ناسا تكتشف نمطاً جديداً لذوبان الجليد في غرينلاند

نهر رينك الجليدي Rink Glacier بغرب غرينلاند مع بحيرة من المياه الذائبة ظاهرة في الوسط. المصدر: NASA/OIB
 

هذه النبضة الطويلة من فقدان الكتلة الذائبة تسمى الموجة المنعزلة solitary wave، وهي اكتشاف جديد يحتمل أن يزيد إمكانية الذوبان المستمر للجليد في غرينلاند باستمرار ارتفاع حرارة المناخ، وهذا يشير إلى ارتفاع منسوب مياه البحر في المستقبل.


الدراسة التي أجراها ثلاثة علماء من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا كاليفورنيا NASA's Jet Propulsion Laboratory هي الأولى التي تتبعت بدقة الكتلة المفقودة من النهر الجليدي بذوبان الثلج عن طريق استخدام الحركة الأفقية لمستشعر نظام تحديد المواقع العالمي GPS sensor. استخدموا بيانات من مستشعرٍ واحدٍ على شبكة ملاحة غرينلاند (Greenland GPS Network (GNET متمركزٍ على قاعدة صخرة بجانب نهر رينك الجليدي.

نُشرت ورقة بحثية عن الدراسة على موقع مجلة Geophysical Research Letters على الإنترنت.

نهر رينك الجليدي هو أحد منافذ غرينلاند الرئيسية على المحيط، ويفرغ حوالي 11 مليار طن (11 غيغا طن) من الثلج كل عام في مطلع الألفية الحالية ما يقارب 30.000 ضعف وزن بناية إمباير ستيت. في صيف عام 2012 الذي كان شديد الحرارة، فقد النهر المتجمد كتلة إضافية تساوي 6.7 غيغا طن على هيئة موجة منعزلة، ولا يمكن لعمليات الذوبان المسجلة سابقاً تفسير فقدان كل هذه الكتلة.

تحركت الموجة عبر النهر الجليدي المنساب من شهر حزيران/يونيو إلى شهر أيلول/سبتمبر بسرعة تصل إلى 2.5 ميل (4 كيلومتر) لكل شهر خلال الأشهر الثلاثة الأولى، ثم زادت السرعة لتصل إلى 7.5 ميل (12 كيلومتراً) في أيلول/سبتمبر. وبلغت كمية الكتلة المتحركة 1.7 غيغا طن زائد أو ناقص نصف غيغا طن لكل شهر. يتدفق نهر رينك بسرعة ميل أو اثنين (عدة كيلومترات) كل عام.

لم يكن بالإمكان رصد هذه الموجة بالطرق المستخدمة عادةً لمراقبة فقدان الجليد في غرينلاند مثل قياس درجة ترقق الكتل الجليدية باستخدام رادار جوي. ويقول إيريك لارور Erik Larour العالم بمختبر الدفع النفاث وأحد المؤلفين المشاركين في الورقة البحثية التي نُشِرت عن الدراسة: "يمكنك حرفياً أن تكون واقفاً هناك ولا ترى أي دليل على حدوث الموجة. لن ترى أي شقوق او أي سمة سطحية مميزة".

وكان الباحثون قد رأوا نمطاً مماثلاً للموجة في بيانات لنظام تحديد المواقع العالمي GPS لعام 2010، ثاني أشد فصول الصيف المسجلة حرارةً في غرينلاند. وبرغم أنهم لم يحددوا بالضبط حجم وسرعة الموجة في 2010، إلا أن أنماط الحركة في بيانات نظام تحديد المواقع أشارت إلى أنها لابد من أن تكون أصغر من موجة 2012 ولكنها تماثلها في السرعة.
 

يُظهر الرسم المتحرك الموجة المنعزلة تعبر خلال نهر رينك الجليدي في غرينلاند عام 2012، والتي سُجلت بواسطة حركة محطة لتحديد المواقع. الألوان الداكنة ضمن تدفق التيار تشير للكتلة المفقودة، واللون الأحمر يشير للكتلة المكتسبة، والنجمة تشير لمركز الموجة. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
يُظهر الرسم المتحرك الموجة المنعزلة تعبر خلال نهر رينك الجليدي في غرينلاند عام 2012، والتي سُجلت بواسطة حركة محطة لتحديد المواقع. الألوان الداكنة ضمن تدفق التيار تشير للكتلة المفقودة، واللون الأحمر يشير للكتلة المكتسبة، والنجمة تشير لمركز الموجة. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech


وقالت سوريندرا أدهيكاري Surendra Adhikari العالمة بمختبر الدفع النفاث والتي قادت هذه الدراسة: "إننا متأكدون من أن الآلية المحفزة هي ذوبان سطح الجليد، لكننا لم نفهم بشكل كامل الترتيب المعقد من المراحل التي تؤدي إلى تولد الموجة المعزلة".

