هل من الممكن أن نعكس فقدان الذاكرة؟

استطاع العلماء بنجاح أن يعكسوا فقدان الذاكرة عند الفئران، وذلك بعد اكتشاف الآلية التي يكمن وراءها فقدان التواصل العصبي في الدماغ.


يبحث العلماء في هذه الدراسة في الآلية المؤدية لفقدان الاتصال في الدماغ عند البالغين، خاصةً الاتصال بين الخلايا العصبية في الحصين (وهي المنطقة من الدماغ التي تتحكم بالتعلم والذاكرة). ووجد العلماء أن البروتينات المدعوة بـ "بروتينات Wnt" تلعب دوراً هاماً في المحافظة على التواصل في الدماغ عند البالغين، وبالتالي من الممكن أن نستهدفها في العلاجات الجديدة التي تحمي عمل الدماغ وتُعيد وظيفته في الأمراض التنكسية العصبية.


يُعتبر انهيار الاتصال بين الخلايا العصبية سمةً مبكرةً لأمراض من مثل داء آلزهايمَر Alzheimer’s Disease، ويُعرَف بأنه المسبب لأعراض الاكتئاب مثل تراجع الذاكرة والتفكير، لكن العملية الحيوية الكامنة وراء ذلك غير مفهومة بشكلٍ جيد.


تتصل الخلايا العصبية ببعضها عند نقاط اتصال تُدعى بالمشابك، وإن التنكس البطيء لهذه الاتصالات هي نقطة مهمة للدراسة عند الباحثين الذين يبحثون عن طرق لإبطاء أو إيقاف داء آلزهايمَر.


تقول المؤلفة الرئيسية البروفيسورة باتريشيا ساليناس Patricia Salinas (بروفيسورة في علم الأحياء التطوري وعلم الأحياء الخلوي في كلية لندن الجامعية): "من المؤكد أن المشابك أساسية لكل شيء يقوم به دماغنا، وعند فقدان نقاط الاتصال هذه، فإن الخلايا العصبية ستفقد قدرتها على تبادل المعلومات مما سيقود إلى أعراض مثل مشاكل الذاكرة والتفكير.

 

يبدو أن "بروتين Wnt" يلعب دوراً مفتاحياً في تنظيم تكوين المشابك والمحافظة على وظيفتها، وقد وجدنا أدلةً قويةً على أن البروتين Wnt أساسي للذاكرة".


وتكمل: "يعتبر فهم دور بروتين Wnt في داء آلزهايمَر خطوةً مُقبلة مهمة، وهناك احتمالٌ بأن نتمكن من استهداف هذه السلسلة من الأحداث عبر الأدوية، سيكون إيجاد طرق لمنع أو عكس الانقطاع في التوصيل والتواصل بين الخلايا العصبية في داء آلزهايمَر خطوةً كبيرةً نحو الأمام".


هناك عدد متزايد من الأدلة على أن النقص في وظيفة البروتين Wnt يساهم في قطع التواصل في الدماغ في داء آلزهايمَر، ولذلك ينتج عنه فقدان بالذاكرة. درس الفريق تأثير بروتين يُدعى Dkk1 عُرِفَ بأنه يكبح نشاط البروتين Wnt، وهو موجود بمستويات عالية في سبل الدماغ وفي الذاكرة عند الأفراد المصابين بداء آلزهايمَر.

وجد الباحثون أن تفعيل البروتين Dkk1 عند الفئران البالغين يتسبب في مشاكل في الذاكرة وذلك بالتوافق مع وجود مشابك أقل بين الخلايا العصبية، مما ينتج عنه عرقلة للاتصال، ولكن عندما كبح الباحثون البروتين Dkk1 لم يبقَ عند الفئران أي مشاكل بالذاكرة، حيث ازداد عدد المشابك وعاد إلى المستويات الطبيعية وعادت سبل الدماغ إلى طبيعتها.  حقوق الصورة: UCL press release
وجد الباحثون أن تفعيل البروتين Dkk1 عند الفئران البالغين يتسبب في مشاكل في الذاكرة وذلك بالتوافق مع وجود مشابك أقل بين الخلايا العصبية، مما ينتج عنه عرقلة للاتصال، ولكن عندما كبح الباحثون البروتين Dkk1 لم يبقَ عند الفئران أي مشاكل بالذاكرة، حيث ازداد عدد المشابك وعاد إلى المستويات الطبيعية وعادت سبل الدماغ إلى طبيعتها.  حقوق الصورة: UCL press release


استخدم العلماء فئراناً مُعدَّلة وراثياً لأن الفئران المعدلة وراثياً تتيح للعلماء تفعيل البروتين Dkk1، معرقلين بذلك بروتينات Wnt وسلسلة التفاعلات التي يبدأها هذا البروتين. ولتجنب أي عرقلة للتطور الدماغي الطبيعي المدفوع ببروتينات Wnts وبروتينات Dkk1، انتظر العلماء بلوغ الفئران قبل أن يفعّلوا بروتين Dkk1 في منطقة من الدماغ مهمة في تكوين ذكريات جديدة.


وعندما تفعل البروتين Dkk1 في الفئران البالغة، وجد الباحثون مشاكل في الذاكرة عند هذه الفئران متزامنة مع وجود عدد أقل من المشابك بين الخلايا العصبية، مما دلّ على وجود تعطّل بالاتصال. ولكن عندما قام الباحثون بتعطيل البروتين Dkk1 انتهت مشاكل الذاكرة عند الفئران، حيث عاد عدد المشابك إلى الازدياد إلى القيم الطبيعية وعادت دارات الدماغ.


قال دكتور سيمون ريدلي Simon Ridley، وهو مدير البحث في مركز أبحاث داء آلزهايمَر في المملكة المتحدة: "لقد أضافت هذه الدراسة المزيد من الأدلة التي تدعم دور بروتينات Wnt والبروتينات المرتبطة بها في الاتصال بين الخلايا العصبية وفي الذاكرة، وبفهم الآليات التي تقود الخلايا العصبية السليمة، نستطيع أن نفهم ماذا يحدث عندما تتأذى هذه العمليات".


لقد وضع هذا البحث حجر الأساس لمزيدٍ من العمل مستقبلاً من أجل اكتشاف دور بروتينات Wnt في أمراض مثل داء آلزهايمَر، كما أن هذه العملية الحيوية هي هدف تم اكتشافه من قبل فريقٍ من الخبراء في مركز المملكة المتحدة لأبحاث داء آلزهايمَر التابع لاتحاد اكتشاف الدواء في المملكة المتحدة UK Drug Discovery Alliance.

 

يقوم الباحثون بخطوات ضخمة لفهم ما يحدث في الدماغ خلال مرحلة الصحة ومرحلة المرض، وعلينا أن نوفّر التمويل لهذه الاكتشافات بهدف إيجاد علاجاتٍ فعّالةٍ من الممكن أن تغيّر حياة العديد من الأفراد.


يجدر بالذكر أن هذه الدراسة تُموّل من قبل مؤسسة دعم بحوث داء آلزهايمر، ومؤسسة دعم بحوث داء باركنسون في المملكة المتحدة وصندوق وليكم ومركز البحوث الطبية وبرنامج الهيكل السابع في الاتحاد الأوروبي EU FP7.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات