اكتشفت أكبر دراسة على الإطلاق لتجديد الغابات الاستوائية أن الغابات المطيرة حديثة النمو تستطيع احتجاز 11 ضعفاً من الكمية السنوية التي تحتجزها الغابات المُعمّرة من غاز الكربون المتواجد في الغلاف الجوي.
تنمو الغابات الفتية – التي تُسمى أيضاً بالغابات الثانوية لتفريقها عن الغابات المعمرة (الغابات الأولية)– بسرعة لتزيد من مقدار تعرّضها لأشعة الشمس ممّا يمكنها من استغلال كميات كبيرة من غاز الكربون لدعم عملية التمثيل الضوئي. وبحسب فريق عالمي من العلماء، فإن هذا التجديد السريع الذي شمل نصف مساحة الغابات المشمولة في الدراسة بلغ مستوى 90% من نمو الغابات المعمرة خلال 66 سنة.
صرح ديزي دينت Daisy Dent من معهد سميثزونيان لأبحاث الغابات الاستوائية ( Smithsonian Tropical Research Institute STRI) في بنما، وجامعة ستيرلينغ University of Stirling في بريطانيا: "تجديد الغابات الثانوية من الممكن أن يلعب دوراً حاسماً في احتجاز غاز الكربون والتقليل من تغيرات المناخ. لقد ركزت الدراسات السابقة على مواقع مفردة، أما هذه الدراسة فتجمع بيانات من مواقع متعددة تمتد لتشمل المناطق شبه الاستوائية، ونحن نبين من خلالها أن الغابات الثانوية ذات إنتاجية ومرونة عاليتَين".
درس العلماء أعداداً ضخمة من الغابات الثانوية ليصلوا إلى اكتشافهم هذا، وتشمل ثمانية بلدان، 45 موقعاً، 1478 قطعة دراسية، وأكثر من 168 ألف شجرة. وقاموا بتقييم الغابات المطرية في النطاق الكامل لخطوط العرض الاستوائية، بين خطي عرض 20 درجة شمالاً في المكسيك وخط عرض 22 درجة جنوباً في البرازيل.
يشير هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة الطبيعة Nature، إلى أن الغابات المجددة بعد عشرين سنة من التعافي تستطيع بالمعدل أن تمتص 11 ضعف الكمية الصافية من غاز الكربون التي تمتصها غابات الأمازون المعمرة، وضعف الكمية التي تمتصها مواقع غابات الأمازون المخصصة للاحتطاب.
كتبت سوزانا ليتشر Susan Letcher في المحادثة، وهي من كلية المشتريات في جامعة الولاية Purchase College State University في نيويورك، وإحدى أعضاء فريق الدراسة: "وفقاً لهذا التحليل، تمتلك الغابات الثانوية الاستوائية إمكانيات هائلة في إزالة غاز الكربون من الغلاف الجوي. إن معدل تعويض الكتلة الحيوية يختلف بشكل واسع بين المناطق، بحيث نجد أسرع نمو في المناطق ذات الهطولات المطرية العالية. متوسط الفترة الزمنية اللازمة للغابة لتصل إلى مستوى 90% من الكتلة الحيوية للغابات المعمرة يبلغ 66 سنة، ولكنّ سرعة التعويض قد تكون أعلى من ذلك في بعض المناطق".
إن المقدار الذي يستطيع تعويضه إعادةُ نمو الغابات الاستوائية بعد إزالة الغابات - لأسباب طبيعية كالحرائق والفياضانات، أو بسبب الإنسان كالاحتطاب وتنظيف الأراضي للزراعة- لا يعتبر فقط نصراً لحسابات امتصاص الكربون، بل إنه نصرٌ بيئي عظيم.
كتبت ليتشير: "تستطيع الغابات الثانوية إيواء تنوع كبير من النباتات الشعبية الهامة التي يمكن استخدامها في تصنيع الأدوية. كما يمكن أن تستخدم كاحتياطي للمواد المستخرجَة، حيث سيمنع الجمع المحدود للأخشاب وطرائد الحيوانات ومنتجات الغابة الأخرى من استنفاذ الموارد في مناطق محميّة يتم اختيارها. إنها ستحمي تجمعات المياه وتمنع التعرية".
حذر الباحثون بأن مجرد كون الغابات الجديدة تعمل على امتصاص الكربون بكفاءة عالية، لا يعني أنه يجب علينا إزالة الغابات المعمرة. ففي النهاية، إن الكربون الذي يتجمع بشكل متسارع والذي يُحتجز عندما تكون الغابات فتية سوف يُختزن في الكتلة الحيوية، التي ستصبح في النهاية غابات معمرة كما نأمل.
كتبت ليتشر أيضاً: "إن التحول إلى التركيز على صيانة الغابات المجددة لا يجب أن يصرف الاهتمام عن الواجب المُلحّ في المحافظة على الغابات الاستوائية غير المقطوعة المتبقية. إن إزالة الغابات الاستوائية المعمرة هو مصدر رئيس لانبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن نشاط الإنسان، ويحل في المرتبة الثانية بعد استهلاك الوقود الأحفوري. يبدو جلياً أن الحفاظ على الكربون، المختزن حالياً في الغابات الاستوائية السليمة، من الانطلاق إلى الغلاف الجوي يجب أن يُعتبر أولويّة."