أثناء فصلَي الصيف اللذين حدثت فيهما الموجة المنعزلة، تسببت تراكمات الثلج السطحية في الحوض الضخم الداخلي لغرينلاند خلف نهر رينك في حجز مياه أكثر من أي وقت مضى. في 2012 أكثر من 95% من الثلوج السطحية والجليد كانت قد ذابت. 

يمكن أن تخلق المياه الذائبة بحيرات وأنهار مؤقتة تتفرغ بسرعة عبر الجليد لتتدفق إلى المحيط، ووضح إيريك إيفينز Erik Ivins من مختبر الدفع النفاث وأحد المؤلفين المشاركين قائلاً: "كان على المياه أعلى النهر على الأرجح أن تنحت قنوات جديدة للتفريغ. كانت على الأرجح لتكون بطيئة الحركة وضعيفة". ولكن عندما شكلت المياه ممرات إلى قاعدة النهر الجليدي تكونت موجة الفقد الثلجي العملاق.

يفترض العلماء أن مراحل العمليات المعروفة سابقاً تجتمع معاً لتجعل الكتلة الجليدية تتحرك بسرعة كبيرة، أما حجم الماء الضخم فيجعل قاعدة النهر المتجمد تنزلق مما يعطيها الفرصة لتتحرك أسرع، كما تقلل من حدة الجوانب عندما تقابل الكتل الجليدية المتدفقة صخوراً أو جليداً.

تسمح هذه التغيرات للجليد بالانزلاق مع التيار بسرعة كبيرة بحيث لا يمكن لشيء أن يحتويه، وقد اكتسب النهر كتلة إضافية في الفترة من تشرين الأول/أكتوبر وحتى كانون الثاني/يناير حيث استمر الثلج بالتحرك لأسفل ليحل محل الكتلة المفقودة (التي فقدتها على هيئة الموجة المنعزلة).

وتقول أدهيكاري: "هذا النقل المنتظم للثلج في الخريف وحتى منتصف الشتاء لم يجري التعرف عليه من قبل. وأضاف إيفينز: "الذوبان الضخم كالذي شهدناه في 2010 و 2012 هو ذوبان غير مسبوق، ولكنه يمثل نوع السلوك الذي يمكن أن نتوقعه في المستقبل في ظل مناخ دافئ، نحن نشهد نظاماً متطوراً".

وقد زُوِّد ساحل غرينلاند بأكثر من 50 محطة ملاحية لتحديد المواقع مركبة على الصخور لتتتبع التغيرات التي تحدث تحت سطح الأرض. ورُكِّبت هذه الشبكة الملاحية بجهد مشترك من مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية the U.S. National Science Foundation وشركاء دوليين في الدنمارك ولوكسمبورغ. يستخدم الباحثون الحركة العمودية لهذه المحطات لمراقبة كيف تتحرر الصفيحة التكتونية لأمريكا الشمالية من غطائها الجليدي من العصر الجليدي الأخير.

وكان كل من أدهيكاري وإيفينز ولارور أول من اكتشف وبشكل كمّي فكرةَ أنه تحت الظروف المناسبة يمكن للحركة الأفقية أن تكشف تغير كتلة الجليد أيضاً. وقالت أدهيكاري: "ما يجعل عملنا مثيراً أننا نتعرف بشكل أساسي على تقنية مراقبة جديدة وفعالة لمراقبة عمليات ذوبان الجليد على مدى موسمي أو فترات زمنية أقصر. طرق المراقبة الحالية عن طريق الأقمار الصناعية لا توفر الوضوح الكافي لفعل ذلك".

لا تتبع المحطات الملاحية لتحديد المواقع حالياً لأي وكالة أو هيئة. رصد علماء مختبر ناسا للدفع النفاث أولاً السلوك غير المعتاد لنهر رينك الجليدي بينما هم يفحصون ما إذا كان هناك أسباب علمية للإبقاء على عمل المحطات الملاحية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات