بيانات أكثر دقة لمسار الكسوف في 2017

خريطة الولايات المتحدة الأميركية مظهرةً مسار الكلية للكسوف الشمسي الكلي في 21 آب/أغسطس 2017.


حقوق الصورة NASA/Goddard/SVS/Ernie Wright 


يوم الاثنين، بتاريخ 21 آب/أغسطس 2017، سيترقب الملايين في الولايات المتحدة الكسوف الشمسيّ الكلّي، حيث سيجول ظلّ القمر حول الولايات المتّحدة، امتداداً من ولاية أوريغون إلى كارولينا الجنوبية. يشير مسار هذا الظل، والذي يعرف أيضاً باسم مسار الكليّة path of totality ، إلى المكان الذي سيرى فيه المراقبون القمر يحجب الشمس تماماً، وبفضل بيانات ارتفاع القمر القادمة من مستكشف القمر المداري LRO التابع لناسا، مصحوباً ببيانات طبغرافية للأرض، نمتلك الآن خرائط دقيقةً لمسار الكليّة لأيّ كسوفٍ حتى الآن.



من خلال جمع العديد من أجهزة استقبال البيانات التابعة لناسا، أنشأ المصمّم إيرني رايت Ernie Wright عرضاً أوضح وأدقّ للكسوف.



بداية صنع الخرائط


لطالما استُخدمت خرائط الكسوف لوضع مخطط بتوقّعات مسار ظلّ القمر وهو يعبر سطح الأرض. وكان فريدريش فيلهيلم بيسل Friedrich Wilhelm Bessel وويليام تشاوفينيت William Chauvene، عالما فلك ورياضيّات رائدان في مجالهما في القرن التاسع عشر، وكانا أول من قام بوضع الرياضيات المستخدمة حتى الآن لصنع خرائط الكسوف، قبل مدة طويلة من وجود الحواسيب والبيانات الفلكية الدقيقة التي جمعت خلال عصر الفضاء.


تفترض حسابات الكسوف تقليدياً أن جميع المراقبين على مستوى سطح البحر، وأن القمر هو جسم كرويٌّ أملس متناسقٌ تماماً حول مركز كتلته، ولكن هذه الحسابات لا تأخذ بعين الاعتبار الارتفاعات المختلفة الموجودة على سطح الأرض والفوهات البركانية غير المستوية على سطح القمر.

من أجل الحصول على خرائط أكثر دقة، يستخدم الناس جداول الارتفاعات والتخطيط البياني لأطراف سطح القمر، والتي تشمل حافة سطح القمر التي يمكن رؤيتها من الأرض. لوقت قريب، استخدم علماء الفلك صوراً لأطراف سطح القمر نشرها العالم الفلكي تشيستر واتس Chester Burleigh Watts عام 1963.

 

وذلك لتكوين خريطة كسوف للمسار الكلّي للقمر. من أجل الحصول على هذه الصور، صمّم وانس آلة أعطت 700 صورة مغطية سطح القمر الظاهر للأرض من كافة الزوايا. ولكن على العموم، كسبت حسابات الكسوف دقة أكبر بالاعتماد على البيانات الطبوغرافية التي جمعها مستكشف القمر المداري التابع لناسا LRO.

نظرةٌ جديدةٌ لظاهرة قديمة


باستخدام خرائط الارتفاع التي يعطيها مستكشف القمر المداري، استطاع المصمّم إرني رايت Ernie Wright من مركز غودارد لرحلات الفضاء في غرينبيلت، ميريلاند أن يخلق صورةً لطرف القمر المتغير بشكل مستمر وذلك عند مرور ظله فوق الولايات المتحدة في الموعد المرتقب.


تؤثر الجبال والوديان الموجودة على سطح قرص القمر على التوقيت والمدة الكليّة بعدة ثوانٍ، كما استخدم رايت عدة مستقبلات بيانات تابعة لناسا من أجل الحصول على خرائط المرتفعات على الأرض بحيث تكون مواقع رصد الكسوف محدّدة بمواضعها الصحيحة، وتظهر التخيلات الناتجة شيئاً لم نره من قبل، وهو ظل القمر بشكله الحقيقي المتغير مع الوقت، بتأثير كلٍ من طرف القمر وتضاريس الأرض.

يقول رايت: "لم يكن باستطاعتنا الحصول على مثل هذه التخيلات قبل عشر سنواتٍ مضت، ولكن نتيجةً لإمكانيات الحوسبة المذهلة، وقواعد البيانات الجديدة المأخوذة من أجهزة مثل مستكشف القمر المداري والمهمة الطبوغرافية الرادارية Shuttle Radar Topography Mission."


يعد الظل القمري جزءً من ظلال القمر عندما يحجب القمرُ الشمسَ تماماً، ووفقاً لخريطة الكسوف، يدلك هذا الأمر على المكان الذي يجب أن تقف فيه حتى تلحظ الكسوف الكلّي. لقرونٍ مضت، وصفت خرائط الكسوف وصوّرت شكل ظل القمر، أو المواضع الداكنة من ظلاله، بشكل قطعٍ ناقص أملس. كما وضحت التصورات الجديدة، فإن شكل الظل القمريّ يتغير تبعاً لتضاريس القمر القاسية، والارتفاعات الموجودة على سطح الأرض والتي توجد عليها المراقب.


كما أضاف رايت: "لقد عرفنا تأثير التضاريس القمرية وارتفاعات المراقبين على الأرض في وقت سابق، ولكن هذه المرة الأولى التي نراها بهذا الشكل، وأعتقد أنها ستغير الشكل الذي يرى الناس به خرائط الكسوف."

توضح هذه الخريطة صورة لظل القمر عند عبوره فوق الولايات المتحدة في 21 آب/أغسطس 2017 خلال الكسوف الكلي الشمسيّ.  حقوق الصورة: NASA/Goddard/SVS/Ernie Wright
توضح هذه الخريطة صورة لظل القمر عند عبوره فوق الولايات المتحدة في 21 آب/أغسطس 2017 خلال الكسوف الكلي الشمسيّ. حقوق الصورة: NASA/Goddard/SVS/Ernie Wright


يبدو الشكل الحقيقي لهذا الظل في الواقع كمضلع مختلف الأضلاع مع حوافّ معرجة قليلاً، وتتناسب كل حافة مع منخفض موجود على سطح القمر، وستكون البقعة الأخيرة على طرف سطح القمر التي تسمح لضوء الشمس بالمرور، عندما تمر هذه الحواف فوق سلاسل الجبال ستتأثر بالقمم والمنخفضات الموجودة، وسيعبر الظل القمري فوق جبال كاسكيد وجبال الروكي وجبال الأبالاش، وذلك خلال كسوف 2017.


يقول نواه بيترو Noah Petro، عالم ومساعد في مشروع مستكشف القمر المداري: "يوفر الكسوف الشمسي والقمري فرصة ممتازةً لنا للحديث عن القمر، وذلك تبعاً لأن وجود القمر سبب أساسيّ في حدوث الكسوفات، ولأننّا نعلم جيداً شكل القمر أكثر من شكل أي جسم كوكبيّ آخر، وبفضل مستكشف LRO، يمكننا الآن أن نحصل على تهيؤٍ لشكل الظل على سطح الأرض، وبهذا نجد أن البيانات التي يوفرها هذا المستكشف تلقي الضوء على التخيلات القادمة للكسوفات التي ستحصل لاحقاً."


الكسوف الشمسي الكلي الذي سيحصل في 21 آب/أغسطس عام 2017، سيجتاز الولايات المتحدة بداية من ولاية أوريغون وصولاً إلى كارولينا الجنوبية، والمرة الأخيرة التي حصل فيها كسوف شمسي كلي في الولايات المتحدة كانت في عام 1918م، عندما دخل مسار الكلية إلى الزاوية الجنوبية الغربية من ولاية واشنطن وعبر دينفر وكولورادو وجاكسون وميسيسبي وأورلاندو وفلوريدا وذلك بانتهائه وخروجه من البلاد على شاطئ الأطلنطي في ولاية فلوريدا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات