يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
المتفرد المجرد قد يتهرب من المستشعرات الكونية

شكل تجريدي داخل الثقب الأسود، والانحناء الشديد للفضاء (المبين في الصورة) يعني أن القواعد القياسية للفيزياء لا تنطبق عليه. ويُعتقد أن مثل هذه المناطق، التي يطلق عليها "المتفرد"، تكتنفها آفاق الأحداث، ولكن العلماء أظهروا أن المتفرد يمكن رصده في ظروف معينة في زمكان (spacetime) منحنٍ افتراضي.

 

قد تظهر متفردات الزمكان غيرَ مخفية في الأكوان المنحنية على نحو غريب.

 


قد تكون بعض الأمور المُعَيَّنَة التي تثير الفضول في الزمكان غير مخفية تماماً كما كنا نعتقد، ومن المحتمل أن تَظهر للمراقبين في بعض الأكوان المنحنية.

هذه الغرائب، والمعروفة باسم المتفردات (singularities)، هي نقاطٌ في الفضاء تنهار عندها القوانين القياسية للفيزياء. توجد المتفردات في مراكز الثقوب السوداء، ومن المتوقع عموماً أن تكون خَفيَّةً عن النظر، حيث تحمي بذلك الكونَ من خصائصها ذات الإشكالية. أما الآن، فقد أعلن العلماء في عدد الخامس من أيَار/مايو من مجلة (physical review letters) بأنه من الممكن الكشف عن المتفرد في كونٍ افتراضي له شكل السرج.

وجد العلماء في السابق أن المتفرد لا يمكن احتواؤه في أكوان افتراضية تزيد أبعادها المكانية عن ثلاثة. والنتيجة الجديدة، هي المرة الأولى التي تَظهر فيها إمكانية وجود هذا المتفرد "المجرد" في كونٍ ثلاثي الأبعاد.


يقول الفيزيائي غاري هورويتز Gary Horowitz من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا: "هذا أمر بالغ الأهمية". وقد أجرى هورويتز، الذي لم يكن طرفاً في الدراسة الجديدة، أبحاثاً سابقة تشير إلى أن المتفرد المجرد قد يَظهر على الأرجح في مثل هذه الأكوان التي على شكل سرج.

في نظرية النسبية العامة (نظرية آينشتاين للجاذبية) يمكن أن يكون الزمكان نفسه منحنياً (سن: 10/17/15، ص 16). حيث تتسبب الأجسام الضخمة من مثل النجوم في انحناء نسيج الفضاء، ما يجعل الكواكب تدور حولَها (حول النجوم).


يَنتج المتفرد عندما يكون الانفتال شديداً لدرجة تصبح فيها معادلات النسبية العامة غير منطقية، أي كما يحدث في وسط الثقب الأسود. ولكن المتفردات في الثقوب السوداء مخفيةٌ بأفق الحدث (event horizon)، وهو منطقة حول المتفرد لا يمكن للضوء الهروب منها.


يقترح حدس الرقابة (cosmic censorship conjecture)، الذي طرحه عالم الرياضيات والفيزيائي رودجر بينروز Roger Penrose عام 1969، أن جميع المتفردات ستكون مخفية بالمثل.

وفقاً للنسبية العامة، يمكن للأكوان الافتراضية أن تأخذ أشكالاً مختلفة. إن الكونَ المعروفَ مسطحٌ تقريباً على المقاييس الكبيرة، وهذا يعني أن قواعد الهندسة المدرسية القياسية تنطبق، وأن الضوء يسافر في خط مستقيم.


ولكن في الأكوان المنحنية، تصبح تلك القواعد غير صحيحة. ولإثبات انتهاك الرقابة الكونية، بدأ الباحثون باستخدام الهندسة المنحنية، التي تعرف باسم الفضاء المضاد لفضاء دو-سيتر (anti-de Sitter space)، الملتوي بحيث يعود شعاع الضوءِ المرسلِ إلى الفضاء في نهاية المطاف إلى المكان الذي صدر منه. وشوه الباحثون حدود هذا الزمكان المنحني، ولاحظوا تَشَكُّلَ منطقةٍ في المكان الذي ازداد فيه الانحناء مع مرور الوقت إلى قيم كبيرة اعتباطياً؛ ما أنتج المتفرد المجرد.

يقول الفيزيائي خورخي سانتوس Jorge Santos من جامعة كامبريدج، وهو مؤلف مشارك في الدراسة: "لقد فوجئت جداً، اعتقدت دائماً أن الجاذبية سوف تجد بشكل أو بآخر طريقة للحفاظ على الرقابة الكونية".


وقد أظهر العلماء في السابق أن الرقابة الكونية يمكن أن تُنتهك إذا تم ترتيب شروط الكون على وجه التحديد للتآمر لإنتاج المتفرد المجرد. ولكن النتيجة الجديدة للباحثين أكثرُ عمومية. تقول روث غريغوري Ruth Gregory من جامعة دورهام في إنكلترا: "لا يوجد شيء مضبوط بدقة أو غير طبيعي حول نقطة انطلاقها، وهذا مثير للاهتمام حقاً".


ولكن يعقب هورويتز بأن هناك تحذير للانتباه؛ لأن الانتهاك يحدث في كون منحنٍ، وليس في كونٍ مستوٍ، والنتيجة "ليست مقاربة مقنعة تماماً للفكرة الأصلية حتى الآن". على الرغم من اعتمادها على الكون المنحني، فإن للنتيجة تطبيقات واسعة؛ وذلك لأنه يُعتَقَد بأن الجاذبية، في الفضاء المضاد لفضاء دو-سيتر لها ارتباطات مع نظريات أخرى.


ويبدو أن فيزياء الجاذبية، في الفضاء المضاد لفضاء دو-سيتر، موازية لبعض أنواع نظريات فيزياء الجسيمات، والموضوعة في أبعاد أقل. لذا من الممكن أن انتهاك الرقابة الكونية في هذا المجال له عواقب على الأفكار التي قد يبدو أنها غير مرتبطة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • أفق الحدث (Event horizon): هي بعدٌ معين عن الثقب الأسود لا يمكن لأي شيء يقطعه الإفلات من الثقب الأسود. بالإضافة إلى ذلك، لا يُمكن لأي شيء أن يمنع جسيم ما من صدم المتفرد الذي يتواجد لفترة قصيرة جداً من الزمن بعد دخول الجسيم عبر الأفق. ووفقاً لهذا المبدأ، فأفق الحدث عبارة عن "نقطة اللاعودة". انظر نصف قطر شفارتزشيلد. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات