancement").

ووفقًا للعمل الجديد، يمنح الشريط الضوئي المميز باللونين الأرجواني والأخضر والذي يحدث عند خطوط العرض السفلى من الشفق القطبي، يمنحُ العلماء إطارًا معرفيًا عن طبيعة تفاعلات المجال المغناطيسي للأرض وطبقة الغلاف الجوي العلوي.

تصرح الباحثة في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا الفضائية، في ميريلاند، والباحثة الرئيسية للعمل الجديد، إليزابيث ماكدونالد Elizabith MacDonald، لموقع Space.com، بقولها: "إنه أمرٌ مثيرٌ أن تتجلى رؤية ظاهرة Steve، والتي تُصنّف كنوعٍ من الشفق، في المناطق الجنوبية الأكثر احتشادًا بالسكان. ترتبط ظاهرة ستيف بظاهرة الشفق القطبي في المفهوم العلمي، حيث تزودنا الظاهرة بإطارٍ مفاهيميٍّ يتناول طبيعة العمليات الديناميكية التي تخلق ظاهرة الشفق، والتي تخترق طبقة الغلاف المغناطيسي الداخلي، وهو جانبٌ معرفيٌّ جديدٌ للعلماء.

أدرك الباحثون ظاهرة ستيف لأول مرةٍ، عندما نشر هواة الأشفاق القطبية، في مجموعةٍ على موقع فيسبوك، تسمّي نفسها "نقاشات ألبرتا للشفق القطبي "، (ألبرتا هي مقاطعة تقع في غرب كندا)، صورًا لشرائطَ غريبةٍ ملونةٍ باللون الأرجواني والأخضر، موجهةٍ عموديًا نحو السماء. وقد قام العلماء بالتنسيق مع هواة الأشفاق القطبية في مجموعة "نقاشات ألبرتا للشفق القطبي"، لدمج تواريخ وأوقات ظهور الظاهرة، مع بيانات قمر سوارم التابع لوكالة الفضاء الأوروبية the European Space Agencys Swarm satelliates، التي تقيس بدقةٍ طبيعةَ التنوع للمجال المغناطيسي للأرض، لتحديد نوعية الظروف التي تسببت بنشوء الظاهرة.

تتشكل ظاهرة الشفق المعروفة، والتي يُشار إليها أيضًا باسم "الأضواء الشمالية والجنوبية"، عندما يقوم المجال المغناطيسي للأرض بتوجيه الجسيمات المشحونة المحيطة بكوكب الأرض والقادمة من الشمس، باتجاه طبقة الغلاف الجوي العلوي عند أقطاب الكوكب، وبالتالي تضرب الجسيمات الشمسية الجسيمات غير المشحونة في طبقة الغلاف الجوي العلوي، منتجةً أضواءً ملونةً مرئيةً في سماء الليل. لكن في الجانب الآخر، يبدو أنّ ظاهرة ستيف تنتهج طريقةً أخرى في أسلوب تشكلها.

تصرّح ماكدونالد بقولها: "يوجد حقلٌ كهربائيٌّ في تلك المناطق التي تشير نحو الاتجاه القطبي، كما يوجد مجالٌ مغناطيسيٌّ يشير نحو الاتجاه السفلي، ويخلق هذان المجالان معًا انجرافًا قويًا باتجاه الغرب. يؤدي التدفق في طبقة الغلاف الأيوني للأرض إلى سَحب الجسيمات الشمسية المشحونة باتجاه الغرب، حيث تضرب الجسيمات المحايدة المتواجدة في هذه المنطقة (الغرب)، وتقوم بتسخينها، منتجةً شرائطَ ضوئيةً متجهةً نحو الأعلى باتجاه الغرب".

ولأن ظاهرة ستيف تحدث خارج النطاق الجغرافي المألوف لظاهرة الشفق القطبي، لعب العلماء المواطنون دورًا قيّمًا في تفسير المفهوم العلمي لظاهرة ستيف، ووفقًا لقول ماكدونالد: "تقع ظاهرة ستيف في موقعٍ يصعب على الكاميرات العلمية المتخصصة الوصول إليها، وتظهر على أطوالٍ موجيةٍ مختلفةٍ عن الأطوال الموجية التي تظهر فيها ظاهرة الشفق القطبي، وقد لا تكون الكاميرات مهيأةً لتوثيقها، وبما أنّ تطور تكنولوجيا الكاميرات متاحٌ للعامة، فهذا يعني تنامي قيمة التسجيلات التي تساعد العلماء على رصد التحليل العلمي لظاهرة الشفق بشكلٍ عامٍ".

بالإضافة إلى ذلك، تُساهم المنصات الجماعية مثل "أوروراسوس" "Aurorasaurus"، التي أسستها ماكدونالد، في جمع الملاحظات، التي تساعد على التنبؤ والتحليل.

تصرّح ماكدونالد بقولها: "يمتلك العلماء الكثير من المعطيات العلمية حول الشفق القطبي، ولكن يفتقرون إلى تفسير بعض الجوانب المعرفية عنها-لذلك انتشرت دراسات علمية استكشافية تناولت ظاهرة الشفق، كما توجد ملاحظات علمية غير مثيرة للاهتمام يُصدرها المواطنون"، على الرغم من كونها ذات قيمة علمية، وتضيف ماكدونالد: " تساهم جلّ الملاحظات العلمية في تطوير بناء النماذج المتقدمة لتفسير ظاهرة الشفق، ويهدف هذا البناء إلى تزويد الهواة ومراقبي تأثيرات الطقس الفضائي والتيّارات المناخية في طبقة الغلاف الجوي العلوي على مجال الاتصالات، بطرقٍ متقدمةٍ لرصد الظاهرة".

وتوضح ماكدونالد قائلةً: "من الصعوبة بمكانٍ الحصول على إطارٍ تفسيريٍّ شاملٍ لظاهرة الشفق القطبي باستخدام الأقمار الصناعية الحالية، وذلك بسبب وجود احتمالين، إمّا بسبب عدم قدرة الأقمار الاصطناعية على مراقبة نصف الكرة الأرضية بأكمله، أو لعدم استطاعتها رصد كلِّ بقعةٍ على حدةٍ بصورةٍ كافيةٍ، إذ تدور مرّةً كل تسعين دقيقةً، لتتبع كيفية تطور الشفق على المدى الزمني القصير، ومع ذلك بمقدور الأفراد على الأرض تقديم ملاحظاتٍ علميةٍ أكثر دقةً".

تقول ماكدونالد: "نستطيع الحصول على مجموعةٍ كبيرةٍ من هواة مراقبي الشفق القطبي، الذين يحملون في جعبتهم الكثير من الملاحظات العلمية القيّمة. إنها ظاهرةٌ غير مخيفةٍ، ولا تدعو إلى إثارة الجلبة، إنها مجرّد ستيف".

نُشرت نتائج الدراسة مفصلةً، في يوم 14 آذار/مارس، في مجلة العلوم المتقدمة Science Advanced.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الإصدارية (Emission): هي كمية الضوء، أو بشكلٍ عام الإشعاع الكهرومغناطيسي، الناتجة عن ذرة ما أو جسم آخر. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات