نمذجة العلاقة التي تربط بين الآراء الشخصية واقتراحات الإنترنت

تمثيل لعلاقة التغذية الراجعة التي تربط بين المستخدم ونظام التوصية باستخدام المتغيرات الرياضية. حقوق الصورةتحأن: روزي، بولدرمان، وفراسكا Rossi, Polderman, and Frasca
 

أجرى الباحثون في جامعة توينتي University of Twente والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي والمعروف اختصاراً بـ CNRS مؤخراً دراسة كان الهدف منها الكشف عن العلاقة التي تربط بين الآراء الشخصية للأفراد والاقتراحات التي يتلقونها خلال تصفحهم للإنترنت. في هذه الدراسة، التي تم نشر النسخة الأولية منها على موقع أركايف arXiv، تم اقتراح نموذج لتمثيل هذه العلاقة، ومن ثم عمل تقييم لهذا النموذج عبر إجراء محاكاة شاملة وتحليل رياضي.


باولو فراسكا Paolo Frasca أحد الباحثين الذين أجروا هذه الدراسة يقول: "تصادفنا أنظمة الاقتراحات (التوصية) Recommender Systems في عملنا كل يوم، وذلك بمجرد أنْ نتّصل بالإنترنت، سواء من خلال تصفح مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك Facebook وتويتر Twitter أو من خلال التسوق عبر موقع أمازون Amazon. مهمة هذه الأنظمة هو تزويدنا بالمعلومات الأكثر توافقاً مع ميولنا".


بشكلٍ عام، يتم تصميم أنظمة التوصية بغرض عرض محتوى معين على الإنترنت يتطابق مع الاهتمامات الشخصية للمستخدمين الذين يتصفحون الموقع. ازدادت شعبية هذه الأنظمة في السنوات الأخيرة، وأصبحت الكثير من منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع تستخدمها من أجل تعزيز التواصل بينها وبين مستخدمي الموقع، أو بغرض الترويج للبضائع والخدمات.


الهدف الأساسي من الدراسة التي أجراها فراسكا وزملاءه هو الوصول الى فهم أفضل للتأثير المتبادل بين الآراء الشخصية للمستخدمين والاقتراحات التي تقدمها أنظمة التوصية. ولأنّ هؤلاء الباحثون يمتلكون خبرة في مجال الرياضيات، فقد تمكنوا من تطوير نموذجٍ ديناميكي يعبر عن العلاقة بين المستخدِم ومحتوى المادة المُقترحة.


يضيف فراسكا: "نظام التوصية الذي عملنا على بناءه هو نظام بسيط جداً، حيث أنه يمتلك اثنين فقط من العناصر التي يتم الاختيار بينها، كما أنه يستخدم معامل معياري منفرد أطلقنا عليه اسم إبسيلون epsilon. يحتفظ نظام التوصية بسجل عن عدد الأشياء التي أظهر المستخدم اهتماماً بها في السابق (من خلال النقر عليها). ففي كل مرة يقوم فيها النظام بتقديم توصية ما للمستخدم، فإنه يستخدم ما يشبه قطعة نقدية (متحيزة)، الصورة فيها تمثل احتمالية أبسيلون (بينما الكتابة فيها تمثل احتمالية 1- أبسيلون).في حال كانت نتيجة رمي العملة هي "صورة"، فإن النظام يوصي بأكثر المواد المسجلة لديه نجاحاً. أما إن كانت النتيجة هي "كتابة" فستكون عملية التوصية عشوائية بأكملها. تمكِّن العشوائية في هذه العملية الباحثين من اختيار إبسيلون لضمان أن النظام يوازن بشكل فعال بين التنوع والدقة في التوصيات التي يقدمها.


يمثّل النموذج الذي قدمه هؤلاء الباحثون العلاقة بين مستخدم واحد ومركز لتجمع الأخبار على الإنترنت، وذلك من أجل الكشف عن العلاقة بين التطور في آراء المستخدمين وبين الاقتراحات الشخصية. يفترضُ هذا النموذج أنّ المستخدم المعني يمتلك وجهة نظر محددة حيال مسألة معينة، تتميز بوجود موضع ثنائي، وبأن هذا الرأي من الممكن أن يتأثر بالأخبار الواردة عبر الإنترنت. يُفترض عادةً أنّ المستخدم لديه ما يسمى بـ "تحيز التأكيد"، بمعنى أنه سيكون لديه تفضيل للمحتوى الذي يتطابق مع رأيه تجاه قضية معينة.


يفترض الباحثون أيضاً أنّ الهدف من أنظمة التوصية هو زيادة عدد نقرات المستخدم الى الحد الأقصى، ومن أجل تحقيق ذلك فإنّ عليه عمل موازنة بين استكشاف تفضيلات المستخدم وبين استغلالها. أظهرت المحاكاة العددية واسعة النطاق والتحليل الرياضي لهذا النموذج بأن كلاً من المحتوى الشخصي وتأكيد الانحياز كان لهما الأثر على تطور آراء المستخدمين الى المدى الذي يجعل هذا التأثير على صلة بمدى فاعلية نظام التوصية.


وفي هذا السياق يضيف فراسكا: "قمنا ببيان سلوكيات المستخدم وعلاقتها بالتحديثات التي يطلقها نظام التوصية بالشكل الذي يؤدي الى حصول تغيير في سلوك المستخدم. وفي الوقت ذاته، يوفر المعامل المعياري إبسيلون وسيلة لضبط مقدار العشوائية، وربما تخفيف التأثير الحاصل على رأي المستخدم".


يوفر البحث الذي قام به فراسكا وزملاءه رؤية مثيرة عن العلاقة التي تربط بين آراء المستخدمين والتوصيات الشخصية التي يحصلون عليها أثناء تصفحهم للإنترنت. مع هذا، فلا تزال تلك الرؤية بحاجة الى مزيد من التحقق قبل ترجمتها الى سلوكيات يلتزم بها نظام التوصية. ويعمل الباحثون الآن على تحسين هذا النموذج بما يضمن أنه يعطي تصورات أفضل عن الحياة الواقعية.


يضيف فراسكا: "يتعلق نموذجنا بمستخدم واحد واثنين من الأشياء المحتملة. ولكن من الواضح أنه في الحقيقة يوجد العديد من الأشخاص والعديد من الأشياء المحتملة. لذلك، فنحن نعمل على توسيع هذا النموذج ليشمل الشبكة الاجتماعية التي تربط بين المستخدمين وعدد من الموضوعات. بمعنى أنّ عملنا الحالي يعد نقطة انطلاق نحو نموذج أكثر عمومية، حيث سيكون هذا هو هدفنا القادم".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات