ذوبان غرينلاند، وتأثيره على مستوى سطح البحر

تذوب غرينلاند، ويوحي نموذج جديد بأننا قللنا كثيرًا من تأثيرها


تعد غرينلاند أكبر جزيرة في العالم، وتقع عليها أكبر كتلة جليدية في نصف الكرة الشمالي. سيرتفع البحر أكثر من سبعة أمتار إذا ذاب كل هذا الجليد!

لكن هذا لن يحدث، أليس كذلك؟ حسنًا، ليس في وقت قريب، ولكن فَهم مقدار ذوبان الغطاء الجليدي خلال القرن المقبل هو سؤالٌ حاسمٌ وملحٌّ يحاول العلماء معالجته باستخدام نماذج عددية معقدة لكيفية تفاعل الغطاء الجليدي مع بقية النظام المناخي.

تكمن المشكلة في أن النماذج ليست جيدةً في إعادة إنتاج الملاحظات الحديثة، ومحدودةٌ بمعرفتنا الضعيفة بالتضاريس التفصيلية للتضاريس والمضايق تحت الجليدية والتي يتدفق الجليد فيها.

تتمثل إحدى طرائق حل هذه المشكلة في معرفة كيفية استجابة الغطاء الجليدي لتغيرات المناخ في الماضي، ومقارنتها مع توقعات النماذج المستقبلية للتغيرات المماثلة في درجة الحرارة. هذا ما فعلته أنا وزملائي بالضبط في دراسة جديدة نُشرت الآن في مجلة Nature Communications.

نظرنا إلى أكبر ثلاثة أنهارٍ جليديةٍ في غرينلاند، واستخدمنا الصور الجوية التاريخية جنبًا إلى جنبٍ مع القياسات التي أخذها العلماء مباشرةً على مَرِّ السنين لإعادة بناء كيفية تغيُّر حجم هذه الأنهار الجليدية خلال الفترة (1880-2012).

تأسس هذا النهج على فكرة إمكانية إعلام المستقبل بالماضي، ليس فقط في العلم، ولكن في جميع جوانب الحياة.

تمامًا مثل فئات التاريخ الأخرى؛ لن يكون المناخ ونظام الأرض في المستقبل نسخةً كربونيةً من الماضي. ومع ذلك، إذا اكتشفنا مدى حساسية الغطاء الجليديِّ للتغيُّرات في درجات الحرارة طوال القرن الماضي، فيمكن أن يوفِّرَ ذلك دليلًا مفيدًا على كيفية استجابته خلال القرن المقبل.

وجدنا أن أكبر ثلاثةِ أنهارٍ جليديةٍ كانت مسؤولةً عن 8.1 ملم من ارتفاع مستوى سطح البحر، أي نحو 15% من مساهمة الغطاء الجليدي كله.

خلال فترة دراستنا ارتفع البحر على مستوى العالم بنحو 20 سم أي بارتفاع كتيب A5 تقريبًا، ويعود الفضل في ذوبان الجليد من تلك الأنهار الجليدية الثلاثة في غرينلاند إلى نحو عرض إصبع.


الذوبان كالعادة


إذن بماذا يخبرنا ذلك عن السلوك المستقبلي للغطاء الجليدي؟

نظرت دراسة نمذجة أجراها فايزه نيك (Faezeh Nick) وزملاؤه عام 2013 في نفس الأنهار الجليدية الثلاثة الكبار (Jakobshavn Isbrae) في غرب الجزيرة و(Helheim ) و(Kangerlussuaq) في الشرق، وتوقعوا كيف ستستجيب في سيناريوهاتٍ مناخيَّةٍ مستقبليَّةٍ مختلفة.

يُطلق على أكثر هذه السيناريوهات تطرفًا اسم RCP8.5، ويفترض أن النمو الاقتصادي سيستمر بلا هوادة خلال القرن الحادي والعشرين، مما يؤدي إلى ارتفاع متوسط ​​درجات الحرارة العالمية بنحو 3.7 درجة مئوية فوق درجات الحرارة الحالية، أي ما يقترب من 4.8 درجة مئوية فوق ما قبل الصناعة أو منذ 1850.

أُشيرَ إلى هذا السيناريو -أحيانًا- باسم العمل المعتاد (BAU)، ويوجد نقاش نشط بين باحثي المناخ حول مدى معقولية RCP8.5. ومن المثير للاهتمام ملاحظة أنه وفقًا لدراسة حديثة من مجموعة من العلماء الأمريكيين قد يكون السيناريو الأكثر ملاءمةً حتى عام 2050 على الأقل.

من المرجح أن ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بأكثر من ضعف المتوسط العالمي ​​بسبب ما يسمى التضخيم القطبي، إذ تشير نماذج المناخ إلى ارتفاع درجة الحرارة بنحو 8.3 درجة مئوية فوق غرينلاند في السيناريو الأكثر تطرفًا RCP8.5.

على الرغم من هذا الارتفاع الدراماتيكي والمخيف في درجة الحرارة توقعت دراسة النمذجة التي أجراها فايز (Faezeh) أن الثلاثة الكبار ستساهم في (9-15ملم) من ارتفاع مستوى سطح البحر بحلول عام 2100، أي أكثر بقليل مما حصلنا عليه من ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية خلال القرن العشرين.

كيف يمكن أن يكون؟

استنتاجنا هو أن النماذج خاطئة حتى بما في ذلك أحدثها وأكثرها تطوُّرًا، والتي تُستخدَم لتقييم كيفية استجابة الغطاء الجليدي كله للقرن القادم من تغير المناخ.

يبدو أن هذه النماذج لها صلة ضعيفة نسبيًا بين تغير المناخ وذوبان الجليد عندما تشير نتائجنا إلى أنها أقوى بكثير.

لذلك من المرجح ألا تتنبأ الإسقاطات القائمة على هذه النماذج بمدى تأثر الغطاء الجليدي. وتدعم هذا الاستنتاجَ خطوطٌ أخرى من الأدلة.

ماذا يعني كل ذلك؟ إذا استمررنا على طول مسار RCP8.5 المخيف للغاية لزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فمن المرجح جدًّا أن يبدأ الغطاء الجليدي في غرينلاند في الذوبان بمعدلاتٍ لم نشهدها منذ 130 ألف عام على الأقل، مع عواقب وخيمة على مستوى سطح البحر و ملايين الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الساحلية المنخفضة!

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات